Archive for the ‘الامراض العصبيه و النفسيه’ Category

قلق الأطفال

جانفي 4, 2011

مقدمه

تشكل الأمراض النفسية عبئا كبيرا على مرضاها، ويعاني الأطفال، مثلهم في ذلك مثل البالغين، من المشكلات النفسية. ومن أبرز هذه المشكلات اضطراب القلق العام generalized anxiety disorder واختصارا «GAD»، وهو المصطلح الذي حددته الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال لتفسر القلق المستمر والمفرط وغير المنطقي وغير المحدد نحو شيء بذاته أو موقف معين لدى الأطفال.

وبالنسبة للأطفال مرضى القلق العام، فهم يكونون أكثر عرضة وأكثر تأثرا من أقرانهم من غير المرضى في مواجهة المواقف نفسها، حيث إن توترهم يكون أكثر كما وكيفا. فهم يقلقون حيال أدائهم المدرسي وتنافسهم مع الآخرين سواء دراسيا أو حتى رياضيا، وأيضا على سلامتهم الشخصية وسلامة أفراد العائلة، إلى جانب القلق من أحداث مستقبلية مثل الزلازل أو حدوث تغيرات مناخية عنيفة كالعواصف أو ما شابه ذلك.

وقد يتمكن المريض من تجاهل القلق، ولكن تبقى المشكلة في عدم القدرة على التحكم فيه لأن الأطفال المصابين بالقلق العام يمرون بأوقات صعبة في محاولة إيقاف أو تهدئة القلق بداخلهم، وهذا يمكن أن يؤثر بالضرورة على أدائهم الدراسي أو سلوكهم العام، بالإضافة إلى الإحساس بعدم الأمان؛ حيث تتملكهم رغبة دائمة في الحصول على مشاعر الطمأنينة والأمان، مما يؤثر على نمو شخصياتهم وعلاقتهم الاجتماعية.

قلق الأطفال

* يبدو هؤلاء الأطفال غالبا مطيعين جدا ويسعون دائما نحو الكمال، وهم في حالة نقد دائم لأنفسهم، وغالبا ما يكونون مصرين على فعل الأشياء نفسها عدة مرات، مهما كانت هذه المهام بسيطة، لكي يتأكدوا أن المهمة قد أديت على أكمل وجه. وهم يقومون بهذا الأداء التكراري لكي يتمكنوا من خلق خط دفاعي لأنفسهم في مواجهة التوتر والقلق الدائم لديهم حيال أدائهم أمام الآخرين.

وينتشر القلق بنسبة ليست قليلة بين الأطفال؛ إذ تشير أحدث الدراسات الأميركية إلى وجود القلق بنسبة تتراوح بين 2.9% إلى 4.6% بين الفئة العمرية من 12 وحتى 17 عاما، وبشكل أقل حدة في الفئة العمرية من 5 إلى 11 عاما.

والأطفال والمراهقون من مرضى القلق غالبا ما يعانون من القلق المصاحب لبعض الأمراض النفسية الأخرى، مثل الوسواس القهري أو المخاوف غير المبررة. وتميل اضطرابات القلق إلى عدم الاستقرار مع الزمن، أي إن الطفل يظل في حالة معاناة دائمة مع القلق لمدة طويلة، ولكن ليس بالضرورة للسبب نفسه.

واضطراب القلق مشكلة كبيرة وخطيرة تواجه الأطفال والمراهقين، ويدرك العلماء الآن أنه بالإضافة إلى التأثير البالغ السوء على حياة الطفل الاجتماعية والأكاديمية، فإنه يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة طويلة المدى، خاصة إذا صاحب القلق اضطراب نفسي آخر مثل الاكتئاب، حيث يرفع ذلك من معدلات محاولات الانتحار.

أسباب القلق

* هناك عوامل متعددة تؤدي إلى القلق، مثل العوامل العائلية والعوامل البيئية. وقد أظهرت الأبحاث أن هناك علاقة بين الآباء الذين يعانون من القلق وبين التغير في سلوك الطفل، حيث يصبح الطفل عرضة أكبر للإصابة من خلال وجوده الدائم مع نموذج للسلوك المتوتر، وبالتالي يتم التحفيز بشكل غير مباشر على القلق وزيادته. كما تلعب دورها أيضا الأحداث المحيطة بالطفل، مثل المشكلات التي تواجه الأسرة سواء مادية أو خلافات عائلية أو خبرات صادمة، كوفاة أحد الأقارب أو وقوع الطلاق بين الأبوين، وكذلك سلوك النهي والنهر المتواصل من الآباء لأخطاء بسيطة، الذي يضع الطفل في حالة قلق دائم. ولذلك، فإن دور الأسرة بالغ الأهمية في تفهم حالة القلق لدى الأطفال.

أعراض القلق

* وفضلا عن الألم النفسي لمرضى القلق، قد يعاني معظم المرضى من آلام جسدية، مثل سرعة التنفس وسرعة ضربات القلب والعرق والغثيان وبرودة اليدين وصعوبة البلع أو الإحساس بوجود شيء ما في الحلق. وكذلك تظهر أعراض تخص الجهاز الحركي بالجسم، مثل تشنجات العضلات أو تنميل أو آلام في العضلات، وأحيانا يعانى المريض من الصداع أو آلام بالمعدة. ولكن ينبغي إدراك أن هذه الشكاوى ليست بالضرورة مصاحبة للقلق، ويجب التعامل معها على أنها شكاوى جسدية حتى يتم تشخيص القلق.

تشخيص القلق

* يتم عن طريق معرفة التاريخ المرضي بعناية من العائلة، والسؤال عن تاريخ عائلي للقلق أو الاعتلال النفسي لأحد الوالدين، وكذلك جلسات متابعة مباشرة مع الطفل وملاحظة سلوكه والسؤال عن أدائه الدراسي والاجتماعي مع أقرانه.. مع الأخذ في الاعتبار التفرقة بين الأعراض الجسدية للقلق وبعض الأمراض الأخرى، مثل زيادة نشاط الغدة الدرقية أو قرحة المعدة. ويجب عدم تشخيص المرض إلا عند وجود خصائص معينة منها:

– قلق زائد ومستمر لفترة تتجاوز 6 أشهر تفاعلا مع أحداث مختلفة.

– الصعوبة في السيطرة على القلق.

– وجود عرض آخر مصاحب للقلق مثل الأرق أو الإرهاق أو ضعف التركيز.

– الانزعاج والاعتلال من دون سبب واضح أو مشكلة طبية محددة.

كذلك من المهم جدا التمييز بين القلق بشكله المرضي والقلق المنطقي، فمثلا القلق بمناسبة امتحان مدرسي أو مباراة رياضية معينة أو ظرف معين لا يعتبر مرضيا بطبيعة الحال، ولكن القلق الطبيعي يزول بزوال المؤثر.

علاج القلق

* يتم علاج القلق بعدة طرق منها:

* العلاج النفسي بمعرفة الطبيب المختص، عن طريق جلسات متعددة مع الطفل للتخلص من القلق وتعلم الاسترخاء النفسي، وكذلك تدريبه على معرفة المؤشرات الجسدية المصاحبة للقلق.. كما أن من المهم جدا مشاركة الآباء في العلاج، حيث إن وجود العائلة يساعد على تحسين تفاعل الطفل مع القلق ومحاولة حل المشكلات. ويجب على الأسرة توفير الجو والبيئة الخالية من التوتر والمشاحنات، ومنح الطفل الثقة بنفسه وبالآخرين، وكذلك تعلم مواجهة المشكلات ومحاولة حلها.

* العلاج الدوائي، الذي يفضل أن يصاحب العلاج النفسي. ومن أهم هذه الأدوية مضادات الاكتئاب، خاصة المثبطة لإعادة امتصاص السيروتونين بشكل انتقائي selective serotonin reuptake inhibitor (ssri) التي تعتبر الخط العلاجي الأول. وهذه الأدوية تعالج القلق بنجاح، ولكن يجب التعامل معها بحرص شديد، والالتزام بالجرعة والطريقة التي يحددها الطبيب، لأن لمثل هذه الأدوية أعراضا جانبية خطيرة، وإذا تم استخدامها بشكل غير مختص قد تؤدى إلى الانتحار خاصة في مرضى الاكتئاب، أو التعود، خاصة لدى المراهقين. وكذلك يجب عدم توقفها إلا بشكل تدريجي حسب الوقت الذي يقرره الطبيب.

* العلاج الغذائي؛ إذ يجب الإقلال من المواد التي تحتوي على الكافيين، مثل الشاي والكولا.

* التمارين الرياضية، التي تقلل من القلق وتزيل التوتر.

ويتم متابعة المريض بشكل دوري كل أسبوع في العيادة الخارجية لمدة تتراوح بين 3 إلى 5 أشهر، مع استمرار الجلسات العلاجية للطفل والوالدين وتوعيتهم بضرورة تناول العلاج بانتظام، وكذلك مخاطر القلق. يذكر أنه كلما بدأ علاج القلق مبكرا، زادت نسب التحسن والشفاء.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

التدخين السلبي

ديسمبر 24, 2010

مقدمه

أكد تقرير صدر أخيرا برعاية من منظمة الصحة العالمية مسؤولية التدخين السلبي (Scond-hand Smoke) المباشرة في وفاة نحو 1 في المائة من إجمالي الوفيات السنوية حول العالم، وهو ما يناهز أكثر من 600 ألف شخص كل عام، بينهم ما لا يقل عن نحو 165 ألف طفل.

smoke

التقرير المثير للذعر، الذي أفردت له دورية «لانسيت» The Lancet مساحة مطولة على موقعها الإلكتروني في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قبيل نشره في طبعتها الورقية لاحقا، أوضح حقائق تتعلق بالتدخين السلبي للمرة الأولى، إذ كان الغموض والشكوك تحيط بحجم المخاطر المترتبة على التعرض للتدخين السلبي، والتي شهدت الكثير من الجدل على مدى عدة أعوام ما بين تأكيدات على مخاطرها، وتهوين من أمرها.

ولكن الدراسة التي أجراها عدد من العلماء والباحثين، ينتمون إلى مؤسسة كارولينسكا السويدية وجامعة أولو الفنلندية وجامعة أوكلاند النيوزيلاندية تحت إشراف ومشاركة جادة من منظمة الصحة العالمية، وتناولت بجدية شديدة عددا من الإحصاءات والدراسات التي تمت تحت إشراف المنظمة وهيئات دولية أخرى منذ عام 2004، التي اشتملت على بيانات صحية مؤكدة تخص 192 دولة حول العالم، أكدت على مخاطر التدخين السلبي بأرقام واضحة لا تدع مجال للشك في حقيقة الأمور.

تدخين سلبي

* وأشارت الدراسة إلى أن ما يوازي 1 في المائة من إجمالي تعداد حالات الوفاة السنوية على مستوى العالم نتيجة الآثار المترتبة على التدخين السلبي، وقسمت الدراسة حالات الوفاة إلى فئات، اشتملت على نحو 379 ألف حالة وفاة جراء الإصابة بأمراض قصور وظائف القلب ونقص التروية القلبية Ischaemic heart diseases، ونحو 165 ألفا جراء الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي السفلي lower respiratory infections، و36.9 ألف جراء الإصابة بأمراض الربو asthma، و21.5 ألف جراء الإصابة بالسرطان، ليفوق الإجمالي 600 ألف حالة وفاة، وهو ما يمثل نحو 1 في المائة من إجمالي تعداد الوفيات السنوية حول العالم، والتي يمكن تجنبها (أو خفضها على أقل تقدير).

وأظهرت الدراسة أن 40 في المائة من الأطفال حول العالم معرضون لخطر الوفاة جراء التعرض للتدخين السلبي، في حين أن نسبة نحو 35 في المائة من السيدات و33 في المائة من الرجال معرضون لذات المخاطر على الترتيب.

كما أشارت الدراسة إلى أن أكثر الأشخاص عرضة للتدخين السلبي يتركزون في دول شرق أوروبا وغرب المحيط الهادئ وجنوب شرقي آسيا، بما يفوق نسبته الخمسين في المائة، ولكن الدراسة ذاتها أوضحت أن أعلى معدلات الوفاة مسجلة في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا، حيث سجلت نحو 60 في المائة من إجمالي حالات الوفاة في فئة الأطفال.

آثار مدمرة

* وفيما يخص إجمالي حالات الوفاة ومعدل السنوات المخصومة من الحياة الصحية (وهي السنوات التي يقضيها الإنسان في عناء، جراء الإصابة بالأمراض المزمنة) السنوية حول العالم «Deaths and Disability-Adjusted Life-Years» DALYs، تقول الدراسة إن التدخين السلبي وحده مسؤول عما يقدر بنحو 0.7 في المائة من تلك النسب، إذ وصل إجمالي تلك الحالات (الناجمة عن التعرض للتدخين السلبي) إلى نحو 11 مليون شخص في عام 2004.

وأوضحت الدراسة كذلك أن نسب وفيات الأطفال جراء التعرض للتدخين السلبي ترتفع بالمجتمعات الفقيرة إلى المتوسطة أكثر من المجتمعات الغنية، وهو ما يبرر ارتفاع تلك النسب في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا أكثر من الدول الأوروبية والأميركتين، معللة ذلك بنقص الرعاية الصحية العام في المجتمعات الأكثر فقرا. بينما تزداد معدلات الوفاة جراء التعرض للتدخين السلبي في فئة البالغين، وخاصة بين السيدات، في الدول الأكثر تقدما.

وأكدت الدراسة أيضا أن نحو 1.2 مليار مدخن حول العالم، يعرضون ما لا يقل عن 1.8 مليار شخص من غير المدخنين لآثار التدخين السلبي الضارة والقاتلة (حسب تقديرات عام 2004، والتي زادت بالتأكيد في السنوات الست الأخيرة).

ولم تهمل الدراسة أيضا الإشارة إلى أن أكثر من 5 ملايين شخص يقضون نحبهم سنويا جراء التدخين الإيجابي، ليصبح إجمالي عدد الوفيات الناجم عن التدخين بشقيه نحو 5.7 مليون حالة وفاة سنويا (وفقا لإحصاءات عام 2004).

وأكد القائمون على الدراسة ضرورة اتخاذ الحكومات لإجراءات أكثر صرامة تجاه التدخين، حيث إن نسبة لا تزيد على 7.4 في المائة من سكان العالم فقط هم الذين يتمتعون بالحياة في مجتمعات خالية من التدخين بحكم القوانين.

ووضع الخبراء ثلاث نقاط أساسية في إطار مكافحة مغبة التعرض لمخاطر التدخين السلبي، أولها التدعيم الفوري لاتفاقيات مكافحة التدخين لخلق مجتمعات خالية من آثاره المدمرة، التي تشمل عدة عوامل من أهمها رفع الضرائب المستحقة على منتجات التبغ، وحظر وتجريم الإعلان عن تلك المنتجات. وثانيا البدء في برامج وسياسات التوجه إلى منازل آمنة خالية من التدخين في المجتمعات التي طبقت بالفعل قوانين حظر التدخين بالأماكن العامة. وثالثا حتمية التخلص من خرافة أن المجتمعات النامية يمكنها تأجيل البدء في استراتيجيات حظر التدخين بالأماكن العامة لحين تمكنها من حل مشكلات الأمراض المعدية أولا، حيث إن التدخين (الإيجابي والسلبي) لا يقل خطورة عن الأمراض المعدية، ويجب بالضرورة مكافحة الاثنين معا.

* الأطفال والبالغون في مصر والعراق يتضررون أكثر من السعودية وسورية

* بالنسبة للإحصاءات الواردة في تقرير منظمة الصحة العالمية لمنطقة إقليم شرق المتوسط (والتي شملت معظم الدول العربية)، فقد صنفت المنظمة كلا من البحرين والأردن والكويت ولبنان وليبيا وسلطنة عمان وقطر والسعودية وسورية وتونس والإمارات العربية المتحدة ضمن الفئة B (وهي الفئة التي سجلت أعدادا منخفضة من الوفيات في كل من مرحلة الطفولة والبالغين). فيما صنفت جيبوتي ومصر والعراق والمغرب والصومال والسودان واليمن ضمن الفئة D (وهي الفئة التي سجلت أعدادا مرتفعة من الوفيات في كل من مرحلتي الطفولة والبالغين)، في حين ضم إقليم أفريقيا كلا من الجزائر وموريتانيا في الفئة D.

وقال التقرير إن الفئة B في إقليم شرق المتوسط تشهد تعرض 38 في المائة من إجمالي تعداد الأطفال فيها إلى مخاطر التدخين السلبي، بينما تنخفض النسبة بين الرجال والنساء البالغين لتصبح 24 و25 في المائة على الترتيب.

أما الفئة D في إقليم شرق المتوسط، فتشهد تعرض 33 في المائة من إجمالي تعداد أطفالها للتدخين السلبي، مقارنة بـ21 و35 في المائة من الرجال والسيدات على الترتيب.

في حين أن الفئة D بإقليم أفريقيا تشهد تعرض 13 و7 و11 في المائة من إجمالي تعداد سكانها من الأطفال والرجال والنساء لمخاطر التدخين السلبي على الترتيب.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

الكلام والمشي والأحلام وأفعال أخرى اثناء النوم

ديسمبر 19, 2010

مقدمه

يذهب أحدنا إلى حجرة النوم ويستلقي على السرير لـ«استجلاب» نوم «يملأ الجفون»، وللاستمتاع بـ«سبات عميق» من الراحة الجسدية والعقلية. فهل تجري الأمور كذلك؟ وبعد ذلك، فإن من آخر الأمنيات التي تمر بأحدنا خلال «غلبة النعاس» عليه، أن يستيقظ من سريره بهدوء وفي الوقت الذي يرجوه، وهو مفعم بالحيوية والنشاط عند مغادرة السرير. فهل يحصل لنا بالفعل ذلك؟

دعونا من هذه الأسئلة، ولنطرح أسئلة أخرى: حينما نذهب إلى السرير لننام، وننجح في «الغياب الاختياري» عن الوعي، ما الذي يحصل فينا بالضبط؟ وما الذي تمر به أجسامنا وعقولنا خلال تلك الفترة؟ وحينما نغيب عن الوعي بشكل اختياري لفترة مؤقتة، هل ينام جسمنا وعقلنا بالفعل أم إن هناك نشاطا عقليا وجسديا نقوم به؟ وهل كل الناس حينما ينامون تسكن وتهدأ أجسامهم وعقولهم عن أي أفعال يمكن أن يقوم بها المستيقظ؟ والأهم هو: ما الاضطرابات التي قد تعتري البعض خلال فترة نومه؟ وهل منها ما قد يضر الآخرين ولا يحاسَب عليها النائم عند استيقاظه؟

ولنتقدم قليلا في الأسئلة بشكل علمي ودون الدخول في علم الفلسفة: هل وجود المرء كإنسان في الحياة، يقسم إلى يقظة ونوم، أم إن «حركة العين السريعة» مصطلح طبي أخذ يشق طريقه بقوة ليقسم وجودنا إلى ثلاث مراحل منفصلة تماما بدلا من مرحلتين؟

وكثيرا ما نسمع عن «الكلام أثناء النوم» أو «أحلام اليقظة» أو «المشي أثناء النوم» أو «ذعر رعب النوم» أو «الكوابيس الليلية» أو «جرش الأسنان أثناء النوم»، ولكنها ليست نهاية القصة في مسلسل الاكتشافات الطبية لأنواع غاية في الغموض من أنواع اضطرابات النوم، خاصة ما يتعلق منها بالسلوكيات الجنسية أو البدنية العنيفة أو الكلامية البذيئة والقاسية.

* نظرة الطب للنوم

* المطلوب في شأن النوم، أن ننام بسهولة في كل ليلة من أيام حياتنا، وأن نستيقظ مرتاحين. ولكن البعض منا يعانون فيه، مما يجعل النوم أحد المواضيع الحساسة والمهمة التي تحتاج إلى فهم واستيعاب لما هو طبيعي في النوم، وما هو غير طبيعي، ومعرفة أنواع اضطرابات النوم وضوابط تشخيصها، وتبعات معالجتها أو إهمالها.

بداية، ينظر الطب اليوم إلى النوم بطريقة مخالفة لما كان سائدا في الأوساط الطبية قبل عدة عقود، وعلى الرغم من الجهود العلمية الواسعة في محاولات فهمه، فإن الطب لا يزال يعترف بأنه يجهل الكثير عن أسراره. وتحت عنوان «النوم نشاط ديناميكي» يشير الباحثون في «المعهد القومي الأميركي للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية» إلى أن الوسط الطبي، وعموم الناس، كانوا حتى خمسينات القرن الماضي يرون النوم جزءا سلبيا وجامدا، يستغرق المرء فيه في الرقاد والسبات خلال فترة من اليوم. إلا أننا اليوم نعلم أن الدماغ وأجزاءه تعمل بنشاط كبير جدا خلال فترة النوم، وأنه يؤثر على أدائنا العملي بشقيه البدني والذهني، وعلى صحتنا الجسدية والعقلية من خلال كثير من الآليات التي نعلم الشيء البسيط عنها.

* تقسيم اضطرابات النوم

* من أهم مراجع تصنيف «اضطرابات النوم» التي يتم الاعتماد عليها في العرض، هو «التقسيم الدولي لاضطرابات النوم» ICSD الصادر عن الرابطة الأميركية لاضطرابات النوم ASDA. وكذلك «كتاب المراجعة الرابعة للاضطرابات العقلية» DSM-IV-TR الصادر عن الرابطة الأميركية للطب النفسي APA. إضافة إلى مسودة المراجعة الخامسة التي صدرت بشكل مبدئي في مايو (أيار) الماضي، والتي لم تعتمدها نهائيا بعد، الرابطة الأميركية للطب النفسي.

ومفاد ما تقوله هذه المصادر، أن الطب يقسم اضطرابات النوم إلى فرعين كبيرين. فرع يسمى «اضطرابات نوعية النوم» dyssomnias، وفرع ثان يسمى «اضطرابات مرافقة للنوم» parasomnias.

* الفرع الأول، «اضطرابات نوعية النوم»، يتميز بشكل رئيسي بالشكوى من صعوبات الدخول في النوم أو الشكوى من صعوبات البقاء فيه للفترة التي يحتاجها الجسم في كل يوم، بحسب عمر الشخص. وغالبا لا علاقة لها بما يعرف بـ«مراحل النوم» التي نمر بها خلال نومنا. ويقسم الفرع الأول إلى ثلاث مجموعات رئيسة، تضم تحتها أكثر من 30 نوعا من اضطرابات النوم.

1- المجموعة الأولى تسمى الاضطرابات الداخلية لنوعية النوم Intrinsic sleep disorders، وهي 12 نوعا، مثل انقطاع التنفس أثناء النوم sleep apnea ومتلازمة السيقان المضطربة restless legs syndrome وخدار «ناكروليبسي» narcolepsy وفرط النعاس بالنهار hypersomnia وغيرها.

2- المجموعة الثانية تسمى الاضطرابات الخارجية للنوم Extrinsic sleep disorders، وهي 13 نوعا، مثل اضطرابات النوم الناجمة عن تناول الكحول، وأرق الحساسية من الأطعمة، وروتين النوم غير الكافي وغيرها.

3- المجموعة الثالثة تسمى اضطرابات النوم الناجمة عن اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية Circadian rhythm sleep disorders، وتشمل عوامل داخلية وخارجية، وهي 6 أنواع، مثل اضطراب النوم بعد السفر الطويل «جيت لاغ»، اضطراب نوم ورديات، مناوبات) العمل الليلي، متلازمة تبكير مرحلة النوم advanced sleep phase syndrome، متلازمة تأخير مرحلة النوم delayed sleep phase syndrome، وغيرها.

* أما الفرع الثاني، أي «اضطرابات مرافقة للنوم»، فيتميز بوقوع حركات أو سلوكيات أو تفاعلات عاطفية أو أحلام أو إدراك أشياء، وذلك بصفة غير طبيعية وغير معتادة، من قبل الشخص النائم خلال استغراقه في فترة نومه. وترتبط بـ«مراحل النوم». وغالبيتها عبارة عن انفصال وقتي عن حالة النوم، وتكون بهذا حالة من «الإفاقة الجزئية» خلال سبات النوم، وذلك في الفترات الانتقالية التي يمر بها النائم أثناء تنقله بين مرحلة وأخرى من «مراحل النوم» التي سيمر بنا عرضها. ولذا لا يمكن إدراك أنواع «الاضطرابات المرافقة للنوم» إلا بمعرفة مراحل النوم التي يمر بها كل واحد منا خلال نومه.

* خمس مراحل للنوم

* النوم هو حالة من الفقد الاختياري للوعي. وخلاله نمر عادة بخمس مراحل. وتتميز المراحل الأربع الأولى منها، بعدم وجود «حركة العين السريعة» NREM sleep. أما المرحلة الخامسة فهي التي تحصل فيها «حركة العين السريعة» rapid eye movement (REM).

المرحلة الأولى من النوم stage 1 هي مرحلة «النوم الخفيف». وهي مرحلة نكون خلالها قابلين لكي ندخل أو نخرج من النوم بسهولة، أي يسهل إيقاظنا فيها، كما يسهل علينا خلالها أن ندخل في المراحل التالية من النوم.

وفي هذه المرحلة، تتحرك أعيننا ببطء شديد. وتبدأ عضلات الجسم في الاسترخاء، ويكون نشاطها بطيئا. وإذا ما تم إيقاظ المرء خلال هذه المرحلة، فإنه قد يتذكر أجزاء أو بعضا من مكونات صور بصرية مرت به خلالها. وخلال هذه المرحلة قد تحصل لدى البعض حركات مفاجئة من الانقباضات العضلية hypnic myoclonia، خاصة في الساقين أو اليدين، يعقبها استرخاء عضلي ذو صفة مريحة وشعور بالبدء في الاستغراق والخلود إلى نوم مريح.

وحينما ندخل في المرحلة الثانية من النوم stage 2، تتوقف حركة العينين. وتبدأ في البطء حركة الموجات الكهربائية السارية في الدماغ، وتتخللها من آن لأخر، وبشكل مفاجئ، موجات كهربائية سريعة.

* النوم العميق

* وفي المرحلة الثالثة stage 3، تصبح موجات كهرباء الدماغ بطيئة جدا، وذات حجم كبير، وتدعى «موجات دلتا» delta waves. ولكن أيضا قد تحصل من آن لأخر موجات كهربائية صغيرة وسريعة خلال فترة المرحلة الثالثة من النوم.

وتتطور الأمور بالوصول إلى المرحلة الرابعة من النوم stage 4، التي يسكن ويهدأ فيها نشاط كهرباء الدماغ، ولا تحصل فيه إلا «موجات دلتا» البطيئة فقط. ولذا، فإن المرحلة الثالثة والرابعة هي ما تعتبر طبيا «مرحلة النوم العميق» deep sleep، التي من الصعب جدا إيقاظ النائم خلالهما، وإذا ما أفاق الشخص خلالهما فإنه يمر بفترة من فقد الإحساس بالزمان والمكان والشعور بالترنح، وهو ما يستمر بضع دقائق وصولا إلى الإفاقة التامة من النوم. ومن الناحية البدنية، لا تكون هناك حركة في العينين خلال المرحلة الثالثة والرابعة، كما تكون العضلات مسترخية تماما ولا نشاط فيها. وخلال هاتين المرحلتين من النوم العميق، قد يحصل التبول الليلي، أو المشي أثناء النوم، أو الرعب الليلي للكوابيس، خاصة لدى الأطفال.

* نوم «حركة العين السريعة»

* وعندما ندخل في المرحلة الخامسة، أو مرحلة نوم «حركة العين السريعة»، فإن التنفس يصبح أسرع وأكثر اضطرابا وذا مدى غير عميق في أخذ النفس إلى الرئتين. وتتسارع نبضات القلب مقارنة بالمراحل السابقة في النوم. وكذا يرتفع نسبيا مقدار ضغط الدم. وتبدأ العينين بالحركة السريعة في كل الاتجاهات. وتصبح عضلات الأطراف العلوية والسفلية مشلولة بشكل مؤقت. ولدى الرجال يحصل انتصاب العضو الذكري، الذي ترى المصادر الطبية أنه مهم للحفاظ على حيوية العضو وقدراته على الانتصاب خلال أداء العملية الجنسية في الأوقات العادية. وخلالها أيضا تحصل الأحلام لفترات قصيرة لا تتجاوز في الغالب 5 دقائق من وقت هذه المرحلة. وحينما يتم إيقاظ النائم خلال حلمه في هذه المرحلة، فإنه قد يصف أحلاما غريبة ذات صفات غير منطقية.

دورات مراحل النوم ويتعاقب حدوث جميع هذه المراحل الخمس خلال النوم، أي بدءا من المرحلة الأولى وصولا إلى مرحلة نوم «حركة العين السريعة». بمعنى أن المرء خلال نومه الليلي أو النهاري، يمر بدورات متعاقبة من مراحل النوم، كل دورة مكونة من تتابع حدوث المراحل الخمس تلك. وما إن تنتهي دورة، حتى تبدأ الدورة التي تليها.

والدورة الواحدة الكاملة لمراحل النوم الخمس تستغرق ما بين 90 إلى 110 دقائق. وعليه، يمر الشخص الذي ينام بالليل لمدة ما بين 6 و8 ساعات، بنحو 4 أو 6 دورات كاملة من مراحل النوم الخمس. وغالبا ما تحتوي الدورة الأولى، من مراحل النوم، على فترة قصيرة لمرحلة نوم «حركة العين السريعة». ثم في الدورات التالية خلال فترة النوم، تطول تدريجيا مدة هذه المرحلة الخامسة، وفي المقابل تقصر تدريجيا مرحلة «النوم العميق»، أي المرحلة الثالثة والرابعة. ليصل المرء إلى فترة نوم الصباح، أي ما قبل الاستيقاظ من النوم الليلي، وهو يقضي معظم فترة الدورة في المرحلة الأولى والثانية ومرحلة «حركة العين السريعة»، أي تتلاشى مرحلة «النوم العميق».

وكبالغين، نمضي عادة 50% من الوقت الكلي للنوم في المرحلة الثانية، ونحو 20% في مرحلة «النوم العميق» للمرحلة الثالثة والرابعة، ونحو 20% في مرحلة نوم «حركة العين السريعة». وفي المقابل يمضي الأطفال الرضع والصغار نحو 50% من الوقت الكلي للنوم في مرحلة نوم «حركة العين السريعة». أما الرجال أو النساء، في ما فوق سن 55 من العمر، فتقل نسبة مرحلة «النوم العميق»، إلى درجة التلاشي لدى البعض منهم. ولذا يكون الشخص في هذا السن أسرع استيقاظا، وأكثر تأثرا بالضجيج وبحرارة الجو، ولذا يغدو النوم خفيفا وغير عميق، ويمسى أكثر تقطعا، ما يعرضه للنعاس خلال النهار.

«اضطرابات مرافقة للنوم» وهذه الاضطرابات المرافقة للنوم Parasomnias هي أمور غير طبيعية ذات مظاهر سلوكية ذهنية أو وظيفية جسدية، تحدث خلال فترة الاستغراق في النوم. وقد تكون أفعالا حركية أو إصدارات صوتية أو سلوكيات أو ظواهر عاطفية أو أحلاما أو أشكالا أخرى للإدراك الحسي.

ولا يزال هناك اختلاف واسع في تقسيم أنواع الاضطرابات المرافقة للنوم. ويصنف «كتاب المراجعة الرابعة للاضطرابات العقلية» DSM-IV-TR الصادر عن «الرابطة الأميركية للطب النفسي» APA إلى أربع مجموعات، هي: اضطرابات ذعر رعب النوم sleep terror disorder، واضطرابات الكوابيس الليلية nightmare disorder، واضطرابات المشي أثناء النوم sleepwalking disorder، واضطرابات أخرى مرافقة للنوم غير محددة.

في حين يرى «التقسيم الدولي لاضطرابات النوم» ICSD الصادر عن «الرابطة الأميركية لاضطرابات النوم» ASDA تقسيمها إلى ثلاثة أنواع؛ النوع الأول يحدث في فترة مراحل النوم التي تتميز بعدم وجود «حركة العين السريعة» NREM sleep، أي خلال المراحل الأربع الأولى من النوم. والنوع الثاني يحصل في فترة نوم «حركة العين السريعة»، أي المرحلة الخامسة. والنوع الثالث يحصل دون أي علاقة بحركة العين خلال النوم.

وعليه، يشمل النوع الأول من الاضطرابات المرافقة للنوم كلا من: ارتباك وتشويش الاستيقاظ Confusional arousal. المشي أثناء النوم Sleepwalking، جرش أو طحن الأسنان أثناء النوم Bruxism، ذعر رعب النوم Sleep terror disorder.

ويشمل النوع الثاني من الاضطرابات المرافقة للنوم كلا من: اضطرابات الكوابيس الليلية nightmare disorder، و«اضطرابات سلوكيات نوم عين حركة العين السريعة» REM Sleep Behavior Disorder، وتأوهات النوم Catathrenia التي تحدث كأصوات مخنوقة خلال مرحلة الزفير فقط من عملية التنفس، أي بخلاف أصوات الشخير الذي يحدث خلال فترة الشهيق بشكل أقوى وأوضح.

ولا يزال الموضوع الأكثر إثارة وجدلا في اضطرابات النوم المرافقة، التي تحدث خلال فترة حركة العين السريعة، خاصة بين الأوساط الطبية العلمية والأوساط القضائية، وفي السنوات القليلة الماضية بالذات، هو اضطرابات النوم الجنسية أو «سيكسومانيا» sexsomnia.

* فهم اضطرابات النوم

* الطب لا يعلم بدقة حتى اللحظة، حقيقة مدى تأثيرات اضطرابات النوم على الجسم وعلى الدماغ، في المدى القريب والمتوسط والبعيد. ولكن هناك قناعة علمية قوية بأن نيل قسط كاف ومريح من النوم الليلي يوميا، هو أمر مهم جدا لضمان استمرارية عمل الجسم بصحة خلال حياة الإنسان. وهذا هو السبب الرئيسي وراء اهتمام الطب باضطرابات النوم.

وعلى سبيل المثال، فإن الحديث عن تأثيرات اضطرابات «نوعية النوم» على صحة الإنسان لا يطال فقط معاناة النعاس وعدم الراحة خلال النهار أو الليل، ولا التأثيرات السلبية للحبوب المنومة على الجسم والدماغ حال النوم وحال الاستيقاظ، بل ثمة دراسات تربط بشكل علمي بين هذه الاضطرابات في «نوعية النوم» وبين الإصابة بأمراض السكري والسمنة وارتفاع ضغط الدم والإصابة بنوبات الجلطة القلبية أو السكتة الدماغية.

والمشكلة ليست هي في اضطرابات «نوعية النوم»، بل المشكلة الحقيقية هي في «الاضطرابات المرافقة للنوم»، كما تقدم. ذلك أن الطب لا يزال يحاول الإحاطة بأنواعها، ولم يتقدم بعد في فهم أسبابها ولا في فهم مضاعفاتها وتأثيراتها.

وتحت عنوان «الاضطرابات المرافقة للنوم» كتب في يوليو (تموز) الماضي الباحثون من كلية الطب بجامعة «رايت ستيت» في أوهايو. وكانت لهم عبارات دقيقة ومثيرة للاهتمام حول نظرة الطب إلى مراحل النوم، مما يدل على أننا وصلنا إلى أعتاب مرحلة متقدمة ومختلفة تماما عن السابق في فهم النوم وتوظيف كيفية فهم اضطراباته، وما قد يشكل بداية صحيحة لفهم اضطرابات النوم وإدراك تداعياتها ومضاعفاتها، والأهم وضع الحلول لها والتغلب عليها. وقالوا: «إن حياة الإنسان تضم ثلاث حالات مختلفة تماما في الوجود existence. وهي اليقظة wakefulness، ونوم حركة العين السريعة REM sleep، ونوم عدم وجود حركة العين السريعة NREM sleep. والنوم ليس حالة سلبية بسيطة لعدم اليقظة، بل هي مرحلة يحصل فيها نشاط مكثف ومركز للجهاز العصبي المركزي لإعادة التنظيم والترتيب. وهناك تداخل وتشابك overlap في ما بين المراحل الانتقالية transition لعبور الإنسان بين تلك المراحل الثلاث لوجوده. ويتطلب الانتقال بين المراحل الثلاث لوجود الإنسان، عمليات لا بد منها لإعادة توقيف وإعادة تشغيل عدد كبير من الشبكات العصبية وأنظمة المواد الكيميائية التي تعمل كالمراسلين بين الخلايا العصبية neurotransmitters، كي ننتقل بهدوء وراحة من مرحلة لأخرى. وفي فترة الانفصال الانتقالية تحصل غالبية الاضطرابات المرافقة للنوم. وعلى سبيل المثال، فإن تطفل حصول «مرحلة نوم حركة العين السريعة» ودخولها بشكل مفاجئ على مرحلة الاستيقاظ يؤدي إلى حصول حالة «جمود كاتابلكسي عجز اليقظة» cataplexy أو «أحلام اليقظة» wakeful dreaming». وأضافوا بالقول: «أن آلية حصول الاضطرابات المرافقة للنوم لا تزال مجهولة»، وتحدثوا مطولا في شرح النظريات المطروحة خلال الستين عاما الماضية، التي لا تزال تدور من حلقة لأخرى، من دون الوصول بعد إلى حقيقة فهم آليات تلك الاضطرابات.

* عدم الوضوح العلمي الطبي في كيفية تشخيص الحالة وتأكيد الإصابة بها.

* الكلام أثناء النوم الكلام أثناء النوم somniloquy حالة يتكلم النائم فيها بصوت مسموع. والوصف الطبي يشمل إصدار النائم أصواتا لكلام؛ إما يكون مفهوما للسامع أو غير مفهوم له. وهي من الحالات الشائعة بين الذكور والإناث على السواء، لأن الإحصاءات الطبية تذكر أن نحو 50% من الأطفال يتكلمون أثناء نومهم. وتقل النسبة إلى حد 5% لدى البالغين، وأيضا بشكل متساو بين الذكور والإناث.

ويشير الباحثون في «الأكاديمية الأميركية لطب النوم» AASM إلى أن الكلام أثناء النوم قد يحصل إما بذاته كحالة منفصلة لا علاقة لها بأي اضطرابات نفسية أو بدنية، أو إنه يحدث ضمن علامات أحد أنواع اضطرابات النوم، مثل «المشي أثناء النوم» أو «ذعر رعب النوم»، خاصة إذا حدث الكلام خلال فترة «نوم حركة العين السريعة» واشتبه هذا الكلام بحالة «تأوهات أنين النوم»، ذلك أن غالبية حالات «الكلام أثناء النوم» هي في مراحل النوم التي تتميز بعدم حصول حركة العين السريعة.

ويقولون إنه من غير الواضح ما إذا كان الكلام أثناء النوم مرتبطا بأحلام يراها النائم، أو إنه يحصل من دون أن يكون النائم حينها يحلم. وبالإضافة إلى هذا، يشير الباحثون من الأكاديمية المتقدمة الذكر إلى أنه ربما تكون هناك علاقة للوراثة بالأمر، ذلك أن الحالة قد تحدث في بعض العائلات من دون غيرها. كما أن الحالة قد تحدث بشكل أعلى لدى من لديهم في الأصل اضطرابات في النوم، أو لديهم اضطرابات صحية أو لديهم اضطرابات نفسية أو يتعاطون أنواعا من المخدرات، خاصة إذا كان الكلام أثناء النوم يتضمن كلاما بذيئا أو قاسيا أو ذا صفة انفعالية أو ذا أسلوب مسرحي. وحينها قد يتطلب الأمر مراجعة الطبيب المختص في طب النوم. أو حينما يتأذى نوم شريك الحياة أو نوم المصاب بالحالة. ولكن في الغالب، كما يقول الباحثون في الأكاديمية الأميركية لطب النوم، إن هذه الحالة غير مؤذية، ولا يحتاج الأمر إلى أي فحوصات أو معالجة دوائية.

* ذعر رعب النوم

* ذعر رعب النوم Sleep terror disorder، هو أحد «اضطرابات النوم المرافقة» المتعلقة بحالة اليقظة، ويحصل في مرحلة النوم العميق، أي إما المرحلة الثالثة أو الرابعة. ويظهر ذعر الرعب الليلي كحالة متطرفة جدا من الفزع المسعور والصراخ بصوت عال أثناء النوم، يعقبه القيام بحركات عضلية مثل ضرب الأشياء والتحرك والمشي بلا هدى هنا وهناك في غرفة النوم. وتكون الحالة مصحوبة بزيادة نبض القلب وزيادة معدل التنفس وزيادة إفراز العرق وزيادة انقباض العضلات، وربما يتبول على نفسه.

وخلال الحالة، لا يستجيب المصاب للمنبهات الخارجية من الأشخاص حوله، وحينما يبدأ في الإفاقة، يكون مشوش الذهن وفاقدا للإحساس بتمييز المكان والزمان الذي هو فيه، ولا يتذكر ما حصل منه وجرى له، والأهم أنه لا يتذكر وجود حلم أثناء نومه. وتنبه المصادر الطبية إلى أنه ينبغي الحذر من التعرض للمصاب خلال تلك النوبة، لأنه قد يؤذي غيره بعنف من دون أي قصد.

وتشير إحصاءات الولايات المتحدة إلى أن الأطفال الذكور أكثر عرضة للمعاناة من هذه الحالة مقارنة بالأطفال الإناث، أما بين البالغين فتتساوى الاحتمالات بين الذكور والإناث. وتتراوح نسبة الإصابة بها بين الأطفال بين 1 و6%، وبين البالغين تبلغ 1%.

* الاضطرابات الجنسية في النوم

* ظهر عام 1996 لأول مرة الحديث الطبي عن «الاضطرابات الجنسية في النوم»، من خلال أول دراسة طبية عنها للباحثين من جامعتي تورنتو وأوتاوا في كندا، وتصنيفهم لها ضمن مجموعة «اضطرابات مرافقة للنوم». ومنذ ذلك التاريخ صدرت العشرات من الدراسات حولها. وظهر مصطلح «سيكسومانيا» لوصف الحالة لأول مرة عام 2003 ضمن دراسة تم نشرها في المجلة الكندية للطب النفسي Canadian Journal of Psychiatry.

والحالة توصف بأنها انفصال جسدي نفسي يحصل خلال فترة النوم، وتحديدا «نوم حركة العين غير السريعة». أي في مراحل النوم العميق للمرحلة الثالثة والرابعة. وتتميز بنشاط دماغي غير طبيعي يؤدي إلى القيام بأفعال جنسية طبيعية أو غير طبيعية، معتادة للشخص في فترة اليقظة أو غير معتاد له فعلها.

وفي عدد يناير (كانون الثاني) من هذا العام في مجلة علم الأعصاب وجراحة الأعصاب الإكلينيكية Clin Neurol Neurosurg، نشر الأطباء الفرنسيون دراستهم بعنوان «سيكسومانيا: نوع غير شائع من الاضطرابات المرافقة للنوم». وقالوا: «إن (سيكسومانيا) نوع معين من الاضطرابات المرافقة للنوم، يتميز بسلوكيات جنسية غير معتادة وغير طبيعية. وفي مدونات الأدبيات الطبية، هناك عدد قليل من هذه الحالات التي تم رصدها». وتحدثوا عن حالتين تمت متابعتها لديهما؛ الأولى لامرأة مدمنة على الكحول وتعرضت في صغرها للاعتداءات الجنسية، والثانية لرجل يتعاطى المخدرات ولديه اكتئاب. وخلال النوبات تحصل من المصاب أفعال جنسية مصحوبة بكلام بذيء، ويتعرض خلاله شريك الحياة لأنواع من الأذى. وتمت معالجتهما بنجاح بأدوية علاج الاكتئاب.

وفي عدد مايو (أيار) عام 2006 لمجلة «الطب الشرعي الإكلينيكي» J Clin Forensic Med، عرض الباحثون البريطانيون من مركز لندن للنوم، دراستهم حول «سيكسومانيا». وقالوا إن الحالة تعتبر نوعا من أنواع «المشي أثناء النوم». وغالبية المصابين بـ«سيكسومانيا» لديهم حالة المشي أثناء النوم ويوجد تاريخ عائلي لهذه الحالة.

ويتنوع السلوك الجنسي خلال نوبة هذه الحالة، ليشمل التلفظ بكلام جنسي بذيء، أو الاستمناء العنيف، أو ممارسة أفعال جنسية معقدة للإيلاج في الفم أو الدبر أو الفرج. وأشاروا إلى قضية حصلت في ديسمبر (كانون الأول) عام 2005 لرجل من مدينة يورك في بريطانيا، حيث حاول محامو الدفاع فيها اللجوء إلى ادعاء إصابة المتهم بهذه الحالة لدى محاكمته في ثلاث جرائم اغتصاب.

وتشير مصادر طب النوم أيضا إلى أن المصاب بالحالة هذه يكون في مرحلة «ارتباك وتشويش الاستيقاظ»، أي ليس مستيقظا أسوة بحالات المشي أثناء النوم. ومن النادر أن يتذكر بنفسه ما فعله لاحقا، ولذا تحصل ملاحظة الحالة من أقوال شريك الحياة عن الأمر. والأشخاص الأكثر عرضة للمعاناة من هذه الحالة، هم الذين لديهم أيضا «حالة المشي أثناء النوم»، والذين يدمنون على تناول المشروبات الكحولية ويعانون من فترات الحرمان من النوم ومن حالات «انقطاع التنفس أثناء النوم». وأن ما يثير حدوثها هو وجود الشريك مع المصاب في سرير النوم.

وهناك من يعتقد أن الأمر له علاقة بحالات نوبات الصرع التي تثير النشاط الجنسي وبلوغ مرحلة نشوة القذف orgasm. ولا يزال من غير الواضح حقيقة علاقة الأمر بالإقدام على الاغتصاب. كما لا يزال من غير الواضح علميا مدى صحة الادعاء بأنها حالة قد تؤدي إلى الإقدام لا شعوريا على ممارسة العملية الجنسية مع الغرباء.

وحتى اليوم هناك ثلاث حالات بالحكم بالبراءة لرجال متهمين في قضايا اعتداءات جنسية، في كل من كندا عام 2008، وبريطانيا عام 2007، وأستراليا عام 2010.

ولا يزال الموضوع شائكا من النواحي الطبية ومن النواحي القانونية، والسبب بالدرجة الأولى هو

* المشي أثناء النوم

* المشي أثناء النوم Sleepwalking أو somnambulism، هو أحد «اضطرابات النوم المرافقة» التي تحدث في مرحلة النوم العميق، أي إما المرحلة الثالثة أو الرابعة. ويقوم المصاب ومن دون وعي، بأداء أفعال آلية أوتوماتيكية معقدة، مثل التجول بلا هدف أو غاية، أو حمل بعض الأشياء، أو الذهاب إلى خارج غرفة النوم أو المنزل، أو أداء أفعال أخرى أشد تعقيدا. أو ربما فقط مجرد الجلوس على السرير.

ولدى إفاقة الشخص خلال الحالة هذه، قد يذكر أنه أراد الذهاب للتبول أو فعل شيء آخر. وقد يعود الشخص بهدوء إلى نومه الطبيعي. والمهم ملاحظة أن الشخص خلال هذه الحالة يكون فاتحا عينيه، أي إنه لا يقوم بتلك الأفعال مغمض العينين كما تصوره بعض الأفلام السينمائية.

وتحصل الحالة هذه بشكل متساو بين الذكور والإناث، سواء كانوا أطفالا أو بالغين. والحالة ليست نادرة، لا بين الأطفال ولا بين البالغين، ذلك أن الإحصائيات الحديثة من الولايات المتحدة تشير إلى أن التدقيق العلمي يشير إلى إصابة نحو 30% من الأطفال بأشكال مختلفة في الشدة بهذه الحالة، ومن آن لأخر، وليس فقط 5% كما كان شائعا لدى الأوساط الطبية في السابق، خاصة بين الأطفال ما بين عمر 3 إلى 10 سنوات. وتضيف الإحصائيات الحديثة تلك، أن هذه الحالة تصيب 7% من البالغين، وفي 80% منها هي استمرار لما كان الشخص يعاني منه في الصغر.

* اضطرابات الكوابيس الليلية

* اضطرابات الكوابيس الليلية nightmare disorder قد تسمى أيضا «نوبات قلق الأحلام» dream anxiety attacks. وغالبا ما تحدث في الثلث الأخير من فترة النوم الليلي. وعادة في فترة «نوم حركة العين السريعة». ويذكر المصاب خلالها الشكوى من أحلام مرعبة. ويكون حين حديثه عنها إما غاضبا أو خجولا أو متأسفا للمعاناة منها. وغالبا ما يستيقظ المصاب خلال حلمه بذلك الكابوس المخيف.

ووجود «حلم» هو ما يميز طبيا بين حالة «اضطرابات الكوابيس الليلية» وبين حالة «ذعر رعب النوم». كما أن اليقظة التامة والسريعة، خلال كابوس الحلم المرعب، هي أمر آخر يميز بين الحالتين. وقد تكون ثمة زيادة في نبض القلب وغيرها من التغيرات البدنية التي مر ذكرها في ذعر رعب النوم.

وتشير الإحصائيات الحديثة في الولايات المتحدة إلى أن ما بين 10 و50% من الأطفال ما دون سن 5 سنوات هم عرضة للمعاناة من هذه الحالة. وعلى الرغم من ذلك، فإنه لا توجد إحصائيات دقيقة عن الوضع لدى البالغين، إلا أن تلك المصادر تشير إلى أن 50% من البالغين ذكروا أنهم عانوا من هذا الأمر في وقت ما من حياتهم بعد فترة الطفولة. وأن نحو 8% من البالغين قد يعانون من تكرار هذه الكوابيس. والنساء أكثر عرضة للإصابة من الرجال، بنسبة أربعة إلى واحد.

* جرش الأسنان أثناء النوم

* تشير الإحصائيات الطبية إلى أن نحو 30% من الأطفال يجرش أسنانه teeth grinding أثناء النوم في أحد مراحل فترة الطفولة، خاصة ما دون سن الخامسة. وتقل بشكل حاد تلك النسبة في فترة ما بعد البلوغ. والأطفال الإناث والذكور سواء في هذا الأمر. ولا يعرف سبب هذه الحالة، التي ربما لها علاقة بتأثيرات الأحداث الضاغطة خلال الحياة اليومية للطفل أو البالغ، أو لأسباب عضوية في تراكيب الفك والأسنان، أو لأسباب صحية تتعلق بنقص بعض الفيتامينات أو المعادن، أو لاضطرابات في الغدد الصماء بالجسم، أو لوجود اضطرابات في الجهاز الهضمي، أو لأسباب أخرى غير معروفة. وتحديدا، توسعت البحوث الطبية في موضوع عدم تطابق تراكيب الأسنان والفك العلوي مع السفلي، أو وجود آلام ليلية في الأسنان، أو وجود آلام في الأذن.

وعادة يلاحظ أفراد الأسرة تلك المشكلة لدى المصاب، حال سماعه له وهو يجرش أسنانه خلال النوم. أو حينما يلاحظ ذاك الشخص أن لديه ألما في فكه أو أسنانه، أو يشكو من الصداع في صبيحة اليوم التالي، أو لدى الشكوى من حساسية في الأسنان نتيجة لتلف طبقة المينا المغلفة لها، أو ملاحظة طبيب الأسنان تغيرات في تلك الطبقة أو تشققات في الأسنان.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

تشخيص مرض التوحد

ديسمبر 19, 2010

مقدمه

يقترب الباحثون من التوصل إلى اختبار جديد لتشخيص اضطرابات طيف التوحد باستخدام أشعة الرنين المغناطيسي.

وعادة ما يتم تشخيص مرض التوحد من خلال المراقبة السلوكية وبعض الاختبارات التربوية والنفسية، أما الاختبار الجديد، الذي يطلق عليه اسم اختبار لانج – لنهارت (Lange – Lainhart test) وهما الباحثان اللذان توصلا إليه، فيعتمد على استخدم أشعة الرنين المغناطيسي في رسم خريطة مفصلة للتوصيل الكهربائي في ست مناطق بالدماغ مسؤولة عن اللغة والوظائف الاجتماعية والعاطفية.

وإذا نجح هذا الاختبار مع عدد أكبر من الأشخاص، فإنه سيكون وسيلة جديدة لإجراء تشخيص مبكر وأكثر تحديدا للمرض. كما سيقدم للباحثين صورة أفضل للجذور الجينية لمرض التوحد. وقد نشرت النتائج الجديدة عن هذا الاختبار على موقع مجلة أبحاث التوحد «أوتزم ريسيرتش».

ويشير مركز السيطرة على الأمراض إلى أنه يوجد طفل مصاب بالتوحد من بين 110 أطفال يولدون في الولايات المتحدة. ويشير مصطلح اضطرابات طيف التوحد إلى مجموعة من اضطرابات النمو التي تكون معتدلة وحادة وتؤثر في كثير من الأحيان على قدرة المصاب على التخاطب والتواصل مع الآخرين.

اختبار دقيق

* وأظهرت النتائج دقة اختبار أشعة الرنين المغناطيسي بنسبة 94 في المائة في تشخيص مرض التوحد بين 30 رجلا تتراوح أعمارهم ما بين 18 و26 كان قد تم تشخيصهم على أنهم مصابون بنوع وظيفي حاد من التوحد مقارنة بـ30 رجلا من نفس الفئة العمرية لم تشر أي دلائل إلى إصابتهم بالمرض. وكرر الباحثون اختبارا آخر على مجموعة أصغر من المشاركين، وكانت النتائج مماثلة.

إن اختبار تشخيص التوحد باستخدام الرنين المغناطيسي لم يعتمد بصورة نهائية بعد. ونقل عنه موقع «ويب إم دي هيلث نيوز» الطبي الإلكتروني أن «دراسات تجرى حاليا على مزيد من الأشخاص في مختبرات أخرى للمساعدة على تحديد كيفية الاستفادة من هذا الاختبار بصورة أكبر».

ويقول لانغ إن اختبار لانغ – لنهارت يدرس التوصيل الكهربائي في الدماغ بطريقة مفصلة جدا ويمكنه تحديد الانحرافات في دوائر المخ الكهربية في الأشخاص المصابين بالتوحد.

كما ستتم دراسة قدرة هذا الاختبار الجديد على تحديد أنواع أخرى من التوحد وعلى اكتشاف المرض في أطفال أصغر وأفراد مصابين باضطرابات أخرى في الدماغ. ويسبب كل اضطراب عصبي أو نفسي تقريبا خللا في دوائر الدماغ، لذلك فإن الاختبار يجب أن يكون قادرا على التمييز بين الخلل الذي يحدث بسبب التوحد والاضطرابات الأخرى.

واختبار أشعة الرنين المغناطيسي ليس مجرد اختبار تشخيص طبي أو بيولوجي لحالة توحد، تكون في تطور، بل إنه يأخذ بعين الاعتبار أيضا اختبارات الدم والبول التي تجرى في الولايات المتحدة ودول أخرى وكذلك اختبارات التصوير الأخرى عند تشخيص التوحد.

وليس من الواضح بعد ما إذا كان هناك اختبار – إن وجد – يمكن أن يقدم التشخيص النهائي للتوحد، ويتفق خبراء التوحد على الحاجة لإجراء اختبار طبي للمساعدة على التشخيص.

إننا لا نعرف حقا ما هو التوحد، وكل ما لدينا في الوقت الحاضر هو اختبار ذاتي يستخدم لتشخيص هذا الاضطراب يتضمن مقابلات لمدة أربع ساعات مع الوالدين ومراقبة الطفل لمدة ساعة واحدة».  أن هذا الاختبار يقيس فقط سلوك الطفل وقدراته المعرفية، ويخضع لطلب الطبيب.

إننا نتحدث عن اختبار يمكن استخدامه في العيادات، ونحن بحاجة لدراسة مجموعة كبيرة من الأفراد المصابين بمرض التوحد وأمراض أخرى. أنا أقول الآن إن لدينا اختبارا لتشخيص التوحد من خلال أشعة الرنين المغناطيسي، لكننا قد نصل لهذا الأمر في المستقبل. إن وجود اختبار دقيق وصحيح أو علامات بيولوجية سوف يساعد، لكنه من غير المرجح يلغي دور الطبيب النفسي. إذ إن عمل الطبيب النفسي، مراقبة سلوك الأطفال، لا يزال حاسما في تشخيص الإصابة بمرض التوحد».

تشخيص مبكر

* مثل هذا الاختبار يمكن أن يؤدي أيضا إلى التشخيص المبكر للمرض، حيث قد تمكن من اكتشاف علامات التوحد عند أطفال عمرهم 18 شهرا أو أقل، ولكن التشخيص المعتمد لا يتم قبل أن يصل عمر الطفل إلى سنتين». وحذرت من أن التشخيص والتدخل المبكر قد يكون له أثر خطير على نتائج العلاج لدى بعض الأطفال المصابين بالتوحد.

إن «تشخيص التوحد قبل سن الثانية غير معتمد في مراكز الأكثر تطورا، لكن إذا توافر لدينا معيار موضوعي للتشخيص يمكننا القيام بذلك قي وقت مبكر».

أن «مراقبة سلوك الأشخاص الذين يعانون من مرض التوحد هو إجراء رائع، لكنه بدائي بالمقارنة مع ما يمكن القيام به من خلال إجراء كمي يعتمد على دارسة الدماغ».

أن هناك فوائد أخرى كذلك، حيث إن تصوير الدماغ يمكن أن يساعد على اكتشاف الأسس الجينية لمرض التوحد من خلال ملاحظة وجود أنماط معينة بين الذين يعانون من مرض التوحد وأفراد أسرهم غير المصابين.

كما أن تصوير الدماغ يمكن أن أيضا أن يساعد على تحديد الأنواع المختلفة لمرض التوحد. وسوف يساعد توافر صور وفهم أفضل للفروق الدقيقة في الوصلات الكهربائية للدماغ أيضا الأطباء على وضع علاجات أكثر دقة.

يمكننا أيضا دراسة الحالات الخفية عندما يكون التوحد واحدا من بين عدد من الاحتمالات، لكننا لن نتمكن أبدا من فحص كل طفل يولد بأشعة الرنين المغناطيسي لمعرفة ما إذا كان معرضا لخطر الإصابة بمرض التوحد أم لا. وفي غضون أعوام قلائل من القيام بمثل هذه الدراسات سيكون لدينا قدرة على التشخيص من خلال صور الدماغ، لكنها لن تحل أبدا محل

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

اضطرابات النوم و الامراض الجسديه

ديسمبر 19, 2010

مقدمه

لم يعد طب النوم طبا ترفيهيا كما يعتقد البعض، حيث ثبت علميا أن بعض اضطرابات النوم قد تؤدي للإصابة بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم، وهنا يكون الإنسان عرضة لجلطات الدماغ والقلب.

انقطاع التنفس

«أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن النوم غير السوي، الناتج عن انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم، والحركة المتتالية غير الإرادية للساقين، التي يصاحبها الاستيقاظ لمدة ثوان، قد يؤدي لإصابة الإنسان بأمراض السكري وارتفاع ضغط الدم».

أن «بعض الأشخاص، خاصة أصحاب الأوزان الزائدة، يحدث لهم سدد في الجزء العلوي من الجهاز التنفسي أثناء النوم.. وإذا ما استمر هذا السدد لأكثر من 10 ثوان فقد يحدث لديهم انخفاض في نسبة الأكسجين بالدم، وبطء في معدل ضربات القلب، لذا يستيقظ الشخص لمدة ثوان ليتنفس وينام مرة أخرى، وهو ما يؤدي إلى صدور صوت الشخير. وعادة لا يشعر الشخص بكل هذا، وعندما يلجأ للعيادة لا يشكو من مشكلات بالتنفس، وإنما من الشعور الدائم بالتعب والرغبة في النوم طوال الوقت، حيث ينامون في أماكن أو أوقات لا يرغبون في النوم فيها».

وعن طرق التشخيص المتبعة، فاننا نقوم بتسجيل النوم لهؤلاء الأشخاص في مختبر متخصص يسمى مختبر النوم، فنجد أن نومهم غير سوي، ولم يمر بمراحل النوم الطبيعية. كما أن نسبة الأكسجين بالدم تكون قليلة، ومعدل ضربات القلب به اختلال، وهو ما يؤدي على المدى الطويل لارتفاع في ضغط الدم، وقد يتطور الأمر ويؤدي في المراحل المتقدمة إلى الإصابة بجلطات في الدماغ أو القلب».

اضطراب حركة الساقين

أما اضطراب الحركة اللاإرادية المتتالية للساقين، والتي يصحبها استيقاظ في الدماغ، فهي حركة غير إرادية لا نراها، لكن نستطيع تسجيلها في مختبر النوم. ويشكو مريض هذا الاضطراب أيضا من الإرهاق والتعب، والنوم في أوقات وأماكن غير مرغوب فيها، ويظهر هذا الاضطراب عند مرضى السكري والأنيميا (فقر الدم)».

ان اضطرابات النوم تنقسم لأكثر من 84 نوعا، لكن أعراضها ليست كثيرة، فإما أن تكون نقصانا أو زيادة في مقدار النوم، أو أحداثا غريبة تحدث أثناء النوم، مثل الكلام أو المشي أثناء أو الكوابيس والفزع الليلي.

أن «النوم المفاجئ يعتبر من أخطر أعراض اضطرابات النوم، حيث يفاجأ الشخص بأنه ينام في أوقات غير مرغوب فيها، مثل النوم أثناء اجتماع أو أثناء القيادة».

معدل النوم الطبيعي

*أن «المعدل الطبيعي هو عدد ساعات النوم التي يستيقظ بعدها الإنسان ولا يضطر لأن ينام في مكان أو وقت لا يريد أن ينام فيه.. ويختلف معدل النوم من شخص لآخر، فبعض الأشخاص ينامون لفترات قصيرة ما بين 4 و6 ساعات، ويكون هذا الوقت كافيا جدا بالنسبة لهم لإعادة تنظيم عمل الجهاز العصبي، وهناك من ينامون لفترات طويلة تتراوح بين 9 و12 ساعة يوميا.. ويلعب العامل الوراثي دورا في تحديد عدد ساعات النوم لكل شخص».

وقد جرت العادة على القول بأن الشخص يحتاج للنوم لمدة 8 ساعات يوميا، وبالتالي أصبح من ينام أقل أو أكثر من 8 ساعات يوميا يعتقد أن لديه اضطرابات في النوم، وهو اعتقاد خاطئ، لكن أغلبية الأشخاص تتراوح معدلات نومهم بين 7 و9 ساعات يوميا».

أن «الأهم من عدد ساعات النوم أن يكون النوم سويا، وأن يمر بمراحله الطبيعية، وهي 4 مراحل تشكل دورة مدتها 90 دقيقة، وتتكرر الدورة أربع أو خمس مرات في الليلة. وتبدأ الدورة بالمرحلة الأولى (الغفوة) التي تستمر لدقائق قليلة يتم فيها إغلاق منافذ الوعي السمعية والبصرية، أما المرحلة الثانية (حشو النوم) فهي تمثل نحو 50% من فترة نومنا، ثم ندخل في النوم العميق من خلال المرحلة الثالثة. أما المرحلة الرابعة (الحركة السريعة في العين)، فتصبح فيها عضلات الجسم مرتخية تماما والعين تتحرك، وهى المرحلة التي تحدث فيها الأحلام. فإذا مر النوم بهذه المراحل، سيستيقظ الإنسان نشيطا ولا يشعر بأي تعب، أما إذا حدث خلل في هذه المراحل سيشعر الشخص عند الاستيقاظ بالتعب والإجهاد».

النوم والمرأة

* دراسة النوم عند المرأة ليست بالأمر السهل، فالمرأة تتعرض للكثير من التغيرات الفسيولوجية خلال عمرها، وهو ما تجب مراعاته أثناء الدراسة. لذا تأخرت هذه الدراسات لأنها تتطلب وقتا ودقة، كما أنها اهتمت بدراسة الجانب الفسيولوجي العضوي والجانب السلوكي. ومن الناحية السلوكية توصلت الدراسات إلى أن السيدات في فترة الأمومة ورعاية الأطفال، أي من عمر 25 إلى 45 سنة، لا يحصلن على عدد ساعات النوم التي يحتاجها الجسم، وبالتالي يقل تركيزهن وجودة أدائهن في اليوم التالي. أما من الناحية العضوية، فقد أصبح الأرق، الذي يصيب بعض السيدات أثناء الدورة الشهرية ومع توقفها، من ضمن تصنيفات اضطرابات النوم».

مشكلات الأرق

*الأرق عرض وليس مرضا، فهو عرض لأشياء كثيرة أشهرها الحالة النفسية، أو معاناة الشخص من مشكلة أو قلق معين، وقد يكون بسبب اختلال مواعيد النوم.. فعلاج الأرق يكون بعلاج الأسباب المؤدية لحدوثه، ويقسم الأرق إلى وقتي ومزمن، ويعتبر الأرق الذي يصيب السيدات في وقت الدورة الشهرية أرقا وقتيا».

وينصح بعدم اللجوء للمنومات إلا تحت إشراف الطبيب، وفي المقابل تقدم وصفتها للنوم الصحي، فتقول «هناك الكثير من النصائح التي يجب على كل إنسان اتباعها حتى يحصل على نوم هادئ وصحي، ومن أهمها النوم والاستيقاظ في نفس المواعيد يوميا، والابتعاد عن الوجبات الدسمة أو التي تحتوي على توابل كثيرة قبل النوم، وتناول بعض الأطعمة التي تحتوي على مادة (التربتوفان) التي تساعد على النوم مثل الفواكه ومنتجات الألبان. ويجب الابتعاد تماما عن المنبهات للحصول على نوم هادئ، ومن أشهرها القهوة والشاي والقرفة والمشروبات الغازية والشوكولاته وبدائل السكر والنيكوتين والكحوليات».

يجب استخدام حجرة النوم والسرير للنوم فقط، فمن الملاحظ أن الأشخاص الذين يعانون من الأرق يحولون حجرة النوم لحجرة معيشة، فنجد الشخص يستخدم الحجرة لمشاهدة التلفزيون، والجلوس على الكومبيوتر، أو المذاكرة.. لذا عندما يقرر النوم يشعر بالاستيقاظ وليس الرغبة في النوم. ويفضل أخذ حمام ساخن قبل النوم للمساعدة على النوم الجيد، كما أن ممارسة الرياضة قد تكون مفيدة أيضا، لكنها يجب أن تكون قبل الشروع في النوم بنحو 6 ساعات، فالاعتقاد بأن ممارسة الرياضة قبل النوم مباشرة تساعد على النوم غير صحيح».

نوم الطفل

*ثبت علميا أن 25% من الأطفال يعانون من مشكلات في النوم تؤثر على الطفل ونموه وعلى الأسرة بأكملها. وهذه الاضطرابات قد ترجع لأسباب عضوية مثل آلام البطن والأذن ومشكلات التنفس والحساسية، إلى جانب الأسباب السلوكية.

والطفل يستيقظ ويعاود النوم عدة مرات أثناء الليل.. ولأن الأم تقوم بـ«تنويم» الطفل أثناء الجلوس أمام التلفزيون بينما تحيطه الأصوات والإضاءة، لذلك فإنه عندما يستيقظ مرة أخرى يبحث عن هذه الأجواء حتى يستطيع معاودة النوم مرة أخرى. ولذا يجب على الأم تهيئة الطفل وهو رضيع على النوم بشكل صحيح، فعندما تنوي الأم تنويم الطفل أو عندما يرغب هو في النوم يحب وضعه في غرفة ذات إضاءة منخفضة، وبمجرد دخوله في النوم يوضع في سريره. وعندما يكبر نعوده بشيء من الروتين أن موعد النوم قد حل، مثل القيام بغسل أسنانه وارتداء ملابس النوم. ويجب أن يثبت مواعيد النوم والاستيقاظ، ولا ينام في أماكن متباينة، فالنوم يعتمد في جزء كبير منه على تعديل السلوك، ما دامت لا توجد له موانع عضوية».

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

مرض التوحد

نوفمبر 19, 2010

مقدمه

يبدو أن ما يطلق عليها اصطلاحا لقب «أمراض العصر الحديث»، كالاكتئاب والتوتر العصبي وغيرها، أبت أن تستثني فئة اجتماعية أو عمرية دون أن تصيبها بنصيب من تركتها الثقيلة. ولم يفلت الرجال والنساء، أو الشباب والشيوخ من براثن تلك الأمراض، التي ما لبثت أن طالت الأطفال أيضا.

في الآونة الأخيرة، بدا للجميع أن مرض التوحد في الأطفال «Autism» يلاقي اهتماما متزايدا من معظم الأشخاص.. وخاصة الآباء الذين شغلت أذهانهم بمعرفة المزيد عن هذا المرض، وأسبابه وطرق الوقاية منه أو علاجه وطريقة التعرف عليه من خلال الانتباه لأعراضه المختلفة.

وعلى الرغم من حداثة لفظ التوحد، فإن بداية معرفة المرض كانت في الأربعينات من القرن الماضي، وتحديدا في عام 1943، على يد طبيب نفسي نمساوي هو الطبيب ليوكانر Leo Kanner، الذي استخدم لفظ التوحد بمعناه الحالي.. وهو كلمة مشتقة من اللفظ اليوناني «autos» أو ذاتي، وتعني التمحور حول الذات.

* أسباب مجهولة

* وفى واقع الأمر يعتبر التوحد أكبر من مجرد حالة من الانطوائية أو الانعزالية، فهو خلل في التطور العصبي للجهاز العصبي المركزي يتميز بفشل في التفاعل الاجتماعي والتواصل مع الآخرين، مع سلوك نمطي متكرر وثابت وصعوبة بالغة في ممارسة النشاطات اللغوية والحسية. وتبدأ المشكلة في الظهور مع الطفل في مراحل مبكرة من حياته، من بداية السنة الأولى وقبل أن يكمل عامه الثالث.

والأسباب المؤكدة لمرض التوحد غير معروفة تماما حتى الآن، وإن كانت هناك الكثير من النظريات العلمية التي تحاول تفسير المرض، خاصة بعد أن تزايدت نسبة الإصابة به بشكل كبير. حيث يصاب به طفل من بين كل 175 في سن الدارسة بالولايات المتحدة الأميركية، وتبلغ نسبة الإصابة في الذكور نحو 4 أضعاف الإصابة في الإناث.

وهو مرض غير محدد بعرق معين أو حالة اجتماعية معينة. ويشير البعض إلى أن النسب المتزايدة للمرض في الفترة الأخيرة قد تعود لزيادة التشخيص والوعي بمثل هذه الحالات.

* نظريات حول التوحد

* أهم النظريات التي تفسر مرض التوحد هي نظرية الخلل في عدد من الجينات، الذي ينتج عنه خلل بوظيفة الموصلات الكيميائية في الجهاز العصبي المركزي، مما يتسبب في تكون غير طبيعي للدماغ والأعصاب. وهذه النظرية هي الأكثر رواجا وقبولا، خاصة أن احتمالية الإصابة بالتوحد تكون أكبر في الأسرة التي يوجد بها طفل آخر مصاب بالمرض. وهذه النظرية تقضي تماما على نظرية سوء معاملة الوالدين للطفل أو الفتور في التعامل معه، حيث تسبب هذا الاعتقاد الخاطئ سابقا في إصابة الآباء بالشعور بالذنب تجاه الابن المتوحد.

ومن النظريات التي لاقت قبولا في بداية الأمر ثم ما لبث أن ظهر عدم دقتها، نظرية تلازم المرض مع إعطاء بعض اللقاحات الضرورية للأطفال، مثل اللقاح المجمع ضد الحصبة والحصبة الألمانية والغدة النكفية «MMR». وربما يكون سبب هذا الربط غير السليم هو توقيت تلقي اللقاح، حيث يتم إعطاء اللقاح في نهاية العام الأول من حياة الطفل، وهو ذات الوقت الذي يبدأ فيه تقدم القدرات اللغوية للطفل. وعلى الرغم من تعدد الدراسات حول موضوع اللقاح، فإن نسبة الإصابة بالمرض لم تختلف في الأطفال الذين تم تطعيمهم أو الذين لم يتم تطعيمهم، مما يعني براءة اللقاح من التسبب في المرض.

والنظرية الأخرى التي لاقت قبولا علميا هي نظرية التعرض للسموم بالمعادن الثقيلة، مثل الرصاص أو الزئبق. حيث إنه من الثابت علميا أثر هذه السموم على الدماغ، وخاصة في مراحل النمو.. غير أنه لم يتم التأكد من نتائج الأبحاث الخاصة بهذا الشأن، حيث لا توجد دراسة مسحية كافية تؤكد أو تنفي تعرض هؤلاء الأطفال إلى التسمم. بل إن هناك بعض الدراسات التي تشير إلى عدم وجود اختلافات في نسب وجود المعادن الثقيلة بالدم بين الأطفال الطبيعيين والمتوحدين.

وهناك نظريات أقل شيوعا لأسباب التوحد، مثل ارتباطه بأنواع معينة من الغذاء، وخاصة المشتقة من اللبن أو القمح، والغنية بمادة الغلوتين Gluten البروتينية. وكذلك تعرض الأم لعوامل ضارة (مثل الإشعاع) في بداية شهور الحمل الأولى، أو الإصابة ببعض الأمراض المعدية التي تسبب تشوها خلقيا للجنين.

* علامات التوحد

* وللتعرف على طفل التوحد، توجد العديد من الأعراض والسلوكيات المميزة للطفل المتوحد، ومنها:

– خلل في التواصل الاجتماعي مع من حوله.

– عدم التجاوب العاطفي مع الابتسام أو محاولة العناق أو المداعبة.

– تأخر تطور الكلام وعدم النطق بالشكل السليم وصعوبة في التعبير عن النفس.

– التصرفات النمطية المكررة، كهز الرأس أو اليدين باستمرار.

– عدم الرغبة في التغيير، كأن يلعب الطفل بلعبة واحدة دون غيرها وبنفس الطريقة والنمطية. مع إبدائه لمقاومة عند محاولة تغييرها، مما يجعله عدوانيا ضد محاولة تغيير أي شيء اعتاده مهما كان بسيطا، مثل تغيير طبق الأكل.

وتختلف الأعراض من طفل لآخر، ولكن الثابت عند معظم الحالات هو الفشل في التواصل والتفاعل مع الآخرين. فالطفل التوحدي نادرا ما يلعب مع آخرين، ويميل إلى العزلة، ولا يسعى إلى تجربة الألعاب التي تثير الخيال. وكذلك لا يبدو عليه التأثر العاطفي سواء بالفرح أو الحزن، فقد يضحك أو يبكي دون سبب. ولا يظهر الاهتمام بشخص بحد ذاته، أو يلبي النداء الصوتي عليه، كما أنه لا يخاف من المخاطر.

وليس تشخيص حالة التوحد سهلا بالمرة، فكل ما سبق مجرد مؤشرات يجب أن يلفت نظر الآباء، خاصة في المراحل الأولى من عمر الطفل، لأن مجرد وجود عرض واحد من هذه الأعراض قد لا يعني بالضرورة أن الطفل متوحد. فقد يحدث تأخر الكلام في طفل طبيعي تماما. وفي بعض أطياف مرض التوحد، قد يملك الطفل قدرة لغوية غير معتادة، مثل الأطفال الذين تم تشخيصهم بمتلازمة أسبرجر «Asperger Syndrome»، نسبة للطبيب النمساوي هانز أسبرجر، والذي يتمتع الأطفال المصابون به بقدرات عقلية تقارب تلك الطبيعية.

* علاج طفل التوحد

* يحتاج علاج الطفل المتوحد إلى فريق عمل طبي، ما بين طبيب أطفال متخصص في النمو وطبيب نفسي وطبيب تخاطب واختصاصي اجتماعي. ويرتكز العلاج بالأساس على اتباع تدريبات خاصة وبرنامج عمل دقيق، نشجع من خلاله الطفل على التواصل مع الآخرين عن طريق تحسين اللغة أو الإشارة ومحاولة تغيير السلوك، إلى جانب كسر النمطية والتكرار تدريجيا ووفق قواعد معينة، فالتغيير المفاجئ يصيب أطفال التوحد بالارتباك. ويفضل أن يتم كل ذلك من خلال تعاون بين الفريق الطبي والأسرة والمدرسة.

أما العلاج الدوائي فيهدف بالأساس لتخفيف حدة الأعراض، ويعتقد أن تناول فيتامين بي 6 B6، الذي يساعد على تكوين الموصلات العصبية، قد يفيد أطفال التوحد.

كما يشمل العلاج أيضا العقاقير المثبطة لإعادة السيروتونين في الدم «Serotonin Re – uptake Inhibitor»، حيث وجد أن نسبة السيروتونين تكون مرتفعة في الدم لدى بعض أطفال التوحد، وإن كانت نتائج هذه العقاقير غير مؤكدة.

وهناك العلاج بالعقاقير المهدئة والمضادة للتشنجات «Anti – Convulsants»، والتي يعيبها كثرة آثارها الجانبية على الجهاز العصبي عند استخدامها على المدى الطويل، ولم يثبت فاعليتها.

ويبقى في النهاية العلاج الأهم لطفل التوحد، وهو التفهم لطبيعة اختلافه عن الآخرين، مع محاولة دمجه في المجتمع وعدم عزله عن الأطفال الطبيعيين، وذلك لضرورة وجوده في وسط طبيعي يكون له بمثابة النموذج الذي يحتذي به في مجالات كاللغة والسلوك الاجتماعي.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

النوم و الصحه الجسديه

نوفمبر 19, 2010

مقدمه

النوم جزء حيوي من حياة الإنسان، إذ إنه يعيد الحيوية للذهن ويعيد بناء الجسم. إلا أن النوم أضحى في عالمنا المعاصر الذي تتسارع فيه إيقاعات الحياة على مدى 24 ساعة في اليوم، واحدا من «الأنواع المهددة بالانقراض». وقد خسر الفرد الأميركي في المتوسط، على مدى كل سنوات القرن العشرين المنصرم، نحو ساعتين من النوم الليلي. ويبدو أن هذه التوجهات ستستمر على مدى القرن الحادي والعشرين الحالي.

* نعمة النوم

* ورغم أن بعض الناس يؤدون مهماتهم بشكل جيد مع تمتعهم بقسط يسير من النوم لفترة أربع أو خمس ساعات فقط، فإن غالبية الأشخاص البالغين يحتاجون إلى ما بين سبع وثماني ساعات من النوم.

وقد يكون الحرمان من النوم ضارا جدا. أما عواقب النوم غير الكافي فهي معروفة: النعاس أثناء النهار، اضطراب التركيز الذهني والمحاكمة العقلية، الكآبة والانزعاج، وتدهور الأداء سواء في العمل أو خارجه. كما تشمل تلك العواقب حوادث اصطدام السيارات والحوادث الأخرى.

وقد عثرت دراسات على صلة بين الحرمان من النوم وبين خطر الإصابة بمرض السكري، السمنة، ارتفاع ضغط الدم، بل وحتى الضعف الجنسي.

ورغم أهمية النوم فإن الكثير من الرجال يجاهدون للحصول على قسط كاف منه، فإنهم لا يبالون بذلك. ولكن تتوفر وسائل لمساعدتهم، وقد تمثل الأبحاث الجديدة إحدى صفارات الإنذار لتنبيههم!

* النوم وأمراض القلب

* ويعتبر هو وانقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم obstructive sleep apnea وهو اضطراب واحد من بين اضطرابات النوم، من عوامل الخطر المدروسة جيدا للتسبب بحدوث ضغط الدم المرتفع، السكتة الدماغية، أمراض القلب. وأهم علامات انقطاع التنفس أثناء النوم التي تشيع أكثر لدى الأشخاص البدينين، هي: الشخير، النوم المتقطع، الصداع الصباحي، والنعاس أثناء النهار.

ولكن هل تقود فترات النوم القصيرة إلى حدوث أمراض القلب حتى لدى الأشخاص من غير المصابين بحالات انقطاع التنفس أثناء النوم؟ للإجابة عن هذا السؤال اتخذ باحثون من شيكاغو منطلقا تكنولوجيا مطورا، إذ شرعوا في تقييم حالات 494 رجلا وامرأة بين أعمار 35 و47 سنة تطوعوا في دراسة أجريت بين عامي 2000 و2001، وأخضعوا كل المشاركين إلى المسح بالتصوير الطبقي المقطعي لفحص ترسبات الكالسيوم في الشرايين التاجية في بداية الدراسة، ثم بعد 5 سنوات من ذلك.

كما خضع المتطوعون إلى تقييم طبي شامل لعوامل الخطر المعروفة على القلب، ومنها مستوى الكولسترول، ضغط الدم، السمنة، مرض السكري، التدخين، وعوامل الشخصية. وتم تخصيص استبيان من الأسئلة لتقييم خطر انقطاع التنفس أثناء النوم لكل مشارك. كما تم تحديد متوسط فترة النوم لكل مشارك كل ليلة، حيث وضع جهاز لمراقبة فترات النوم على معصم كل منهم، أثناء الليل.

في بداية الدراسة، لم ترصد لدى أي من المشاركين أي ترسبات ملموسة من الكالسيوم على الشرايين التاجية. ولكن وبعد مرور خمس سنوات، رصدت هذه الترسبات لدى 27 في المائة من المشاركين الذين حصلوا على قسط غير كاف من النوم لمدة تقل عن 5 ساعات في الليل. كما رصد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى 11 في المائة من المشاركين الذين تمتعوا بفترة نوم ليلي تراوحت بين 5 و7 ساعات. إلا أن هذه النسبة انخفضت إلى 6 في المائة لدى المشاركين الذين ناموا لفترة تزيد على 7 ساعات في الليل.

وظلت العلاقة بين قلة فترة النوم وبين حدوث أمراض القلب قائمة حتى بعد أن أخذ العلماء في نظر الاعتبار العوامل الأخرى المؤثرة على القلب وكذلك خطر حالة انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم.

* دراسات النوم

* إن تكلس الشرايين التاجية هو علامة على حدوث مرض في القلب، إلا أنه لا يعني بالضرورة أن مرضا اكلينيكيا سيتبعه. ومع هذا فإن ثلاث دراسات وظفت فيها تكنولوجيا غير متطورة، تفترض أن العاقبة حقيقية فعلا. فقد ربطت دراسة شملت 1225 من الرجال والنساء من اليابانيين المصابين بارتفاع ضغط الدم، بين النوم لفترة تقل عن 7.5 ساعة ليلا وبين نسبة وصلت إلى 68 في المائة من حدوث خطر إكلينيكي على القلب. وفي دراسة أخرى شملت 58044 من البالغين الصينيين الذين لم يكونوا مصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية في بداية البحث، ظهر أن النوم لفترة تقل عن 5 ساعات في الليل يبدو أنه يزيد من خطر الوفاة بنسبة 57 في المائة. وفي هذه الدراسة – وخلافا للدراستين من شيكاغو واليابان – فإن فترة النوم الطويلة (أكثر من 9 ساعات) كانت عامل خطر أيضا. وأخيرا فإن تقريرا فرنسيا ربط أيضا بين النعاس النهاري القوي، وهو علامة على قلة فترة النوم ليلا، وبين الزيادة الحادة في حوادث الوفيات بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية.

ورغم أن أيا من هذه الدراسات لم تفسر كيفية تأثير فترات النوم القصيرة على زيادة الخطر على القلب، فإن تفسيرات عديدة تطرح نفسها. فالأشخاص الذين لا يتمتعون بقسط كاف من النوم قد يعانون من التوتر الشديد، والتوتر يجهد القلب. ولأن ضغط الدم ينخفض عادة عند النوم فإن الأشخاص الذين يحصلون على قسط وافر من النوم ربما يحصلون على نوع من الحماية لقلبهم ليلا، وهو محصول ثمين من دون ألم! كما أن انخفاض مستويات هرمونات التوتر لديهم مثل الكورتيزول والأدرينالين ربما تمنحهم الحماية أيضا أثناء النوم.

إلا أن الأطباء بحاجة إلى دراسات أخرى قبل أن يقوموا بـ«وصف» النوم طبيا لحماية القلب. وفي هذه الأثناء على الرجال أن يلتفتوا إلى نتائج دراسة يونانية ربطت بين نوم القيلولة بعد الظهر، وبين تقليل خطر الموت بسبب أمراض القلب.

* النوم وسرطان البروستاتا

* وبينما لا يتطلب التكهن بتأثير قلة النوم الضار على القلب خيالا واسعا، فإن مثل هذا الخيال ربما يصبح مهما في السؤال التالي: هل يمكن أن تؤدي قلة النوم إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا؟ الجواب: ربما! وقد دققت دراسة شملت 22320 من الرجال اليابانيين تراوحت أعمارهم بين 40 و79 سنة في خطر حدوث سرطان البروستاتا الإكلينيكي الواضح، وارتباطه مع قلة فترة النوم. وقد ظهر أن الرجال الذين ينامون لفترة اقل، كانوا أكثر بنسبة 34 في المائة تعرضا لخطر الإصابة بسرطان البروستاتا مقارنة بالرجال الذين قالوا إنهم يتمتعون بفترة نوم تتراوح بين 7 و8 ساعات في الليل.

كما كان النائمون لفترة أطول من الفائزين أيضا! إذ ظهر أن الرجال الذين ناموا لفترة 9 ساعات ليلا أو أكثر كانوا أقل بنسبة 52 في المائة تعرضا للإصابة بسرطان البروستاتا مقارنة مع الذين ناموا لفترة 7 إلى 8 ساعات ليلا.

إلا أن هذه دراسة وحيدة، ولهذا يجب التأكيد بدراسات لاحقة لنتائجها.

وفي واقع الحال فإن الغدة الصنوبرية في الدماغ تفرز الميلاتونين، أو «هرمون الظلام». وتمتلك غدة البروستاتا مستقبلات تستقبل الميلاتونين. وقد أظهرت التجارب المختبرية أن الميلاتونين يبطئ من نمو الخلايا السرطانية الخبيثة. كما أن الميلاتونين يتفاعل أيضا مع الهرمونات الجنسية التي تؤثر على البروستاتا.

وحتى هذه النقطة فإن آمال الرجال في التمتع بإغفاءة لتقليل أخطار الإصابة بسرطان البروستاتا وأمراض القلب.. قد تبدو أحلاما. ومع هذا فإن هناك الكثير من الأسباب الجيدة تدعوهم إلى تفادي كابوس الحرمان من النوم.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

الزواج و الصحه النفسجسديه

أكتوبر 20, 2010

مقدمه

قد يتذكر الكثير من الرجال الأميركيين من الذين وصلوا إلى أعمار معينة، الأغنية المعروفة «الحب والزواج، الحب والزواج، إنهما يسيران معا مثل الحصان والعربة، وهذا، ما أقوله لك أيها الأخ: لا يمكنك أن تحوز على واحد منهما دون أن تحوز على الآخر».

غير أن أمورا كثيرة قد تغيرت منذ تلك الأزمان، فالكثير من الرجال يقعون في الحب من دون أن يقرروا الزواج، كما أن الكثير من الزيجات تكون من دون حب.. بل وحتى تتحول إلى زيجات عدائية تؤدي إلى مرحلة الطلاق.

وفيما يواصل الباحثون تحليلاتهم للعواقب الاجتماعية والنفسية والروحية لهذه التغيرات الكبرى، فإن التساؤلات تطرح أيضا حول تأثير الزواج نفسه على صحة الرجال.

* الرجال والزواج والوفيات

* وجد استطلاع أميركي كبير شمل 127547 من الأميركيين البالغين، أن الرجال المتزوجين يتمتعون بصحة أفضل من الأشخاص الذين لم يتزوجوا أبدا أو الذين انتهى زواجهم بالطلاق، أو توفيت زوجاتهم. كما وجد أن الرجال الذين كانوا يعيشون مع زوجاتهم، عاشوا أطول من الذين عاشوا من دون زوجات. أما الرجال الذين تزوجوا بعد سن 25 سنة فقد كانوا أكثر سلامة من الذين تزوجوا في عمر مبكر، وأنه كلما ظل الرجل متزوجا لفترة أطول زادت لديه فترة الديمومة والبقاء، مقارنة بأقرانه من غير المتزوجين.

ولكن، هل الزواج ذاته مسؤول عن الصحة الأفضل والحياة الأطول؟

رغم أنه يصعب التأكد من الإجابة بالإيجاب عن هذا السؤال، فإنه يبدو أن الزواج يستحق منا بعض التقدير. إلا أن البعض قد جادلوا بأن الانتقاء الذاتي (للبيانات) سيؤدي إلى نتائج ملتوية لو كان الرجال الأصحاء سيتزوجون على الأغلب أكثر من الرجال الذين يعانون مشاكل صحية. وتظهر الأبحاث أن العكس هو الصحيح، وهو أن الرجال غير الأصحاء يتزوجون في الواقع في وقت مبكر، وأنهم لا يطلقون على الأكثر، وأنهم يتزوجون مرة على الأكثر بعد الطلاق أو وفاة زوجاتهم، مقارنة بالرجال الأصحاء.

والعامل المحتمل الآخر هو الوحدة، فهنا يطرح التساؤل: هل ترتبط مؤسسة الزواج بالصحة الأفضل، أم أن المسألة هي العيش مع شريك الحياة؟ ورغم تفاوت الدراسات فإن الإجابة تحتوي على بعض من هذين الأمرين كما يبدو؛ فالأشخاص الذين يعيشون مع شريكة الحياة يبدون في صحة أفضل من الرجال الذين يعيشون بمفردهم، أما الرجال الذين يعيشون مع زوجاتهم فهم أفضل الرجال صحة.

وقد افترضت دراسات كثيرة على مدى الـ150 سنة الأخيرة أن الزواج مفيد للصحة، ولكن العلماء لم يفهموا إلا حديثا أسباب تمتع الرجال المتزوجين بصحة أفضل، مقارنة بالرجال العزاب، أو المطلقين، أو الأرامل.

ولكن قبل أن نبدأ بطرح التساؤلات، تعالوا نلق نظرة على تأثير الزواج على بعض الأمراض المحددة، ومنها الأمراض القاتلة الرئيسية في الولايات المتحدة: أمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان.

* الزواج والقلب

* إن كان الزواج يحمي صحة الرجل، فعندها سيكون القلب أحد المستفيدين على الأكثر. وقد أفاد باحثون يابانيون بأن الرجال الذين ظلوا عزابا طيلة حياتهم كانوا يتعرضون أكثر بثلاث مرات للوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية من الرجال المتزوجين. كما افترض تقرير من «دراسة فرمنغهام للذرية» Framingham Offspring Study أيضا، أن الزواج مفيد للقلب حقا، وذلك بعد تقييم العلماء لـ3682 من البالغين على مدى فترة استمرت 10 سنوات. وحتى بعد أخذ عوامل الخطر الرئيسية للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بعين الاعتبار، مثل: تقدم العمر، دهون الجسم، التدخين، ارتفاع ضغط الدم، مرض السكري، ارتفاع الكولسترول، فقد ظهر أن معدلات الوفاة قلت لدى الرجال المتزوجين بنسبة 46% مقارنة بالرجال العزاب.

وفي دراسة فرمنغهام المذكورة لم يظهر أن السعادة الزوجية قد لعبت دورا في الآثار الواقية الشاملة للزواج. ولكن دراسات أخرى أشارت إلى أن التعاسة الزوجية والتوتر يرتبطان بعامل خطر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، هو ضغط الدم. ويقود التوتر في الحياة الزوجية، مع الزمن، إلى زيادة سمك الحجيرة الرئيسية لضخ الدم في القلب، بينما لا يؤدي التوتر في العمل إلى ذلك.

وتعتبر أمراض الشرايين التاجية وارتفاع ضغط الدم من بين أهم أسباب عجز القلب، وهو حالة إعاقة مزمنة تحدث عندما لا تتمكن عضلة القلب الضعيفة من ضخ كل كمية الدم التي تحتاجها أنسجة الجسم. ولكن حتى بعد الإصابة بمثل هذه الحالة فإن الزواج الجيد يرتبط بتحسن فترة الديمومة والبقاء.

* الزواج والسرطان

* إن الرابطة المعروفة جيدا بين التوتر والكآبة والعزلة الاجتماعية، وبين أمراض القلب تسهل علينا فهم تأثيرات الزواج الجيد لحماية القلب.

غير أن السرطان هو مسألة مختلفة تماما، ففي الواقع لا يوجد إلا القليل من الدلائل على أن الزواج يقلل من الخطر الكلي للإصابة بالسرطان. ومع ذلك فإن الزواج بمقدوره التأثير على نتائج المرض. وعلى سبيل المثال توصل بحث على 27779 من حالات السرطان إلى أن حالات متقدمة من السرطان تظهر على الأشخاص غير المتزوجين عند إجراء أول تشخيص لهم، مقارنة بالمتزوجين. كما أن غير المتزوجين لا يلجأون إلى طلب العلاج على الأكثر، مقارنة بالمتزوجين، ولكن حتى بين أولئك الذين تلقوا العلاج من السرطان فإن الزواج ظل يرتبط بزيادة فترة البقاء. فقد كانت فترة البقاء أطول لدى المرضى الذين كانوا يتمتعون بحياة زوجية جيدة عند تشخيص السرطان فيهم، مقارنة بالأشخاص الذين كانوا منفصلين عن زوجاتهم في وقت التشخيص.

ويشغل سرطان البروستاتا اهتمام الرجال. وللتعرف على تأثير الزواج على فترة بقاء مرضى هذا السرطان، درس باحثون في جامعة ميامي حالات 143063 شخصا مصابا بالمرض، وعلى مدى 17 سنة، نجح الرجال المتزوجون في البقاء لفترة أطول بكثير (69 شهرا في المتوسط) مقارنة بالرجال المنفصلين أو الذين توفيت زوجاتهم (38 شهرا). أما الرجال الذين لم يتزوجوا أبدا فقد كانت هذه الفترة لديهم متوسطة (49 شهرا). كما وجد باحثون في جامعتي هارفارد وكاليفورنيا في لوس أنجليس هذه الفوائد نفسها فيما يخص فترة البقاء لدى الرجال المتزوجين المصابين بسرطان المثانة، وهو سرطان رجالي في أغلب الأحوال.

* جوانب صحية أخرى

* ورغم ندرة البيانات المتوافرة، فإن الزواج كما يبدو، يلعب دورا إيجابيا في تحقيق شتى النتائج الصحية. والصحة العقلية هي أهم تلك النتائج؛ إذ إن الرجال المتزوجين لديهم خطر أقل في حدوث الكآبة ورضا أكبر بالحياة بعد تقاعدهم عن العمل، مقارنة بالرجال العزاب.

كما أن وجود الرجل في حالة زواج يرتبط بوجود وظائف إدراكية أفضل لديه، وانخفاض في خطر إصابته بمرض الزهايمر، وتحسن في مستوى سكر الدم، وتحقيقه نتائج أفضل في حالات تنويمه في المستشفيات. وبخلاف ذلك فإن الرجال الأرامل يتعرضون أكثر لخطر الإصابة بالأمراض الجنسية المعدية بين الرجال وليس بين النساء.

* النزاعات الزوجية والطلاق

* وإن كان بمقدور الزواج الجيد أن يحسن صحة الرجل، فإن النزاع الزوجي يمكنه التأثير على السعادة والصحة. وفي دراسة MRFIT شملت 10904 من الرجال الأميركيين، ظهر أن الرجال المطلقين كانوا يتوفون أعلى بنسبة 37% خلال 9 سنوات من الدراسة، مقارنة بالرجال الذين ظلوا متزوجين. وعلى المنوال نفسه ربطت دراسة بريطانية على 9011 من موظفي الدولة، بين العلاقات المتوترة وحدوث زيادة بنسبة 34% في النوبات القلبية والذبحة الصدرية. كما ذكرت دراسة إسرائيلية شملت 10059 رجلا أنه يبدو أن العلاقات العائلية المتوترة تزيد من خطر الوفاة نتيجة السكتة الدماغية بنسبة 34%. كما يحفز الطلاق أيضا على زيادة حادة في معدلات الانتحار بين الرجال وليس بين النساء.

* فقدان الزوجة

* يعيش أكثر الزوجات أعمارا أطول من أزواجهن. إلا أن فقدان الزوج لزوجته هو أكثر خطورة من فقدان الزوجة لزوجها. وقد ذكرت دراسة من كاليفورنيا ذلك. ولم ترصد هذه الدراسة الصعوبات النفسية والاجتماعية الاقتصادية التي يعانيها الرجال الذين فقدوا زوجاتهم، بل ركز الباحثون جهودهم على تأثير آخر، وهو حوادث وفاة الزوج الباقي.

وقد شملت الدراسة رصدا لحالات 12522 من الزيجات على مدى فترة امتدت بين 14 و23 سنة. وخلال هذه الفترة فقد 1453 رجلا زوجاتهم، وفقدت 3249 امرأة أزواجهن. وبالنتيجة، فقد توفي 30% من الرجال الأرامل، مقابل 15% من النساء الأرامل.

وكان عدد الرجال الأصحاء الذين فقدوا زوجاتهم اللاتي توفين، 2.1 مرة أكثر من عدد الرجال الأصحاء الذين لم يفقدوا زوجاتهم خلال فترة الدراسة. أما الرجال الذين كانوا يعانون الأمراض فقد ازداد عدد الوفيات بينهم بعد فقدانهم زوجاتهم بمعدل 1.6 مرة. وكان الخطر أعظم خلال فترة 7 إلى 12 شهرا التي أعقبت فقدان الزوجة، إلا أن ارتفاع خطر الوفاة ظل كبيرا في السنتين اللتين أعقبتا هذا الفقدان. لقد كان شكسبير محقا حين كتب حول «الأسى القاتل».

وتؤكد الأبحاث حول العالم أن موت أحد الزوجين يزيد من احتمال المرض والإعاقة لدى الزوج الآخر، وأن الرجل مهدد أكثر من المرأة. ومن أسباب ذلك: تدهور التغذية لدى الزوج المتبقي وتدهور عاداته الغذائية، والعامل الآخر هو الانعزال عن المجتمع. وقد ربطت دراسة شملت 1667 رجلا من منطقة مدينة بوسطن، بين وفاة الزوجة وتدهور مستوى التيستيرون (الهرمون الذكري) خلال سنة بمعدلات تقابل تدهور مستواه خلال 10 سنوات من الهرم!

* تفسيرات بيولوجية وسلوكية

* الزواج الجيد يعزز صحة الرجل ويطيل عمره، أما الزواج المتوتر والمهشم فإن له دورا معاكسا.. لماذا؟

هناك ثلاثة جوانب من التفسيرات: بيولوجية، سلوكية، ونفسية.

التفسيرات البيولوجية تدور حول التوتر، فالنزاعات الزوجية تزيد من مستويات هرمونات التوتر، مثل الأدرينالين الذي يرفع ضغط الدم، كما يحفز التوتر الزوجي أيضا على إفراز مواد السيتوكين cytokines وهي بروتينات صغيرة تحرك عمليات الالتهاب المتتابعة. والالتهابات هي عامل خطر جديد لأمراض القلب، أخذ الأطباء يعترفون به حديثا. ويمتلك الرجال المطلقون مستويات أعلى من العلامات الالتهابية مقارنة بالرجال المتزوجين.

ولا تقل العوامل السلوكية أهمية عن العوامل البيولوجية؛ فالرجال غير المتزوجين، المطلقين أو الذين فقدوا زوجاتهم، لا يتغذون بشكل جيد مثلما يتغذى الرجال المتزوجون، كما تقل ممارستهم للتمارين الرياضية ويدخنون على الأكثر ويتناولون المشروبات الكحولية، ولديهم سلوكيات خطرة أخرى. وعلى النقيض من ذلك فإن الرجال المتزوجين يستفيدون على الأكثر من العناية الطبية الدورية ويحيون في مستويات معيشية أفضل.

الوحدة، الكآبة، والانعزال عن المجتمع، أيضا تسهم في حدوث عدد أعلى من الوفيات المرتبطة بفقدان الزوجة أو الطلاق، أو العزوبية الدائمة.

وقد أفادت دراسة لجامعة هارفارد بأن الرجال المنعزلين اجتماعيا لديهم خطر أعلى بنسبة 82% في حدوث الوفاة بسبب أمراض القلب مقارنة بالرجال الذين لديهم علاقات اجتماعية قوية. كما أفاد معهد نيوإنغلاند للأبحاث بأن 66% من الرجال يعتمدون على دعم زوجاتهم الاجتماعي الأولي، بينما يعتمد 21% منهم فقط على الأشخاص الآخرين، ولا يعتمد 10% منهم على أي شخص. ولهذا فإن عدم وجود الزوجة يؤدي إلى خطر انعزال الرجل.

* آفاق

* الكثير من الرجال يتزوجون بدافع الحب، فيما يتزوج بعضهم طمعا في المال، ويتزوج آخرون لمختلف الأسباب الشخصية والعائلية. وحتى الآن لم يتزوج أحد بهدف الصحة، فهل يجب أن يتغير الحال حقا؟

الجواب: لا.. فالرجال السعداء في زواجهم يمكنهم أن يحمدوا الله على فوائد الصحة التي أضافها وجود زوجاتهم، أما الرجال التعساء في زواجهم فعليهم العمل مع زوجاتهم لتخفيف التوتر وتحسين علاقاتهم الزوجية.

وبدلا من الزواج بهدف تأمين الصحة، فإن على الرجال غير المتزوجين أن يسعوا لتحقيق بعض الفوائد الصحية المفتقدة. وهذا يعني انتقاءهم خيارات حكيمة حول النظام الغذائي، ممارسة الرياضة، تناول المشروبات الكحولية، والسلوكيات الصحية الأخرى.

* عوامل خطر مشتركة لدى كلا الزوجين

* غالبا ما يقال إن الزوجين اللذين عاشا حياة زوجية طويلة، يبدوان متشابهين. وقد يكون ذلك صحيحا أو خطأ، إلا أن باحثين إيطاليين أفادوا بأنه توجد لدى كلا الزوجين عوامل خطر متشابهة للإصابة بأمراض القلب. وفي الدراسة التي نشرت عام 2009 راجع الباحثون 71 دراسة سابقة شملت أكثر من 100 ألف زوج وزوجة. وقد ظهر أن لدى كلا الزوجين عموما عوامل خطر متشابهة، منها: ارتفاع ضغط الدم، السكري، الكولسترول، السمنة، التدخين. ويمكن تفسير بعض هذا التشابه بتوجهات الشخص لاختيار شريكة حياته مماثلة له، كما أن بعض عوامل الخطر تعتمد على عادات ونمط الحياة المشتركة؛ لهذا فقد أكد باحثون أستراليون نجاح برنامج وضعوه بهدف تحسين التغذية وممارسة الرياضة لكلا الزوجين في الوقت نفسه.

ويبدو العلاج الزوجي المشترك اليوم، وكأنه التوجه المقبل في هذا العصر.

* الزوجات المتعلمات وصحة الأزواج

* في أعوام الثمانينات من القرن الماضي افترضت عدة دراسات أن الرجال المتزوجين من زوجات متعلمات أكثر منهم كانوا يتوفون على الأكثر بسبب أمراض الشرايين التاجية مقارنة بالرجال المتزوجين من زوجات أقل تعليما منهم.

ومع ازدياد أعداد النساء المؤهلات تعليميا، ظهرت افتراضات أخرى؛ فقد وجدت دراسة نشرت عام 2002 أن ازدياد مؤهلات الزوجة التعليمية يقلل من خطر أمراض الشرايين التاجية ومن عوامل الخطر مثل ارتفاع ضغط الدم، السمنة، ارتفاع مستوى الكولسترول، التدخين، قلة ممارسة الرياضة. وأفادت دراسة عام 2009 بأن الرجال المتزوجين من زوجة متعلمة أكثر منهم قد قلت لديهم أيضا معدلات الوفيات مقارنة بالرجال المتزوجين من زوجات أقل تعليما منهم.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

فتح شرايين الرقبة المسدودة لدرء الجلطاط الدماغيه

أكتوبر 6, 2010

مقدمه

رغم أن عمليات إزالة ضيق الشرايين أصبحت أفضل من السابق في مهمتها لتنقية وتنظيف الشرايين السباتية، فإن العمليات الجراحية لإزالة ترسبات تلك الشرايين، تظل أقوى منها.

وبالنسبة للقلب فإن فتح مجرى شريان قلبي مسدود بواسطة البالون، تم الحفاظ على المجرى مفتوحا بوضع دعامات تتكون من شبكة، أو حصيرة، معدنية، يقدم تقريبا النتائج نفسها التي تقدمها العمليات الجراحية للقلب المفتوح – التي يتم فيها شق بالجسم لوضع مجاز لمرور الدم بدلا من الشريان المسدود – في تأمين إعادة مجرى الدم إلى القلب.

إلا أن هذين الحلين يكونان مختلفين بالنسبة للشرايين السباتية، التي تنقل الدم المشبع بالأكسجين إلى الدماغ. ففي هذه المواضع من الجسم، لم تبرهن عملية «إزالة تضيق الشرايين في الشرايين السباتية إضافة وضع الدعامات في داخلها» carotid angioplasty plus stenting (CAS)، على أنها مكافئة للعمليات الجراحية لتنظيف الشرايين السباتية endarterectomy، أي العمليات التي يجرى فيها شق الجسم، إما لتنظيفها، أو لوضع مجاز لمرور الدم.

أظهرت نتائج تجارب إكلينيكية طويلة المدى طال انتظارها، أن عملية إزالة تضيق الشرايين وإضافة وضع الدعامات (CAS) آمنة تقريبا، بمثل أمان عملية تنظيف الشرايين الجراحية، إن تم تنفيذها على يد طبيب متمرس، فيما أشارت نتائج دراسة أخرى إلى أن الجراحة وحدها تظل الأفضل لغالبية الناس.

* «مرض صامت»

* يتفرع الشريانان الأيمن والأيسر من الشريان الأورطي بعد خروجه من القلب ليتوجهان نحو الدماغ على طول جانبي الرقبة. وهذان الشريانان الحيويان معرضان للإصابة بتصلب الشرايين، وهي الحالة التي تؤدي لانسداد الشرايين في القلب، الكليتين، الرجلين، وفي مواضع أخرى من الجسم.

وفي العادة، لا يرصد تراكم الترسبات التي تحصل على جدران الشرايين السباتية. ولكن يتم اكتشافه في بعض الأحيان عندما يسمع الطبيب بسماعته صوت «وشوشة» على نمط (برو – إي BROO – ee) في أحد أو كلا الشريانين. وهذا الصوت الموشوش يظهر نتيجة الاضطراب أو الدوامة التي يحدثها الدم أثناء تدفقه في شريان سباتي متضيق. كما يمكن اكتشاف الشرايين السباتية المسدودة أحيانا أثناء فحص الرقبة والرأس بالموجات فوق الصوتية.

إلا أن أولى علامات المشكلات في تلك الشرايين تظهر لدى أكثر الناس بحدوث النوبة الإسكيمية (الناجمة عن نقص التروية الدموية) أي السكتة الدماغية.

ومثلما تشكل النوبة القلبية أساس المخاوف لدى المصابين بشرايين تاجية مزدحمة بترسبات الكولسترول، فإن النوبة (السكتة) الدماغية هي أساس مخاوف المصابين بتضيق الشرايين السباتية نتيجة تراكم الترسبات فيها. ويمكن لهذه الترسبات التسبب في حدوث السكتة الدماغية عند تحديدها كميات تدفق الدم بشكل كاف إلى جزء من الدماغ، أو بانفجارها وبسدها التام للأوعية الأصغر في الدماغ.

وفيما تقوم العملية الجراحية لتنظيف الشرايين السباتية endarterectomy بمهمة إزالة الترسبات الدهنية، بعد إحداث شق في الرقبة، فإن عملية إزالة تضيق الشرايين بإضافة وضع الدعامات (CAS)، تفتح الشريان من الداخل، بواسطة البالون، ثم تضع دعامة أو حصيرة تظل محافظة على فتح الشريان.

* فتح الشريان المسدود

* هناك وسيلتان لفتح الشريان السباتي المتضيق:

* العملية الجراحية لتنظيف الشرايين السباتية endarterectomy التي تنفذ بإزالة الترسبات الموجودة في باطن الشريان السباتي. وهنا يقوم الجراح بإحداث شق في الرقبة لكشف الشريان، ثم يشده بإحكام لوقف تدفق الدم فيه، ثم يفتحه طوليا في موقع التضيق.

وبعد أن يكحت ويزيل الترسبات الدهنية من جدران الشريان، يوسع الجراح الشريان بوضعه رقعة تكون على شكل معيني، ثم يخيط الشريان مجددا، وأخيرا يخيط جلد الرقبة.

* عملية إزالة تضيق الشرايين السباتية carotid angioplasty، تبدأ بإحداث شق صغير في منطقة أعلى الفخذ في شريان الرجل. ثم يدخل أنبوب صغير يسمى القسطرة ليدفع برفق نحو الشريان، ثم يظل يدفع مناورا عبر الشريان الأورطي ليصل إلى الشريان السباتي المتضيق. ويوضع راشح (فلتر) بشكل مظلة، فيما وراء منطقة التضيق لكي يصطاد أي ترسبات متفتتة أو شظايا منها. وعندما تصل القسطرة لموقعها يتم نفخ بالون موجود فيها يقوم بدوره بإزالة الترسبات من جدران الشريان، ثم يتم توسيع الدعامة ثم وضعها. ثم يفرغ البالون، ويتم إبعاد القسطرة والفلتر خارج الجسم، لكي تبقى الدعامة وحدها للحفاظ على فتحة الشريان، ويخاط موضع الشق في أعلى الفخذ.

* نقائص العلاج

* إن الهدف الرئيسي لعملية تنظيف الشريان السباتي الجراحية، أو عملية إزالة التضيق الداخلية هو منع حدوث السكتة الدماغية في المستقبل. وتؤدي كلتا العمليتين مهمتهما بشكل جيد. إلا أن الأمر الذي يجعل قرار اللجوء لإجراء واحدة منهما صعبا – أو قرار عدم إجراء أي منهما – هو أن هاتين العمليتين قد تؤديان لحدوث السكتة الدماغية، أي الوقوع بالمشكلة نفسها التي تحاولان تجنبها، بل قد تؤدي العمليتان إلى الموت.

إلا أن غالبية الناس – أكثر من 90 في المائة – يجتازون هاتين العمليتين من دون أي مشكلات. وعلى مستوى الولايات المتحدة يتعرض للسكتة الدماغية أو يتوفى بسبب إجراء أي من هاتين العمليتين نحو 5 في المائة. إلا أن هذه النسب تكون أفضل عند تنفيذ العمليتين من قبل جراحين متمرسين.

وقد أظهرت أولى نتائج «تجارب إعادة تشكيل الأوعية السباتية مقارنة بوضع الدعامات»Carotid Revascularization versus Stenting Trial (CREST)، أن العملية الجراحية وعملية إزالة التضيق كانتا للوهلة الأولى متكافئتين من ناحية الأمان والفاعلية. إلا أنه، وعندما أخذ الباحثون في التنقيب في البيانات، ظهرت بعض الفوارق المهمة بينهما.

فقد ظهر أن السكتة الدماغية كانت أكثر شيوعا بعد وضع الدعامة (4.1 في المائة) مقارنة بالجراحة (2.3 في المائة).

وللعلم، ففي العمليات المماثلة التي تجرى على القلب، كانت النوبة القلبية أكثر شيوعا بعد الجراحة (2.3 في المائة) مقارنة بوضع الدعامة (1.1 في المائة). ومع هذا فإن النوبة القلبية هنا كانت خفيفة، بينما تسببت السكتة الدماغية في الإعاقة الحركية وتدهور نوعية الحياة.

وكما أظهرت نتائج تجارب أخرى، فإن كانت الجراحة أفضل من عملية إزالة التضيق لدى الأشخاص الذين زادت أعمارهم على 69 سنة. وقد قدمت النتائج في فبراير (شباط) الماضي في مؤتمر لجمعية السكتة الدماغية الأميركية في سان أنتونيو.

ويبدو من دراسة تجرى حاليا وهي «الدراسة الدولية حول دعامات الشرايين السباتية» International Carotid Stenting Study (ICSS) أنها تشير إلى نتائج أقوى، إذ أظهرت وجود معدلات عالية لحدوث السكتة الدماغية، النوبة القلبية، أو الوفاة، بعد عملية وضع الدعامات (8.5 في المائة) مقارنة بالجراحة (5.2 في المائة)، وذلك على مدى 120 يوما من إجراء أي منهما، كما جاء بمجلة «لانسيت»، 20 مارس (آذار) 2010.

* صورة واضحة

* ولتوضيح النتائج المذكورة، فقد استطلعنا رأي رؤساء جراحة الأوعية الدموية في ثلاثة من المستشفيات التعليمية الكبرى التابعة لكلية الطب بجامعة هارفارد: الدكتور مايكل بيلكين في مستشفى بريغهام والأمراض النسائية، الدكتور ريتشارد إيه. كمبريا في مستشفى ماساتشوستس العمومي، والدكتور فرانك بومبوسيلي في مركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي.

وقد اتفق الأطباء الثلاثة على أن الفوارق بين عمليتي وضع الدعامات، والجراحة، تتضاءل مع الزمن نتيجة التطويرات التي طرأت على العملية الأولى منذ البدء فيها وحتى الآن. وإن تم تنفيذ عملية وضع الدعامات من قبل جراحين متمرسين فإنها ستكون خيارا بديلا لعملية جراحة الشرايين السباتية. كما اتفقوا على أن سبب الفروق بين نتائج الدراستين المشار إليها أعلاه هي أن الأطباء المشاركين في دراسة CREST كانت لديهم خبرة أكبر من الأطباء المشاركين في دراسة ICSS. وهذا يعني أن نتائج الدراسة الأولى هي التي يمكن اعتمادها، عندما يقوم أطباء متمرسون بإجراء عملية وضع الدعامات.

فوارق باقية عندما أجريت عملية إزالة تضيق الشرايين لأول مرة، كان الأطباء يأملون في أن تكون فعالة مثل فاعلية عمليات جراحة الشرايين السباتية، وأن تكون أخف وطأة على جسم المريض.

إلا أن ذلك لم يحدث، فكلتا العمليتين تستغرق بين ساعة وساعتين، كما يتطلبان تنويما لليلة واحدة في المستشفى. وتحدث النقاهة التامة بسرعة في عملية وضع الدعامة مقارنة بالعملية الجراحية، إلا أن هذا الفرق ليس كبيرا مقارنة بالفرق الحاصل بين عمليتي إزالة تضيق الشرايين التاجية أو عملية القلب المفتوح الجراحية.

أما في جوانب الأمان والسلامة فإن مستوى العملية الجراحية عال. فالعملية آمنة ولها نسبة ضئيلة في حدوث السكتة الدماغية، النوبة القلبية أو الوفاة تتراوح بين 1 و2 في المائة في المراكز الطبية التي تجرى فيها العملية مرارا وتكرارا (مرة واحدة في الأسبوع على الأقل)، بواسطة جراحين متمرسين. أما بعد عملية CAS لوضع الدعامة فإن النسبة يمكن أن تصل إلى تلك النسبة تقريبا عند إجرائها في المراكز الطبية المتميزة.

وهناك فرق آخر بين العمليتين حيث إن لها عواقب لا تزال غير معروفة، فخلال عملية وضع الدعامة، عندما تكون القسطرة قد دفعت عبر المنطقة المتضيقة في الشريان السباتي، تأخذ الصفائح الدموية سوية مع شظايا منطلقة من الترسبات الدهنية بالانفصال عن جدار الشريان والتحرك بحرية في مجرى الدم. ويوظف هنا الراشح الذي يشبه شكله شكل المظلة لاصطياد هذه الدقائق قبل أن تذهب بعيدا، إلا أن بعضها يهرب ويصل إلى الدماغ.

أما عملية الجراحة على الشريان السباتي فإنها لا تؤدي إلا إلى انفصال جزء ضئيل من هذه الدقائق، لأن الشريان تم شده بإحكام قبل البدء في العملية. ولا تزال هذه الدقائق المتناثرة موضع بحث العلماء.

* اختيار العمليات

* ما العمل إذن، إن حدث تضيق في الشريان السباتي؟

إن لم يكن التضيق شديدا (تضيق بأقل من 70 في المائة) ولم تظهر أي أعراض عليه، فإن أفضل خيار هو العلاج الطبي. أما إن كان التضيق شديدا أو أنه تسبب في ظهور سكتة دماغية عابرة أو كاملة، فإن العملية الجراحية أفضل قليلا من عملية إزالة التضيق ووضع الدعامة.

إلا أن الأهم من مسألة اختيار نوع العمليات هو اختيار الجراح المتمرس الذي سيجريها. فلا تتردد في السؤال حول كل جوانب العملية وحول عمل الجراح ونجاح عملياته، قبل الإقدام عليها.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

الأسبرين بين المسموح و الممنوع

أكتوبر 6, 2010

مقدمه

جرى التأكيد خلال السنوات القليلة الماضية على أن يتناول أغلب الأشخاص المصابين بمرض السكري حبة الأسبرين يوميا لدرء حدوث النوبات القلبية لديهم.

رابطة داء السكري الأميركية وجمعية القلب الأميركية عدلتا من جوهر تلك الإرشادات، استنادا إلى نتائج دراستين إكلينيكيتين. وإليكم ما تقوله هاتان الجمعيتان اللتان كانتا قد نشرتا الإرشادات الجديدة في مقالة علمية صدرت في عدد 220 يونيو (حزيران) عام 2010 الحالي من مجلة «سيركوليشن».

الأسبرين المسموح

* الضوء الأخضر: إن حبة الأسبرين من الجرعات الصغيرة (التي تتراوح بين 75 و162 ملليغراما يوميا) هي خيار جيد لأكثرية الأشخاص المصابين بالسكري الذين يعانون أيضا من أمراض القلب.

* الضوء الأصفر: تكون جرعات الأسبرين الصغيرة «معقولة» للأشخاص البالغين المصابين بالسكري الذين يكونون معرضين لخطر متزايد للإصابة بأمراض القلب. ويشمل هذا الرجال من عمر يزيد عن 50 سنة، والنساء من عمر يزيد عن 60 سنة، المصابين والمصابات بالسكري ولديهم أو لديهن واحد من عوامل الخطر التالية: التدخين، ضغط الدم المرتفع، مستوى الكولسترول المرتفع، تاريخ عائلي من أمراض القلب والأوعية الدموية، أو وجود الزلال في البول. كما تشمل هذه الإرشادات الأشخاص الذين لديهم احتمال بنسبة 10 في المائة بحدوث نوبة قلبية خلال السنوات العشر المقبلة من حياتهم، حسب نقاط قائمة «فرامنغهام للخطر» Framingham risk score.

الأسبرين الممنوع

* الضوء الأحمر: لا يوصى بتناول الأسبرين من الجرعات الصغيرة للأشخاص المصابين بالسكري الذين يقل لديهم خطر الإصابة بأمراض القلب. وذلك لأن أخطار العلاج بالأسبرين، وخصوصا الضرر الحاصل في المعدة، والنزف المعوي، تكون أكثر من فوائده.

وان كنت مصابا بمرض السكري أو لم تكن مصابا به، فإن قرار تناول الأسبرين يعود إلى الطبيب الذي يتشاور معك. وبمقدور الطبيب مساعدتك على سبر فوائد الأسبرين أو مخاطره، والتأكد من سيطرة الفوائد، أو سيطرة المخاطر، ومن ثم توجيه النصيحة لك بشأنه.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com