Archive for 24 سبتمبر, 2009

قلة التعرض للشمس تعزز مخاطر الزهايمر والسكري والجلطة القلبية…..63 في المائة من الأطفال الألمان يعانون من نقص فيتامين دي

سبتمبر 24, 2009

مقدمه

أصبحت الشمس، التي تغنى بها البعض أكثر من القمر، وبالا على البشر رغم ما توفره من دفء وخصب وجمال لسكان الأرض. فكثرة التعرض لأشعة الشمس يمكن أن يسبب سرطان الجلد للبعض، لكن نقص أشعتها، أو لنقل نقص فيتامنين «دي»، يمكن أن يعزز مخاطر أمراض أخرى مثل الزهايمر والسكري وجلطات القلب.

وطبيعي فإن سكان بلدان وسط أوروبا القليلة الشمس، وخصوصا ألمانيا وبريطانيا، أكثر عرضة من غيرهم لحالة نقص فيتامين دي الناجم عن قلة الشمس. وهذا يعني أن العرب أو المهاجرين، الذين يعانون في بلدانهم من ضربة الشمس، صاروا في أوروبا يعانون من نقص الشمس أيضا. وتشي آخر إحصائية أوروبية حول الأيام الماطرة في أوروبا إلى أن لندن خرجت من قائمة أكثر المدن مطرا تاركة محلها إلى مدينة هالة الألمانية (شرق) التي سجلت عام 2007 نحو 266 يوما ماطرا.

وتقول دراسة جديدة أجراها علماء جامعتي لودفيغسبورغ وغراتز، إن نقص فيتامين دي الناجم عن قلة التعرض للشمس، يمكن أن يسبب أمراضا سرطانية أخرى ويزيد مخطر السكري والجلطات القلبية ومرض الزهايمر.

* دراسة طويلة

* وهذه الدراسة طويلة المدى شملت 3200 شخصا طوال 8 سنوات تتراوح أعمارهم حول 62 سنة، تم اختيارهم من بين متطوعين، أثبتت الفحوصات أن فيتامين دي يقل في أجسامهم بمقدر الضعف عن المعدل المطلوب. وكانت النتيجة الأولى، من متابعة أوضاعهم الصحية طوال 8 سنوات، هي أن خطر الموت المبكر يهددهم ضعف ما يهدد الآخرين الذين يتمتعون بمستوى طبيعي من فيتامين دي في دمائهم. وكان المرضى عرضة بنفس الدرجة للجلطات القلبية والسكتات الدماغية ومرض السكري وبعض أنواع الأمراض السرطانية. وسبق لدراسات سابقة أن توصلت إلى نتائج مماثلة، إلا أن الدراسة الأخيرة تفوقت على غيرها من ناحية عدد المرضى وتغطية الفترة الزمنية التي تم خلالها متابعتهم.

ويرى البروفيسور نيكولا فورم، أستاذ علم التغذية من جامعة ميونخ، أن اهتمام العلماء بفيتامين دي في السنوات القليلة الماضية قد ارتفع منذ الكشف عن وجود مستقبلات عصبية خاصة بفيتامين دي في كل نسيج وعضو تقريبا من جسم الإنسان. إذ أصبح من الواضح أن هذا الفيتامين أهم بكثير مما كان المعتقد فيه حتى الآن ويلعب دورا أساسيا في العديد من الوظائف الحيوية في جسم الإنسان.

* نقص فيتامين دي

* ويمكن لجسم الإنسان، بمساعدة عملية تركيب تجري بمساعدة أشعة الشمس، أن يحصل على 90 في المائة من حاجته، لكن قلة التعرض للشمس تؤدي إلى نقص هذا الفيتامين. ولهذا فإن البروفيسور فورم يتعامل مع فيتامين دي كـ«هرمون» يمكن أن يخل أو أن يعزز الكثير من عمليات الاستقلاب.

وأشار فروم إلى أن الزيادة في التعرض لأشعة الشمس لا تختلف عن نقص التعرض لها. ويكفي الإنسان 14 دقيقة يوميا، حسب نوع بشرته، للاكتفاء بما يبنيه الجسم من هذا الفيتامين. وتبين عند تحليل أشعة الشمس أن أفضل فترة لـ«شحن» الجسم من الشمس بفيتامين دي هي الفترة الممتدة بين العاشرة صباحا والثانية بعد الظهر. وهناك آلية خاصة في الجسم للوقاية من فرط التعرض للشمس، ويعمل هذا النظام على وقف التزود بالمزيد من فيتامين دي بعد 20 ـ 30 دقيقة من تعريض الجسم العاري للشمس القوية.

ويؤكد معهد روبرت كوخ الألماني تحذيرات الأطباء من نقص تعرض الألمان لأشعة الشمس، فتحدث عن دراسة تثبت أن 63 في المائة من الأطفال و58 في المائة من البالغين يعانون من انخفاض معدلات فيتامين دي في دمائهم. وتوصلت الدراسة إلى هذه النتائج بعد فحص 10 آلاف طفل و4 آلاف بالغ من مختلف الولايات والأعمار. وحذرت الدكتورة بريتا هنتزبيتر من مخاطر هذا النقص على عظام الأطفال رغم معرفتها بأن كمية 20 ميكروغرام/لتر، المحددة كأقل حد ممكن لفيتامين دي في الجسم، يمكن أن تكون نسبية من منطقة إلى أخرى.

المشكلة هي أن النقص القليل في فيتامين دي يمكن أن يترك آثاره بعد مرور وقت طويل، بشكل تنخر عظام عند المسنين أو بشكل سكته دماغية أو قلبية حسب رأي أستاذ التغذية في جامعة هوهنبيرغ البروفيسور كونراد بيزالكي. ويقارن بيزالكي جسم الإنسان بالسيارة الحديثة التي تستهلك زيتا أقل، لكنها ستتقوض يوما فجأة ما لم يستبدل زيتها بين فترة وأخرى.

وينطبق نفس الوصف عند الحديث عن مخاطر نقص فيتامين دي على الأطفال والشيوخ. لأن من لا تنبني عظامه بشكل متين في مرحلة الطفولة، سيعاني بالتأكيد في الشيخوخة من تنخر العظام والتهابات المفاصل. وتزداد المخاطر في الكبر لأن بشرة الإنسان بعد سن 65 سنة تفقد20% من قدرتها على تركيب فيتامين دي بمساعدة أشعة الشمس ويؤكد بيزالكي أن على أصحاب البشرة الغامقة، أي المهاجرين في شمال أوروبا، الاستحمام شمسيا أكثر من غيرهم لأن الصبغة في الجلد تحتاج إلى وقت تشمس أطول كي تنتج نفس الكمية من فيتامين دي. ولهذا فإن ذوي البشرة الأغمق أكثر عرضة من غيرهم للأمراض الناجمة عن نقص فيتامين دي.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

السمنة.. تزيد مخاطر الإصابة بخرف الشيخوخة….ضمور أنسجة المخ تتناسب طرديا مع زيادة الوزن

سبتمبر 24, 2009

مقدمه

أشارت دراسة علمية حديثة لباحثين في جامعتي كاليفورنيا في لوس أنجليس، وبيتسبرغ في بنسلفانيا الأميركيتين، إلى وجود روابط قوية بين السمنة وتزايد احتمالات الإصابة بمرض الزهايمر (خرف الشيخوخة). ونشرت نتائج الدراسة في النسخة الإلكترونية الحالية لدورية «تخطيط الدماغ الإنساني» (Human Brain Mapping).

ومن المعروف أن منظمة الصحة العالمية تقدر نسبة الأشخاص المصابين بالسمنة بحوالي 300 مليون شخص حول العالم، ناهيك عن أكثر من مليار شخص يعانون من زيادة الوزن. ويعد هؤلاء الأشخاص الأكثر عرضة لمخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، وداء السكري، وارتفاع ضغط الدم، أكثر من غيرهم من ذوي الأوزان الطبيعية. وقد قارن البروفسور بول تومسون، أستاذ الأمراض العصبية بجامعة كاليفورنيا، والدكتور سيرس راجي، الدارس بكلية الطب بجامعة بنسلفانيا، وزملاؤهم الذين أشرفوا على البحث، بين «أمخاخ» 94 شخصا، في السبعينات من العمر، خضعوا للدراسة عن طريق إجراء الأشعة المقطعية، مع دراسة أوزانهم عن طريق مؤشر كتلة الجسم، أحد أفضل المعادلات الطبية لقياس الوزن. وقد ثبت وجود تغيرات تتمثل في فقدان نسبة من نسيج المخ تتراوح بين 8 في المائة لدى المصابين بالسمنة، و4 في المائة لدى من يعانون من زيادة في الوزن، مقارنة بالأشخاص الطبيعيين، مما جعل أمخاخهم تبدو أكبر سنا من أقرانهم بما يوازي 8 إلى 16 عاما، الأمر الذي يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بمرض الزهايمر، وما يعد ضمورا حادا في الأنسجة العصبية للمخ ((degeneration كما يري البروفسور تومسون.

وحسب معادلات مؤشر كتلة الجسم Body Mass Index، فإن الشخص الطبيعي يكون مؤشره بين 20 و25، ويعتبر الوزن زائدا عندما يكون المؤشر بين 25 و30، أما ما فوق 30 فيعتبر سمنة مفرطة. ويتم حساب المؤشر بقسمة الوزن بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر.

وبدراسة مناطق المخ، وجد أن الفصين الأمامي والصدغي للمخ كانا الأكثر تأثرا، وهما المناطق المسؤولة عن التخطيط والذاكرة، بالإضافة إلى مناطق أخرى أقل تأثرا مسؤولة عن الإحساس والحركة. ويري البروفسور تومسون والدكتور راجي أنه على الرغم من الإحباط الذي قد تسببه نتائج الدراسة للمصابين بالسمنة، فإن الأمر من زاوية أخرى، يعطي أملا أكبر في أن اتباع نظام حياتي أكثر اعتدالا في جوانب الحمية الغذائية والحفاظ على الوزن في حدود المعدلات الطبيعية مع التمارين الرياضية المعتدلة، يمكن أن يقلل من فرص الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

الأطفال المصابين باضطرابات القلق..العقاقير والعلاج النفسي يحققان معاً أفضل النتائج

سبتمبر 24, 2009

مقدمه

الآباء الذين يحاولون اختيار نوع العلاج الصحيح لأبنائهم، الذين تم تشخيصهم باضطرابات القلق، متخوفون (وذلك أمر له تبريره) من تأثيرات العقاقير المؤثرة عقلياً psychotropic medication على نمو المخ لديهم. ومع ذلك، فإنهم وحين يطلبون إجراء العلاج النفسي لأبنائهم، فإنهم غالباً ما يعرفون حينذاك أن من الصعب العثور على متخصص في العلاج النفسي، إضافة إلى أن التكاليف، والوقت، والأموال، تكون أكثر من أن تتحملها عائلاتهم.

* اختبارات حديث

* المقالة التي نشرت في عدد 30 أكتوبر 2008 من مجلة «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن» تساعد في توضيح الأهمية النسبية لمختلف خيارات العلاج لاضطرابات القلق لدى الأطفال، وخصوصاً اضطرابات الفراق separation anxiety، واضطراب القلق العام generalized anxiety disorder، والرهاب الاجتماعي social phobia.

وقد أفاد الباحثون عن نتائج تجربة عشوائية مراقبة أجريت على مدى 12 أسبوعاً لمقارنة طرق العلاج السلوكي الإدراكي cognitive behavioral therapy (CBT)، والعلاج بالعقار المضاد للكآبة «سيرترالين» sertraline («زولوفت» (Zoloft، والعلاج المزدوج بكليهما، والعلاج بحبوب وهمية.

وشارك في التجربة نحو 500 طفل تراوحت أعمارهم بين 7 و17 سنة. وقد حقق أكثر من 80 في المائة من الذين خضعوا إلى العلاج المزدوج تحسناً كبيراً، مقارنة بنسبة 60 في المائة من الذين خضعوا للعلاج السلوكي الإدراكي، وبنسبة 55 في المائة من الذين تناولوا عقار «سيرترالين» فقط. ولم يكن الفرق بين الاستجابة للعلاج السلوكي الإدراكي وبين العلاج بعقار «سيرترالين» مهماً من الناحية الإحصائية، إلا أن كلا من هذين العلاجين، على انفراد، كان أكثر فاعلية بالضعف مقارنة بالعلاج بالحبوب الوهمية.

* دراسة دقيقة

* وقد صممت الدراسة التي مولها المعهد الوطني للصحة النفسية وأجريت في عدة مواقع في الولايات المتحدة، بشكل جيد. وكان المشاركون ينتمون إلى مختلف الأعراق. وأجرى العلاج النفسي أخصائيون متمرسون في العلاج، وظفوا علاجات قياسية في ظروف إشراف دقيق.

وتم تقييم حالات الأطفال الذين تناولوا عقار «سيرترالين» في ثماني جلسات استمر كل منها 30 إلى 60 دقيقة. وأتاح تصميم التجربة للباحثين مقارنة فاعلية كل نوع من العلاج مع النوع الآخر ومع الحبوب الوهمية. كما تمكن الباحثون من قياس كيفية تقبل الجسم لعقار «سيرترالين» مقارنة مع الحبوب الوهمية، إضافة إلى تقييم الأخطار على أفراد مجموعة «سيرترالين» مقارنة بالمجموعات التي تلقى أفرادها أنواعاً أخرى من العلاج.

* فاعلية العلاج

* وقد تحدث الأطفال الذين تناولوا العقار المضادة للكآبة، عن شعورهم بعدد أكثر من الأعراض السيئة الخفيفة، مثل حالة التسكين sedation والأرق، والتململ fidgeting، مقارنة بالأطفال الذين لم يتناولوا العقار. إلا أن الأمر الذي أعاد الطمأنينة إلى قلوب الباحثين، أنه وبعد الترويج والإعلان بقوة عن المخاوف بشأن حدوث حالات انتحار، لم يلجأ أي طفل إلى محاولة من هذا النوع. كما أن الأطفال الذين تناولوا «سيرترالين» لم يبلغوا بولادة أفكار لديهم حول الانتحار كانت أكثر تكراراً من الأفكار التي تولدت لدى الأطفال الذين تناولوا حبوباً وهمية.

الدراسة مشجعة لأنها تقدم دليلا قوياً على أن علاجات القلق تؤدي مهمتها. وهي تؤكد فاعلية العلاج السلوكي الإدراكي. ولذلك فإن المخاوف من تناول العقاقير تجعل من العلاج السلوكي الإدراكي خياراً أول جيداً للكثير من الأطفال.

أما لأولئك الأطفال الذين يتناولون العقار المضاد للكآبة، فإن الدراسة تقدم لهم توكيدات أكثر تشير إلى أنه وفي ظل مراقبة دقيقة، فإن خيار تناول العقاقير، خيار آمن نسبياً. أما القفزة الكبيرة التي حدثت في فاعلية العلاج المزدوج، فهي عتلة رافعة لحالات نصف الأطفال تقريباً التي لم تتحسن عند استخدام أي واحد من العلاجين، على انفراد.

وقد نوه الباحثون بأنه قد يصعب تحقيق مثل هذه النتائج العظيمة للاختبارات، في العالم الحقيقي. وبالرغم من جهود إشراك أطفال من فئات اجتماعية واقتصادية غير محظوظة في الدراسة، فإن عددهم لم يكن ممثلا فيها بالقدر المطلوب. وحتى ولو شاركوا في الدراسة، فإن هؤلاء الأطفال غير المحظوظين، لا يمكنهم عادة الحصول على الرعاية التي توفرت شروطها أثناء الدراسة. إلا أن الآليات المتعلقة بفاعلية هذه العلاجات، لا تزال مجهولة. فالمشاركون ربما تحسنت حالاتهم بسبب اندماج آليتين علاجيتين متميزتين (أي بتعبير بسيط، العلاج بالأحاديث زائداً الدواء). أو أنهم شعروا بأنهم أفضل حالا لأنهم قضوا أوقاتاً أطول مع أطبائهم.

وفي كلتا الحالين فإن الدراسة تسجل احتفاءها الكبير بالعلاج ذي النوعية العالية للقلق لدى الأطفال. وهي تقدم توكيدات متجددة لأولئك الذين يتخوفون من الأعراض السيئة. أما لأولئك الذين يضعون ملامح السياسات الصحية، فإن الدراسة توفر التشجيعات اللازمة لتحسين إمكانات المرضى للحصول على رعاية على درجة عالية من الجودة للأطفال الذين هم بحاجة إليها.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

مرض ألزهايمر..توليفة من الأدوية مع النشاط البدني والفكري قد توفر وقاية منه

سبتمبر 24, 2009

مقدمه

العمر، التاريخ العائلي، والتركيبة الجينية للإنسان، كلها تزيد من خطر ظهور مرض ألزهايمر. لكن السبب الذي يقود إلى الإصابة بالمرض يظل غير واضح. والفرضية السائدة هي أن ترسبات بروتين الأميلويد amyloid protein اللزجة في المخ، هي التي تحفز على بدء عملية الإصابة بالمرض.

* تطويرات وإخفاقات

* ويطور حاليا عدد من المركبات، التي توجه لإزالة ترسبات الأميلويد من المخ، أو لمنعها من التكون أصلا. ويأمل الباحثون في أن تنجح هذه المركبات، لدى تناولها مبكرا عند ظهور أول أعراض مرض ألزهايمر، من إيقاف تقدم المرض الذي يؤدي إلى فقدان الذاكرة وفقدان القدرات الذهنية للإنسان، بل وأن تنجح في قلب هذه الآفة رأسا على عقب.

إلا أنه وحتى الآن، فإن النتائج جاءت مخيبة للآمال. فالشركات المنتجة للأدوية قد أوقفت أعمال التطوير لاثنين من المركبات المضادة للأميلويد بعد أن وصلا إلى المرحلة الثالثة من التجارب عليهما ـ وهما «تراميبروسايت» tramiprosate (ألزهيميد (Alzhemed و«تارينفلاربل» tarenflurbil (فلاريزان Flurizan) ـ وذلك بعد أن أخفق كل منهما في فاعليته في تحسين الذاكرة أو قدرات التفكير، بالمقارنة مع الحبوب الوهمية.

وإضافة إلى هذا، فقد تم إيقاف لقاح «أيه إن 1792» AN 1792، الذي يحفز جهاز المناعة على تنظيف الجسم من ترسبات بيتا ـ أميلويد، أثناء تنفيذ المرحلة الثانية من التجارب السريرية، بعد أن أدى حقن اللقاح إلى حدوث التهاب غير مميت، في المخ لدى 6 في المائة من المرضى. كما كشف الباحثون عن نتيجة غير متوقعة بعد متابعتهم باستمرار لـ 36 مريضا من الذين تم حقنهم باللقاح، وهي نتيجة أثارت التساؤلات وشككت في أن تكون ترسبات الأميلويد فعلا هي الأهداف الحقيقية التي ينبغي التوجه للتخلص منها للقضاء على المرض.

وقد أظهر تشريح جثث المتوفين السبعة الذين تم تطعيمهم باللقاح، الذين كانوا يعانون لدى تسجيلهم في الدراسة من مرض ألزهايمر المبكر أو المتوسط، أن اللقاح قد أزال فعلا بعض ترسبات الأميلويد من المخ. ومع هذا، فإن هؤلاء كلهم ظهرت لديهم حالات العته الدماغي الحادة قبل وفاتهم ـ ومن ضمنهم اثنان أصبح المخ لديهما نظيفا تماما من تلك الترسبات. ورغم أن هذه العينة من المرضى قليلة، ولذلك لا يمكنها أن تقدم نتائج نهائية، فإن هذه النتائج تفترض أن مرض ألزهايمر ظل يتقدم حتى بعد إزالة ترسبات الأميلويد.

ورغم أن عددا من العوامل الأخرى المضادة للأميلويد تظل في حيز التطوير، فإن الباحثين يبحثون عن أهداف أخرى لمكافحتها. ومثلا، فقد أحدثت نتائج بحث أساسي أجراه باحثون في مستشفى بريغهام والنساء، مناقشات كثيرة بعد نشرها في مجلة «نتشر» في أغسطس (آب) 2008. وقدم البحث دلائل على أن الترسبات يمكن أن تعمل بوصفها «حوضا» خاملا يقوم بتحرير أجزاء صغيرة من بروتينات الأميلويد المذابة ـ وأن هذه الأجزاء الصغيرة من الأميلويد، هي العوامل السامة التي تحفز عملية الإصابة بمرض ألزهايمر.

* الستاتين ـ نتائج مختلطة

* إن نفس العوامل التي تلحق الأضرار بالأوعية الدموية وتزيد من خطر الأمراض المخية الوعائية (أمراض الأوعية الدموية المغذية للدماغ) cerebrovascular disease، ربما تساهم أيضا في حدوث تدهور القدرات الفكرية عند الإصابة بمرض ألزهايمر، وفي حالة أخرى من ضعف الإدراك تسمى العته الدماغي الوعائي vascular dementia. ولذلك فقد عكفت عدة فرق علمية على دراسة مدى صلاحية أدوية الستاتين statins في خفض خطر العته، إضافة إلى دورها في خفض مستويات الكولسترول. إلا أن نتائج الأبحاث كانت متناقضة حتى الآن، وزادت دراستان مطولتان نشرتا على التوالي في غضون أشهر من بعضهما في مجلة «نايرولوجي» عام 2008، من الالتباس والبلبلة.

الدراسة الأولى وهي «دراسة الكهنوت الديني»The Religious Orders Study، تابعت حالات 929 قسا وراهبة كاثوليكية، في سن 75 عاما في المتوسط، عند تسجيلهم لأول مرة، لفترة بين عامي 1994 و2006. وخضع جميع المشاركين إلى فحوصات سنوية لتقييم ذاكرتهم وقدرات التفكير لديهم. وقد وجد الباحثون أن استعمال أدوية الستاتين لم يقد إلى الوقاية من الإصابة من مرض ألزهايمر، كما أنه لم يقد أيضا إلى إبطاء التدهور الناجم عن المرض بعد الإصابة به.

أما الدراسة الثانية فقد تابعت 1674 من الأشخاص غالبيتهم من المنحدرين من أصول لاتينية (أكثرهم من الأميركيين من أصول مكسيكية)، من أعمار 60 عاما فأكثر، ضمن «دراسة الشيخوخة لدى اللاتينيين في منطقة سكرامنتو» Sacramento Area Latino Study on Aging التي انطلقت عام 1998. وخضع المشاركون إلى تقييم للإدراك وتقييم سريري كل 12 إلى 15 شهرا. وعندما تم تقييم حالاتهم بعد خمس سنوات، ظهر أن عدد المشاركين الذين تناولوا الستاتين وأصيبوا بالعته أو بضعف في الادراك، كان أقل بالنصف من عدد الآخرين الذين لم يتناولوا هذا الدواء المخفض للكولسترول. وقد أشار بعض المعلقين إلى أن هذه النتيجة ممتازة جدا، بحيث يصعب تصديقها، خصوصا أن 42 في المائة من المشاركين تناولوا الستاتين لفترة تقل عن سنتين. وعلى أي حال، فإن النتائج المتناقضة لهاتين الدراستين المطولتين، تؤكد الحاجة إلى إجراء تجارب عشوائية مراقبة.

* توليفة دوائية

* كل واحد من أدوية علاج مرض ألزهايمر الخمسة الموجودة في السوق، يخفف من أعراض المرض بشكل طفيف عندما يستخدم لوحده. إلا أن دراسة أجراها باحثون في مستشفى ماساشوستس العام، عام 2008، تفترض أن توليفة من الأدوية التي تنفذ آليات عمل مختلفة، ربما ستقوم بمهمة أفضل، وذلك بالرغم من أن الفوائد من هذه التوليفة ظلت قليلة.

وكان الباحثون قد تابعوا حالات 382 مريضا عولجوا في وحدة اضطراب الذاكرة في المستشفى. وأخذت المجموعة الأولى التي تكونت من 144 مريضا، في العلاج بين عامي 1990 و1995، ولم يتناول أفرادها أي دواء علاجي، لأن أدوية علاج مرض ألزهايمر لم تكن متوفرة في ذلك الحين. أما المجموعة الثانية من 122 مريضا فقد شاركت بين عامي 1998 و2002 وتناول أفرادها واحدا من مثبطات الكولينيستيرايس cholinesterase inhibitors: «دونبيزيل» donepezil (أريسيبت» Aricept)، «غالانتامين» galantamine («ريمينيل» Reminyl، «رازادين» Razadyne)، أو «ريفاستيغمين» rivastigmine (إيكسيلون» Exelon). ولم يستخدموا الدواء الرابع من هذه الفئة وهو «تاكرين» tacrine)) لأنه عموما يقدم القليل جدا من الفوائد. أما المجموعة الثالثة المتكونة من 116 مريضا فقد أخذ أفرادها في العلاج بين عامي 2000 و2004، باستخدام واحد من أدوية مثبطات الكولينيستيرايس إضافة إلى دواء «ميمانتين» memantine («ناميندا» (Namenda، الذي له آلية تختلف في تأثيرها عن آليات تأثير الأدوية الأخرى.

ومع استمرار الدراسة، عانى كل المرضى من تدهور في قدرات التفكير لديهم، وكانوا أقل قدرة على القيام بوظائفهم بشكل مستقل. إلا أن هذا التدهور كان أبطأ لدى المرضى الذين تلقوا علاجا من توليفة دوائية.

فبعد أربع سنوات من الدراسة، مثلا، سجل المشاركون الذين تناولوا دواء واحدا فقط من فئة مثبطات الكولينيستيرايس، 23 خطأ في اختبارات العته، بينما أخطأ المشاركون الآخرون الذين تناولوا توليفة دوائية 18.5 مرة في المتوسط. وفي هذه المرحلة من الدراسة كان تقييم الأشخاص الذين يرعون المرضى لحالة استقلاليتهم، أن المرضى الذين تناولوا دواء واحدا فقط من فئة مثبطات الكولينيستيرايس كانوا غير مستقلين بنسبة 75 في المائة في ما يتعلق بأنشطتهم اليومية المعيشية ـ وهذه هي نفس نسبة التقييم للمرضى الذين لم يتناولوا أي أدوية لعلاج مرض ألزهايمر. وعلى النقيض من ذلك، قال مقدمو الرعاية الآخرين إن مرضاهم الذين تناولوا التوليفة الدوائية كانوا غير مستقلين بنسبة 57 في المائة.

* تمارين فكرية

* وقدمت دراسة نشرت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 دلائل إضافية على أن الاحتياطي الإدراكي (المعرفي) ـ وهو أحد الخصائص التي تشمل قدرات التفكير، التعلّم، والذاكرة، التي يتم تقييمها في الدراسات، بتوجيه سؤال عن عدد سنوات الدراسة ـ قد يساعد في تأخير أعراض مرض ألزهايمر. إلا أن السبب في هذا ليس واضحا، ولكن الأشخاص من ذوي الاحتياطي المعرفي ربما يكونون قادرين على التعويض عن أي نقص في التفكير، بتوظيف المناطق الأخرى من المخ لديهم. وفي الدراسة الأخيرة، درس العلماء 161 شخصا من غير المصابين بالعته، و37 آخرين مصابين بمرض ألزهايمر. وقدم المشاركون معلومات عن تعليمهم وخضعوا لعدد من اختبارات الإدراك. كما خضعوا أيضا للتصوير بجهاز انبعاث البوزيترون للمسح بعد أن تم حقنهم بمادة يمكن للباحثين رصد حركتها داخل الجسم للتعرف على مواقع تراكم ترسبات الاميلويد في المخ.

وقد دهش العلماء عندما قارنوا بين الأشخاص الذين كانت لديهم نفس الامتدادات من ترسبات الأميلويد، إذ وجدوا أن الأكثر تعليما فيهم، سجلوا نقاطا أعلى في اختبارات وظيفة الإدراك الكلية، من الذين كانوا أدنى تعليما. وهكذا، فإن التعليم ربما يخلق احتياطا معرفيا يقوم وبشكل فعال، بزيادة ارتفاع العتبة الفاصلة التي تمنع الإصابة بمرض ألزهايمر. إلا أن حسم هذا الأمر يتطلب إجراء دراسات مطولة.

* النشاط البدني

* وقدمت دراستان نشرتا عام 2008 دلائل إضافية على أن اللياقة البدنية المتعلقة خصوصا بالأوعية الدموية والقلب، والنشاط البدني الكلي، ربما تساعد في تأخير تدهور الإدراك ـ ولعل ذلك ناتج من الحفاظ على صحة الأوعية الدموية أو نتيجة زيادة تدفق الدم نحو الدماغ.

وفي «مشروع راش للذاكرة والشيخوخة»The Rush Memory and Aging Project، شارك 521 شخصا من السليمين من مرض العته بمتوسط أعمار 82 سنة كانوا يعيشون في مناطق سكن المتقاعدين في مدينة شيكاغو. وطبق الباحثون اختبارات على الإدراك وقاسوا النشاط البدني بعد أن طلبوا من المشاركين ارتداء أجهزة تشابه الساعات اليدوية كانت تسجل حركات العضلات، وتقدم تقييما حول «تعداد النشاطات» لكل يوم ـ وهو قياس للنشاط الكلي وشدته ـ على مدى 10 أيام.

ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين كانوا يزاولون نشاطا أكثر، يوميا، كانوا الأفضل في اختبارات وظائف الإدراك. أما «دراسة اللياقة البدنية وعلاقتها بشيخوخة المخ» The Fitness for the Aging Brain Study فقد شملت 138 شخصا من عمر 50 سنة فأكثر، من الذين أفادوا بوجود مشاكل في الذاكرة لديهم، إلا أنهم لم يصنفوا ضمن أولئك الذين تنطبق عليهم معايير العته. وقد وضعوا عشوائيا إما في صفوف تعليمية محاطين بوسائل «الرعاية التدخلية»، أو ضمن برنامج منزلي يقومون فيه بنشاط بدني يتكون من تمارين متوسطة الشدة (المشي عادة لمدة 150 دقيقة على الأقل) خلال الأسبوع. وخضع كل المشاركين إلى اختبارات لقدرات التفكير، والذاكرة بعد فترة ستة أشهر من الدراسة، ثم بعد 12 و18 شهرا منه.

وبنهاية الدراسة، سجل أفراد مجموعة النشاط البدني نتائج أفضل في اختبارات وظيفة الإدراك والذاكرة، مقارنة مع مجموعة المراقبة. ورغم أن الفوائد كانت قليلة إلا أنها كانت مقاربة لنتائج العلاج بالأدوية. وبعد ستة أشهر، أظهر أفراد مجموعة النشاط البدني تحسنا طفيفا بمقدار 0.26 نقطة في اختبار سريري قياسي هو «المقياس الثانوي لتقييم الإدراك للمصابين بمرض ألزهايمر» Alzheimer Disease Assessment Scale ـ Cognitive subscale (ADAS ـ Cog)، بينما كانت نقاط أفراد مجموعة المراقبة قد انحدرت نقطة واحدة في المتوسط ـ والفرق النهائي الحاصل هنا هو 1.3 نقطة تقريبا. وفي نتيجة مختلفة تماما، كانت دراسة منفصلة لاستخدام دواء «دونبيزيل» قد أفادت بحصول فرق بـ 0.5 نقطة فقط بين متناولي الدواء وبين متناولي الحبوب الوهمية.

إن من السهل الشعور بخيبة الأمل بسبب عدم التوصل إلى وسائل لإبطاء تدهور قدرات الإدراك للمصابين بمرض ألزهايمر. إلا أن الباحثين يواصلون البحث عن أهداف أخرى لاستهدافها. وفي الوقت الراهن، فإن التوصل إلى نجاحات معتدلة ـ إما بدمج الأدوية في توليفة، أو الحفاظ على النشاط البدني والفكري ـ هو أفضل الخيارات.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

الخوف من الأماكن المظلمة…ملايين الأطفال يعانون منه بشدة

سبتمبر 24, 2009

مقدمه

كم منا اليوم، كنساء أو رجال، يستطيع أن يقول بمنتهى الصدق والثقة إنه كان «قبضايا» وشجاعا في طفولته، وأنه لم يكن يعاني من «الخوف من الأماكن المظلمة». وكم منا لم يلجأ إلى تغطية نفسه بالبطانية عند النوم للتغلب على الخوف من ظلمة الليل. أو يصر على أن تترك لهم إضاءة خافتة في الغرفة قبل أن يخلد إلى النوم، أو سعى «في أنصاص الليالي» إلى غرفة أمه طلبا للنوم بجوارها؟

وقد لا يصرح الطفل علانية بالخوف الذي يعتريه حال بقائه في الظلام وحيدا، أو عدم جرأته على دخول غرفة أو رواق مظلم، ولكن الأمهات والآباء يلحظون ذلك عليه. كما يلحظون أن كل خوفه يزول متى ما أضاءت اللمبة تلك الأماكن المظلمة. والأسئلة المطروحة: هل هذا أمر طبيعي يجب أن يكون في كل طفل؟ وهل له من إيجابيات أو سلبيات على المدى القريب أو البعيد؟ وما الذي بإمكان الأم أو الأب فعله لتخفيف تلك المخاوف لدى الطفل وإعانته على التغلب عليه؟ وغيرها من الأسئلة التي مبعثها المحبة للطفل والشفقة عليه من تلك المعاناة وأحزانها.

* ظروف مهيأة

* تقول الدكتورة ماري دوبن، طبيبة نفسية الأطفال في سبرينغفيلد بولاية إلينوي الأميركية: «يتوقع بعض الناس أن الأطفال لا يجب أن يكون لديهم خوف حقيقي، ولكن بالطبع لدى الأطفال تلك النوعية من الخوف. والخوف، في الواقع، جزء طبيعي من حياة كل الناس، سواء كانوا كبارا أو صغارا. وغالبا ما يبدأ حين محاولة عمل شيء جديد أو اكتشاف مكان جديد، أو أي شيء لم تسبق تجربته واختباره وعبوره، أي الشيء «المجهول». والأطفال، هم أكثر الناس مرورا بهذه النوعية الجديدة من التجارب، ولذا فإن الفرص لديهم أعلى لنشوء «الخوف» والتصاقه بأذهانهم، وبخاصة في الليل حينما يكونون لوحدهم بعيدا عن العالم الصاخب نسبيا في النهار.

وتقول الدكتورة جين بيرمان، المتخصصة في العلاج الأسري ببيفيرلي هيلز في ولاية كاليفورنيا أن الخوف من الظلمة يبدأ بالظهور والسيطرة على ذهن الطفل، عندما يكبر في العمر وتبدأ لديه ملكة وحس التخيل imagination. وعادة ما يصيب الأطفالَ الخوف من «الأماكن المظلمة في البيت» وهم في عمر سنتين أو ثلاث سنوات. أي حينما يبدأون في امتلاك حس التخيل دون أن يمتلكوا في نفس الوقت حس التمييز والإدراك للتفريق بين الأشياء، وبخاصة بين أوهام خيال اليقظة fantasy والحقائق الواقعية. وبالتالي تتوفر لأي شيء، يراه الطفل كشيء «مجهول»، فرصة لكي يبعث في نفسيته الشعور بالخوف. وإذا ما أضفنا إلى هذا أن دماغ الطفل عبارة عن صفحات فارغة لم يكتب فيها الكثير بعد، وأن الطفل ليس لديه الكثير من الأعباء والهموم التي تشغل الذهن وتشتته عن التفكير بالأشياء من حوله، وأن الطفل يبقى ينظر إلى أركان الغرفة المظلمة وهو وحيد بالليل إلى حين نومه، تجتمع لدينا عدة أسباب منطقية لسيطرة هذا الشعور بالخوف لديه.

* مصدر الخوف

* والملاحظ أن هناك نوعين من الخوف الظلمة والأماكن المظلمة. النوع الأول، نوع طبيعي، موجود لدى الكبار والصغار، وهو الخوف من المجهول. وفي المجهول المظلم قد يكون ثمة شيء يمكن أن يتعثر المرء به في أثناء المشي، أو أن يصطدم بشيء يؤدي إلى وقوع أشياء أخرى عليه، وغير ذلك من الاحتمالات. وهذا خوف جيد ومفيد ويعين المرء على السلامة، كقول المثل: «مَن خاف سلم».

والمشكلة هي في النوع الثاني، الذي يعاني منه ملايين الأطفال، وهو الاعتقاد بأن في تلك الظلمة شيئا ما مخيفا وخطرا ومؤذيا، وأنه سيهجم عليهم متى دخلوا إلى تلك الأماكن. وهنا تسأل الأمهات والآباء: كيف دخلت إلى دماغ الطفل فكرة أن هناك حقيقة وحش أو بعبع في أي مكان تلفه الظلمة؟ ولأن الطفل مهيأ لتقبل فكرة الخوف من الأماكن المظلمة، فإن هناك تأثيرات لأشياء متنوعة، تفوق ما نتوقعه نحن كبالغين. ويرى كثير من مصادر طب نفسية الأطفال، أن لبعض من نوعيات البرامج التلفزيونية، والأفلام السينمائية، والقصص، وألعاب الفيديو، دورا محوريا مهم في نشر وترسيخ فكرة الخوف من الأماكن المظلمة لدى الطفل.

* التلفزيون والقصص

* وتقول الدكتورة جين بيرمان: «عند الحديث عن الخوف من الأماكن المظلمة، فإن التلفزيون من أسوأ المتسببين بهذه المشكلة لدى الأطفال. والوالدان لا يدركان كم يتأثر الأطفال بما يُعرض على شاشات التلفزيون. وصورة ومناظر الأشياء المخيفة، والأصوات المصاحبة لها خلال العرض التلفزيوني للقصص الخرافية أو الواقعية المخيفة، كلاهما يعملان كعوامل إثارة وتنشيط الخوف والشعور به كحقيقة واقعية يعيشها دماغ الطفل وتفكيره. وما قد لا يثير البالغين أو لا يبعث فيهم الخوف، بل قد يبعث بعضهم على الضحك، هو في الحقيقة عكس ذلك، لأنه قد يثير الرعب والهلع لدى الطفل، الذي لا يبدي ذلك لمن حوله خلال مشاهدة التلفزيون.

من جهتها تشير الدكتورة ماري دوبن إلى أن غالبية الآباء والأمهات لا يشرفون على نوعية ما يُسمح للطفل بمشاهدته من البرامج التلفزيونية. ولذا قد يشارك الطفل الصغير أحد إخوته الكبار في مشاهدة برامج لا تناسب عمره مطلقا. وسواء كان البرنامج التلفزيوني يعرض قصة خرافية جديدة، أو حتى يعرض أحد أفلام الكارتون، فإن الخبراء لا يزالون يرون التلفزيون مصدرا زاخرا بأسباب بعث الخوف لدى الطفل.

وكتيبات القصص المصورة أو المقروءة، مصدر آخر لبعث الخوف بالليل لدى الطفل. ولأن خيال الطفل نشط وخصب ولا يملك التمييز أو إدراك الفروق، فإن تلك الصور والأفكار قد تعود إلى ذهنه حينما يكون وحيدا في ظلمة الليل. وتختلط لديه صور الوحوش الغريبة الشكل أو الساحرات ذات الشعور الطويلة، بأشياء غير واضحة له في الغرفة، وتنشأ خيالات مرعبة لا يمكن حتى للطفل نفسه وصفها لاحقا.

ويضاف إلى هذين الأمرين أمر مهم آخر يقع فيه البعض، وهو ذلك السلوك الغريب والعجيب الذي ينتهجه بعض الأمهات والآباء في «ترويض» أبنائهم أو بناتهم، عبر تهديدهم بأنهم إذا لم «يسمعوا الكلام» فسيأتي «الغول» بالليل ليأكلهم، أو أنهم سيُحبَسون في «غرفة الفئران»، وغير هذا من حماقات أساليب تربية الأبناء والبنات.

* حلول لمشكلة خوف الطفل

* أول وأفضل ما يمكن للوالدين فعله هو التواصل مع الطفل، واحترامه، وإظهار الصدق له في تفهم خوفه ومعاناته منه. وأسوأ ما يمكن للوالدين فعله هو الاستهزاء بخوفه، وإخبار إخوته بذلك، وتعنيفه على قلة عقله، وإظهار الاستخفاف به ووصفه بالضعف. وتقول الدكتورة جين بيرمان: «لو أنك تتواصل مع الطفل دائما، فإن الطفل سيدرك ما تتحدث عنه حول الخوف من الظلمة. وكن محترِما له، ولا تقل له بأن هذا الخوف شيء سخيف. وهذا الأسلوب إضافة إلى أنه لا يساعد الطفل على التغلب على المشكلة، فإنه يبعث على مزيد من الخوف والشعور بالذنب والخجل من النفس. ويمكن، ببذل شيء من الجهد، تخفيف هذه المشكلة لدى الطفل، أو إزالتها عنه كلية. وتقول الدكتورة ماري دوبن إنه رغم أن غالبية الأطفال لديهم درجات متفاوتة من «خوف الأماكن المظلمة»، وبخاصة في مراحل النمو، فإن المشكلة يمكن حلها مهما كان السبب. وهناك عدة عناصر لهذا:

* الهدوء في الحديث مع الطفل حول الخوف، وإعطاؤه شيئا من الآمان في قدرة التغلب عليه. وهذا ما يحصل بالاستماع إليه وتواصل الحديث معه، وإخباره أن الخوف شيء طبيعي ومتوقع من أشياء حقيقية. وعلى الرغم من معرفتنا كبالغين أن الغول والوحوش العجيبة لا وجود لها، لكن الطفل لا يستطيع بسهولة أن يتصور غباء وسخافة اعتقاد وجود مثل تلك الأشياء المخيفة، خصوصا عند فهم ما تقدم ذكره حول المصادر الكثيرة لدخول مثل هذه الأفكار المخيفة إلى ذهنه وتفكيره.

* طبيعي أن يزداد خوف الطفل في الليل، وعند النوم. وطبيعي حينها أن يبدأ الطفل بإبداء حاجته إلى أمه ورغبته أن يكون معها، وتحديدا أن ينام لديها في سريرها. والمطلوب من الأم أن تظهر للطفل القرب منه وإحاطتها له بالرعاية وصدق إحساسها بما يعاني منه، ومن الجيد إفهامه أن من الطبيعي أن يبحث عن أمه والآمان لديها، وأن أمه ستكون معه وبجواره. ولكن على الأم أن لا تتمادى في الاستجابة لطلباته، وتحديدا النوم لديها. وعليها أن تقاوم هذا الطلب برفق ولطف، لأن النوم لديها لن يحل المشكلة. * قدّمي ما يُشعِر الطفل بالأمان الحقيقي والقوة لإزالة الخوف. كأن يخبر بأن أمه ستكون بجواره، ويسأل الطفل هل يريد من الأم أو الأب أن يتفقدوه من آن إلى آخر. وأن يعطى أي شيء يطلبه ليضعه بين يديه كي يشعر بالأمان، كالبطانية أو إحدى الدمى أو إضاءة خافته بالغرفة أو غير ذلك. المهم أن يبقى في سريره لينام. ومن الخطأ مخاطبته بالقول: «سأبحث تحت السرير لأثبت لك أنه لا توجد وحوش، أو لو كنت ولدا عاقلا ومستقيما لما خفت من الغول»، لأن هذا يمنح الطفل بشكل غير مباشر شعورا بأن لخوفه أساسا أو أن الشيء الذي يخاف منه ممكن أن يكون موجودا حوله. ويمكن لو اضطُرّت الأم مثلا أن تتفقد خزانة الملابس، لا لتثبت له أن ليس فيه غول، بل لتريه ملابسه وأحذيته وغير ذلك مما فيه.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

مرحله ما قبل السكري (Prediabetic state)

سبتمبر 24, 2009

مقدمه

بالرغم من الانتشار الواسع لمرض السكري، وبالرغم من إصابة الكثيرين بهذا المرض ومراجعتهم المتكررة للأطباء لمتابعتهم، وبالرغم من إدراك هؤلاء المرضى أن أرقام قياس نسبة سكر غلوكوز الدم هي أهم ما في الأمر لجهة التشخيص ولجهة متابعة جدوى العلاجات، إلا أن نسبة مهمة من مرضى السكري، ومن عامة الناس أيضا، لا تتذكر بوضوح الأرقام الطبيعية أو غير الطبيعية لنسبة سكر الدم.

ولأن فلسفة الوقاية الطبية تعتمد في كثير من أمثلتها الواقعية على علم الدلالة المنطقية، فإن إدراك وجود ثغرة زمنية ما بين الحالة الطبيعية لسكر الدم وبين حالة مرض السكري، يُحتم الاستفادة من هذا المحسوس زمنيا ومكانيا في جهود تقليل أعداد الإصابات بمرض السكري، خاصة أن البحث في حال الناس، وفق برامج الفحص الطبي الدوري، يُوفر كثيرا من المعطيات التي تُميز الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة بالسكري، سواء من نواحي الأعراض أو العلامات المستنبطة بعد الفحص السريري أو نتائج تحاليل المختبرات.

وتجدر ملاحظة أن المقصود بـ «مرض السكري» في هذا العرض، هو النوع الثاني الذي يُصيب الكبار في الغالب.

* ثلاث حالات

* ولو انتقينا عشوائيا أربعة أشخاص من عموم الناس، وطلبنا منهم أن يصوموا لمدة ثماني ساعات، ثم أجرينا لكل منهم تحليل نسبة غلوكوز الدم بأخذ عينة من الوريد، ووجدنا أن أحدهم كانت نسبة السكر في دمه 85 ملغم، والثاني 107 ملغم، والثالث 121 ملغم، والرابع 180 ملغم. وسألنا مجموعة من مرضى السكري: منْ من هؤلاء الأشخاص لديه نسبة طبيعية لسكر الدم، ومنْ منهم لديه مرض السكري؟ لوجدنا أن إجاباتهم مختلفة. والإجابة الصحيحة: بعد الصوم لثماني ساعات، نتيجة الأول تقول إن لديه نسبة طبيعية لسكر الدم. ونتيجة الرابع تقول إنه مُصاب بمرض السكري. أما الشخص الثاني والشخص الثالث، لديهم نسبة غير طبيعية في سكر الدم، ولكنها لا تصل في الارتفاع إلى حد تشخيص الإصابة بمرض السكري.

ولأحدهم أن يسأل، ما معنى هذا، هل هو طبيعي أو هو سكري؟ والحقيقة أن الأمور في الطب، ليست دائما إما أبيض أو أسود، بل هناك حالات وأوضاع «رمادية». وفي شأن «نسبة سكر الدم» هناك ثلاث حالات، الأولى، حالة الـ«طبيعي» normal. والثانية، حالة «مرض السكري» diabetes. والثالثة، حالة بين الطبيعي وبين المرضي، وتُسمى طبيا «ما قبل السكري» prediabetes.

* قياس نسبة غلوكوز الدم

* العلامة الأساسية المميزة لمرض السكري، هي ارتفاع نسبة سكر الغلوكوز في الدم. ولتشخيص وجود المرض أو عدمه، نحتاج إلى قياس هذه النسبة. ويجب إجراء هذا القياس بالطريقة الصحيحة، وقراءتها بالطريقة الصحيحة أيضا. وتعتمد صحة طريقة القياس على عنصرين، هما، أولا: وقت أخذ عينة الدم، أي هل صام الشخص ساعتين أو ثماني ساعات أو لم يكن صائما. وثانيا، المصدر الذي يتم منه سحب كمية الدم المُراد قياس نسبة السكر فيها، أي هل الدم أُخذ من الوريد مباشرة، أم أنه أخذ من الشعيرات الدموية بوخز طرف الأصبع بالإبرة. وبالجملة، هناك ثلاثة أساليب لتتبع نسبة سكر الدم، ولكل أسلوب منها طريقة قراءة مختلفة. والأساليب هي:

* أولا: اختبار قياس نسبة سكر الغلوكوز في بلازما الدمfasting plasma glucose test(FPGT)، وذلك بعد الصيام لثماني ساعات على الأقل. وهنا يتم سحب عينة من دم الوريد، لشخص صام لمدة ثماني ساعات أو أكثر عن الأكل والشرب، ويُستثنى شرب الماء الصافي فقط. وهذه الطريقة تُستخدم لتأكيد تشخيص إصابة المرء بمرض السكري أو بحالة «ما قبل السكري». وقراءة نتائج التحليل على النحو التالي: «الطبيعي» أن تكون نسبة السكر في هذا التحليل 99 ملغم أو أقل. وما بين 100 إلى 125 ملغم هو حالة «ما قبل السكري». وإذا كانت أعلى من 126 ملغم فهذا يعني وجود «مرض السكري». ووجود مرض السكري لدى الشخص يتطلب إعادة إجراء التحليل مرة أخرى واحدة في يوم آخر، وذلك للتأكد.

* ثانيا: اختبار القدرة بتناول السكر بالفمglucose tolerance test (OGTT). أي اختبار مدى قدرة الأنسولين الموجود بالجسم، والذي يُنتجه البنكرياس، على كيفية التعامل مع كمية من السكر الذي يتناوله المرء عبر فمه. ويُطلب من الشخص ابتداءً أن يصوم لمدة ثماني ساعات، ثم تُسحب عينة أولى من دم الوريد. ثم يُعطى محلولا سكريا يحتوي على 75 غراما من السكر. ويُطلب من الشخص الامتناع عن تناول أي شيء آخر في خلال الساعتين التاليتين. وبعد انتهاء الساعتين، يتم أخذ عينة ثانية من وريد الدم. ثم يُجرى تحليل نسبة السكر في تلكما العينيتين.

وهذا الفحص يُستخدم لتشخيص الإصابة بالسكري أو بمرحلة «ما قبل السكري». وتُعتبر هذه الطريقة أدق وسيلة لتشخيص مرض السكري لدى شخص ما.

وإذا ما كانت نتيجة نسبة سكر الدم 139 ملغم أو أقل، بعد ساعتين من تناول ذلك المحلول السكري، فإن الشخص «طبيعي». وإذا كانت بين 140 و199 ملغم، كان لدى الشخص حالة «ما قبل السكري». وإذا كانت النتيجة 200 ملغم أو أعلى من ذلك، كان هذا تشخيصا للإصابة بـ«مرض السكري». وفي حال تشخيص «مرض السكري» يجب إعادة إجراء نفس الاختبار لمرة واحدة في يوم آخر، للتأكد. وتجدر ملاحظة أن نتائج هذا الاختبار للحوامل بالذات، تختلف قراءتها عن بقية الناس. ولا مجال للاستطراد فيه.

* ثالثا: فحص نسبة السكري في عينة عشوائية من دم الوريد random plasma glucose test، أي لا علاقة لها بوقت آخر وجبة طعام تناولها الشخص، ولا يُطلب منه الصيام عن تناول المأكولات أو المشروبات. ويتم أخذ عينة عشوائية من دم الوريد، وقياس نسبة السكر فيها. وإذا ما كانت نسبة السكر بالدم 200 ملغم أو أعلى، مع وجود أعراض أخرى مثل زيادة التبول أو زيادة الشعور بالعطش أو حصول نقص غير مبرر بوزن الجسم، فإن هذا يُشير بشكل عال لوجود مرض السكري لدى الإنسان. وهنا يتطلب الأمر تأكيد التشخيص عبر أحد الوسيلتين المتقدم ذكرهما.

* «ما قبل السكري»

* يبدأ أي سفر بالمغادرة من نقطة الانطلاق، ثم المرور بمراحل الطريق، ليبلغ في النهاية نقطة الوصول. وإذا ما كان ثمة إنسان لديه عوامل ترفع من خطورة عُرضة إصابته بمرض السكري، فإن نسبة سكر الدم لديه تُغادر المنطقة الطبيعية، وتنتقل إلى سلوك طريق ما قبل الوصول إلى حالة مرض السكري، وفي النهاية تدخل منطقة السكري. أي أن الإصابة بمرض السكري تحصل بالتدرج، ونتيجة لتكالب واستمرار تأثير عوامل خطورة الإصابة، يصل المرء أولا إلى «مرحلة ما قبل السكري»، ثم يصل بعدها إلى حالة مرض السكري.

وتحتل هذه المرحلة التي تسبق الإصابة بمرض السكري، أهمية بالغة لأمرين مهمين. الأول، أن التنبه إلى وجود «اضطراب» في نسبة سكر الدم، يُمكّن الإنسان من اتخاذ العديد من الإجراءات والتغيرات التي تُؤدي إلى حمايته من الإصابة بمرض السكري وإعادته بالتالي إلى الحالة الطبيعية. والثاني، أن هذا الاضطراب غير الطبيعي قد تُصاحبه تداعيات ومضاعفات ارتفاع سكر الدم على الشرايين القلبية أو غيرها من أجزاء الجسم، مما يعني ضرورة التنبه والعمل على حفظ صحة الشرايين القلبية وغيرها.

وتشير المصادر الطبية إلى أن دخول الإنسان في مرحلة «ما قبل السكري»، لا يُصاحبه أي أعراض مرضية تُنبه الطبيب أو الشخص المصاب. وما من سبيل إلى اكتشاف هذا الوضع، سوى إجراء تحليل السكر بطريقة سليمة. ولذا يقضي الكثيرون بضع سنوات قبل أن يكتشف الأطباء أن لديهم اضطرابا في نسبة سكر الدم أو لديهم ارتفاع مرضي فيه. وبالمراجعة للوسائل الثلاث في فحص نسبة سكر الدم، من الممكن بسهولة تشخيص حالات «ما قبل السكري» بشرط إجراء التحليل. وتُفضل الهيئات الطبية المعنية بمرض السكري بالولايات المتحدة إجراء الفحص الثاني المتقدم ذكره، أي «اختبار القدرة بتناول السكر بالفم» (OGTT). والسبب، أن الاكتفاء بإجراء الفحص الأول، أي «اختبار قياس نسبة سكر الغلوكوز في بلازما الدم» (FPGT)، قد يُسقط سهوا 30 في المائة من حالات الأشخاص الذين لديهم بالفعل حالة «ما قبل السكري».

وتقول المراكز الأميركية لمراقبة الأمراض والوقاية CDC: «تشير إحصائيات 2007 بالولايات المتحدة إلى وجود 57 مليون شخص، ممن أعمارهم 21 سنة وما فوق، مصابين بحالة «ما قبل السكري». وبالإمكان مقارنة هذا الرقم بعدد مرضى السكري الفعليين، والبالغ عددهم 23 مليون شخص. أي أن حالات «ما قبل السكري» حوالي ضعف حالات «مرض السكري». وما ينطبق على الولايات المتحدة ينطبق على غيرها، أو أكثر. ذلك أن نسبة انتشار مرض السكري بالولايات المتحدة هي 7,8 في المائة من السكان. وفي مناطق عدة من دول الشرق الأوسط، تصل نسبة انتشار هذا المرض إلى ما فوق 10 في المائة.

* فحص الناس

* تشير إرشادات CDC ورابطة السكري الأميركية ADA إلى أن المسح الإحصائي لفحص مدى انتشار حالات «ما قبل السكري» لا تختلف عن تلك المعمول بها بالنسبة لمرض السكري. وتحديدا تقول رابطة السكري الأميركية بضرورة إجراء فحص نسبة السكر بعد الصيام لثماني ساعات أو إجراء اختبار القدرة بتناول السكر بالفم، أي التحليل الأول أو الثاني المتقدم ذكرهما، لكل الأشخاص الذين أعمارهم 45 سنة وما فوق. وخاصة منهم الذين لديهم زيادة في وزن الجسم أو السمنة. وإذا كانت نتيجة هذا الفحص طبيعية، يجب تكرار إجرائه كل ثلاث سنوات. أما إذا كانت غير طبيعية، فيعود القرار للطبيب حول مدة إعادة الفحص للتأكد من جدوى وسائل المعالجة التي يتبعها المُصاب.

أما الأشخاص الأصغر من عمر 45 سنة، فيجب عليهم إجراء أحد الفحصين المتقدمين إذا ما كان لديهم أمران. الأول: زيادة في وزن الجسم. والثاني: إما عدم ممارسة الرياضة اليومية، أو وجود إصابة بمرض السكري لدى أحد الأقارب من الدرجة الأولى، أو الإصابة بارتفاع ضغط الدم، أو ارتفاع الدهون الثلاثية، أو انخفاض نسبة الكولسترول الثقيل الحميد.

* تطور إلى السكري تشير الهيئات الطبية المعنية بمرض السكري في الولايات المتحدة إلى ملاحظتين حول احتمالات تطور حالة «ما قبل السكري» نحو ما هو أشد، أي «مرض السكري». وهاتان الملاحظتان هما:

1. ترتفع احتمالات تطور هذا الأمر لدى المتقدمين في العمر، وذوي الوزن الزائد، والذين لديهم تاريخ عائلي بوجود مرض السكري، واللواتي حصلت لديهن حالة «ما قبل السكري» بُعيد حصول «سكري الحمل» gestational diabetes.

2. عموما، فإن احتمالات تطور حالة الأشخاص المصابين بحالة «ما قبل السكري» نحو «مرض السكري»، تفوق بمقدار 15 مرة احتمالات إصابة الشخص، ذي النسبة الطبيعية لسكر الدم، بمرض السكري لاحقا.

وتشير نتائج الدراسات التي تم إجراؤها بالولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، إلى أن الشخص الذي لديه حالة «ما قبل السكري» ولم يبدأ في ممارسة الرياضة البدنية ولا في تعديل نوعية ومكونات وكميات غذائه اليومي، فإن الاحتمالات السنوية لتطور حالته نحو «مرض السكري» هي 11 في المائة. بينما تتدنى نسبة الاحتمال السنوي هذا للذين يُنقصون وزنهم ويُمارسون الرياضة البدنية، إلى حد 3 في المائة.

والتطور المتوقع في الغالب، هو أن 25 في المائة من الذين لديهم حالة «ما قبل السكري»، سيُصبحون «مرضى بالسكري» خلال ما بين 3 إلى 5 سنوات. وبعد 10 سنوات، يُصبح غالبيتهم مرضى بالسكري. ولكن هذا كله في حال عدم البدء الجاد بالاهتمام بممارسة الرياضة البدنية اليومية وتناول الغذاء الصحي في كميته ونوعية مكوناته.

* استراتيجيات التعامل مع حالات «ما قبل السكري»

* خفض الوزن والرياضة أكثرها جدوى

* أحد أهم التساؤلات حول حالة «ما قبل السكري»، والتي تحتاج إلى توضيح، هي: ما هي استراتيجيات التعامل الطبي والإرشادات الصحية للعمل على منع تحول حالة «ما قبل السكري» إلى حالة «مرض السكري»؟

وبالرغم من أن حالة «ما قبل السكري» عامل قوي في قرب وارتفاع احتمالات الإصابة بمرض السكري، إلا أن هذا ليس حتميا. وهناك عدة وسائل وقائية يُمكن باتباعها تقليل هذه الاحتمالات أو منع حصول الإصابة بمرض السكري. وأهمها إنقاص الوزن، وممارسة الرياضة البدنية، وتناول الغذاء الصحي نوعية وكمية. ويتدخل الأطباء أيضا عبر وصف تناول أدوية معينة لخفض نسبة سكر الدم.

وتحديدا تقول الهيئات الطبية الأميركية المعنية بعلاج مرض السكري: إن درجة متوسطة الشدة من تغيرات سلوكيات نمط الحياة اليومية، في الرياضة وخفض وزن الجسم وتناول الطعام الصحي، يُمكنها أن تُؤخر لمدة 11 سنة تحول حالة «ما قبل السكري» نحو الإصابة بمرض السكري. وبالتالي تقليل عدد الإصابات السنوية الجديدة بمرض السكري بنسبة 20 في المائة.

وتُضيف: أما التدخل الدوائي بوصف تناول عقاقير معينة لخفض نسبة سكر الدم، فبإمكانه تأخير هذا التحول، لمدة تصل إلى 3 سنوات. وبالتالي تقليل عدد الإصابات السنوية الجديدة بمرض السكري بنسبة 8 في المائة. والمطلوب في تغيرات سلوكيات نمط الحياة اليومية، هو تناول وجبات طعام متدنية المحتوى من الشحوم والدهون الحيوانية، والمشي لمدة ساعتين ونصف في الأسبوع على أقل تقدير، وخفض وزن الجسم بمقدار يتجاوز 5 في المائة على أقل تقدير أيضا. وهذه الأمور لو مارسها الأشخاص ذوو الخطورة العالية في الإصابة بالسكري، فإن احتمالات إصابتهم بمرض السكري خلال السنوات الثلاث المقبلة من عمرهم تقل بنسبة تصل إلى 60 في المائة! وقد يستغرب البعض هذا، لكنها هي الحقيقة. وذوو الخطورة العالية، هم الذين لديهم سمنة، أو منْ أحد أقاربهم من الدرجة الأولى مصاب بالسكري، أو منْ تجاوزوا عمر 65 سنة، أو المصابون بارتفاع ضغط الدم، أو اضطرابات الكولسترول والدهون الثلاثية.

وعلينا ملاحظة أن المفعول الإيجابي لتغيرات سلوكيات الحياة اليومية، يفوق كثيرا المفعول الإيجابي لتناول أفضل أدوية معالجة السكري. وهو ما يعني أن الجهد يجب أن يُمارسه الشخص بنفسه، ولا جدوى من الاتكال على تناول الدواء كحل للمشكلة. وفي حين يُفيد تناول عقار «ميتفورمين» metformin بنسبة 30 في المائة، فإن تغيرات سلوكيات نمط الحياة اليومية تُفيد بنسبة 60 في المائة، في تقليل احتمالات الإصابة بمرض السكري خلال السنوات الثلاث التالية. وهناك عدد آخر من أنواع الأدوية التي تجري الدراسات حول اختبار جدواها البعيد المدى في تقليل احتمالات تحول حالة «ما قبل السكري» نحو «مرض السكري»، وبالرغم من النتائج المبدئية المشجعة والواعدة، إلا أن الفاعلية البعيدة المدى لها لا تزال غير معروفة. ولذا لا يزال عقار «ميتفورمين» هو الأفضل.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

أجهزة المسح بالأشعة المقطعية (CT scan)…الفائده و الاثار الجانبيه

سبتمبر 24, 2009

مقدمه

تشهد أجهزة التصوير الشعاعي الطبية رواجا متزايدا رغم الأزمة الاقتصادية العالمية، وحتى الآن تظل الطريقة القديمة للمسح بأجهزة الأشعة السينية (أشعة إكس) معتمدة من قبل الأطباء الذين يدققون في أفلام تصوير الصدر، أو العظام المكسورة، أو أمراض الرئة.

إلا أن الأطباء الإخصائيين في الأشعة ـ الذين يتخصصون في تشخيص الحالات بعد دراستهم الصور الطبية ـ تتوافر لديهم اليوم وسائل كثيرة للنظر في أعماق جسم الإنسان. فالتصوير بجهاز الرنين (المرنان) المغناطيسي Magnetic resonance imaging (MRI) يقدم صورا رائعة للدماغ، والعمود الفقري، والأنسجة الطرية التي تقع حول المفاصل. أما التصوير المقطعي بانبعاثات (أشعة) البوزيترون Positron emission tomography (PET)، فيعتبر وسيلة ناشئة لرصد السرطان ولأي خلل أو تشوهات في المخ.

كما تضاعف تقريبا عدد المسوحات السنوية التي تجرى بواسطة الأشعة المقطعية Computed tomography (CT)، منذ نهاية التسعينات من القرن الماضي. وهو يبلغ الآن 60 مليون مسح في السنة.

* فن التشخيص

* لقد دفعت تقنيات التصوير هذه كلها «فن التشخيص» إلى مراحل أعلى في جوانبه الموضوعية، بعد أن زادت من سرعة التشخيص ودقته. كما أنها تؤدي أحيانا إلى الاقتصاد في النفقات، فقد أظهرت دراسة في مستشفى ماساشوستس العام التابع لجامعة هارفارد على سبيل المثال، أن المسح بالأشعة المقطعية للشرايين التاجية للأشخاص الذين أدخلوا في حالات إسعافية وهم يعانون من آلام في الصدر، قد يقود ـ مع الفحوصات الأخرى ـ إلى التأكد من أن آلامهم لم تنجم عن مرض في تلك الشرايين، ولذا يمكن إرسالهم إلى بيوتهم، بدلا من إدخالهم المستشفى وزيادة نفقات المستشفى.

إلا أن وجهة النظر الشائعة، خارج القطاع الطبي وداخله، تشير إلى أن نفقات الرعاية الصحية الأميركية قد خرجت عن حدودها، حيث إنه، ووفقا لبعض التقديرات، نحو 30 في المائة من المسوحات بالأشعة كانت غير ضرورية. وإن كان ذلك صحيحا حقا فإن بمقدور الأطباء الاقتصاد بمليارات الدولارات بالتوقف عن إجراء بعضها. إلا أن المشكلة تظل تحوم حول كيفية تقليص أعداد المسوحات من دون التأثير على التشخيص، وعلى مستوى تقديم الرعاية الصحية.

* مخاوف الإشعاع

* إن زيادة إجراء المسوحات بالأشعة المقطعية ليست مسألة مالية فحسب، بل إنها تتسبب أيضا في تعريض الجسم إلى الإشعاع كما هو الحال مع الأشعة السينية. والإشعاع قد يقود إلى حدوث السرطان. وقد قدر باحثون في جامعة كولومبيا عام 2007، أن نحو 2 في المائة من كل أنواع السرطان ـ أي ما يقرب من 29 ألف إصابة سرطانية سنويا ـ يمكن أن تعزى إلى الإشعاعات من أجهزة المسح بالأشعة المقطعية، إلا أن هذه تظل تقديرات مستندة إلى عدد كبير من الافتراضات، التي لا تزال تثير جدالا واسعا.

ومع ذلك فلا يوجد أدنى شك في أن تقليل الإشعاع، حيثما كان ذلك ممكنا، يمثل خطوة ذكية وحصيفة. ولذلك فقد أخذ بعض إخصائيي الأشعة في العمل على إيجاد توازن بين نوعية الصور وبين مقدار التعرض للإشعاع، إلا أن الجرعات القليلة من الإشعاع تقود إلى صور سيئة. ولكن وفي بعض الأحيان فإن تقليل عدد الصور قد يكون كافيا لإجراء التشخيص الدقيق، وتصمم أجهزة المسح بالأشعة المقطعية بتقنيات متطورة تسمح لمستخدميها تركيز المسح، وتكييفه مع حجم المريض.

ويواصل الدكتوران آرون سوديكسون ورامين خراساني في مستشفى بريغهام والنساء التابع لهارفارد، عملهما في برنامج طموح لتأمين السلامة من الإشعاع. وهما يقومان بالتعاون مع باحثين في مركز التصوير المستند إلى البراهين في المستشفى، على وضع قاعدة بيانات حول الإشعاع المتراكم لدى المرضى الذين يخضعون للمسح بالأشعة داخل المستشفى. وسوف يستخدمان هذه البيانات لتطوير «أداة لدعم القرارات» تحذر الأطباء عبر الكومبيوتر ـ مثلا بظهور نافذة صغيرة على الشاشة ـ عندما يطلبون إجراء تصوير بالأشعة المقطعية لمريض تراكمت لديه جرعات متتالية من الإشعاع بعد خضوعه سابقا لعمليات التصوير.

وكما يلاحظ الدكتور سوديكسون فإن خطر الإصابة بالسرطان الناجم عن الأشعة المقطعية لا يظهر بشكل متساوٍ لدى الجميع، ولذلك فإن إحدى الوسائل الفعالة لخفض خطر السرطان تتمثل في التركيز على عدد صغير من الأشخاص الذين تعرضوا أكثر من غيرهم إلى عشرات المسوحات بالأشعة المقطعية.

* حرب الطبقات

* ومثل الأشعة السينية، فإن التصوير بالأشعة المقطعية «CT» يتطلب إرسال إشعاع عبر الجسم لالتقاط صور لتركيباته الداخلية. وتقوم الأنسجة الكثيفة فيه، مثل العظام، بمنع الأشعة أو إضعافها، ولذلك فإنها تبدو بيضاء في صور المسح، كما هو الحال عند تصويرها بالأشعة السينية.

إلا أن جهاز الأشعة المقطعية، وبدلا من التقاطه لصورة واحدة من الفيلم في أثناء توجيه جرعة واحدة من الإشعاع، فإنه يخلق في وقت واحد الكثير من صور المقاطع. وهو يقوم بذلك لدى إدارته للأدوات الباعثة للأشعة ـ والمجسات التي تستشعرها ـ حول جسم المريض. ويقوم الكومبيوتر بجمع المعلومات من هذه الكاشفات، في صور رقمية، يمكن تكييفها بحيث يمكن رؤية أجزاء الجسم في مقطعها من زوايا مختلفة أو في شكلها المجسم.

وقد صمم أول جهاز للأشعة المقطعية في السبعينات من القرن الماضي، ولهذا فإن هذه الأجهزة ليست جديدة. ولكن، وفي نهاية التسعينات من القرن الماضي، دخل المهندسون في «حرب الطبقات» مع ظهور أجهزة جديدة صممت بعدد أكبر من الكاشفات بحيث أصبح بالإمكان تصوير مقاطع رقيقة أقل سمكا من أجزاء الجسم.

وازدياد عدد الكاشفات يعني أن بمقدورها التقاط عدد أكثر من المقاطع خلال فترة إرسال جرعة واحدة من الإشعاع، ولذلك فلم يزدد وضوح الصور فحسب (لأن المقاطع أصبحت أقل سمكا)، بل وازدادت سرعة الحصول عليها.

وأضحت المسوحات التي كانت تحتاج إلى 20 دقيقة في الماضي، لا تحتاج إلى أكثر من 5 دقائق فقط، كما ازداد عدد الخاضعين للمسوحات. وكما هوا الحال مع آلات التصوير (الكاميرات) التي تسارعت فيها سرعة فتح العدسة فيها، نجحت هذه الأجهزة المصممة بكاشفات كثيرة في التقاط صور أوضح لأجزاء الجسم المتحركة.

* وسائل طبية أساسية

* وقد حولت سرعة المسح بالأشعة المقطعية أجهزتها إلى أدوات أساسية في طب الطوارئ والإسعاف، وفي ميدان طب التصوير عموما. وفي الولايات المتحدة تستقبل أقسام الطوارئ نحو 100 مليون حالة سنويا، 30 في المائة منها تخضع لعمليات التصوير بالأشعة المقطعية.

وقد حلت «المسوحات الشاملة» للرأس والرقبة والصدر والبطن ومنطقة الحوض للمصابين بأضرار جسدية، محل المسح المتعدد للمناطق بواسطة الأشعة السينية. ويكشف التصوير بالأشعة المقطعية بسرعة عن حالة نزف مثلا في دماغ شخص تعرض إلى سكتة دماغية. كما يمكن للأشعة المقطعية، مع استخدام عوامل تحقن في الوريد لإظهار التباين بين المناطق (وهي أصباغ يدخل اليودين في تركيبها لزيادة التباين داخل الصورة)، أن ترصد الخثرة الرئوية الخطيرة التي وصلت إلى الرئتين. كما تستخدم أيضا لتشخيص تشقق الأورطي، وتشقق بطانة هذا الشريان الكبير الذي يخرج من القلب ليغذي باقي أجزاء الجسم بالدم.

إلا أن الانفجار الحاصل في دراسات التصوير ليس واحدا من المسائل البسيطة الناتجة عن تقدم الطب، ففي الولايات المتحدة يوجد أكثر من 10 آلاف جهاز للمسح بالأشعة المقطعية. وهذه الأجهزة غالية الثمن ـ إذ قد تزيد كلفة الجهاز الواحد للأشعة المقطعية عن مليون دولار، أما كلفة المرنان المغناطيسي فهي أكثر ـ ولذلك وعندما تقتني في مستشفى أو عيادة ما واحدا من هذه الأجهزة فإن هناك حاجة ملحة لاستخدامه بكثرة. وقد طرح فريق من باحثي جامعتي ستانفورد وهارفارد تقديرات تشير إلى أن إضافة جهاز جديد للأشعة المقطعية في المدينة تؤدي إلى إجراء أكثر من 2200 مسح إضافي بها للمرضى. ويكلف كل مسح بهذه الأجهزة عدة مئات من الدولارات، ولذلك فإن استخدامها يزيد تكاليف العلاج.

* التعرض للإشعاع

* التعرض للإشعاع من أجهزة المسح بالأشعة المقطعية عالٍ، مقارنة بفحوصات التصوير الأخرى. فالمرنان المغناطيسي الذي يعمل على مبدأ مختلف تماما (مجال مغناطيسي قوي وموجات راديوية)، لا توجد فيه أي أشعة مؤينة.

وتزيد جرعة الإشعاع الفعالة الناتجة عن إجراء عملية تصوير واحدة بالأشعة المقطعية للصدر، بنحو 100 مرة عن جرعة الأشعة السينية القياسية، وبنحو 20 مرة عن جرعة الإشعاع في أثناء تصوير الثدي (الماموغرام).

وقد أظهرت الدراسات التي أجريت على الناجين من القنابل الذرية الأميركية التي ألقيت على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين عام 1945 أن خطر حدوث السرطان من الإشعاع يقابل 10 عمليات مسح بالأشعة المقطعية لكل الجسم، إلا أن هناك شكوكا كثيرة حول حدوث هذا الخطر لدى الأشخاص الذين يخضعون لعدد أقل من المسوحات. ويعتبر العمر هنا عاملا متغيرا، فالأطفال يتعرضون أكثر لتأثيرات الإشعاع لأنهم في مرحلة النمو وتتكاثر لديهم الخلايا، كما أنهم يعيشون لسنوات أكثر، ولذلك فهناك فرصة أكبر لنمو السرطان.

وفيما يعتبر الخطر من عملية واحدة أو عمليتين للمسح بالأشعة المقطعية ضئيلا جدا، فإن عددا من الدراسات وجدت أن عددا كبيرا من أقلية ضئيلة من الناس من الذين يجرى لهم المسح بالأشعة المقطعية يخضعون له مرارا وتكرارا. فالأشخاص المصابون بمرض كرون (التهاب في القناة الهضمية) والمعانين من حصى الكلية مثلا، يخضعون لعدد كبير من عمليات المسح المتكرر.

في عام 2008 أعلن الدكتور سوديكسون وزملاؤه نتائج دراسة شملت كل شخص خضع لمسح بالأشعة المقطعية في مستشفى بريغهام والنساء عام 2007، بلغ عددهم الإجمالي نحو 31 ألف شخص. وعندما دقق الفريق العلمي في تاريخ خضوعهم للمسوحات ظهر أن 1500 منهم (5 في المائة) خضعوا لـ23 مسحا أو أكثر بالأشعة المقطعية خلال السنوات الـ22 الأخيرة، و300 آخرين خضعوا لأكثر من 38 مسحا. وعندما أخذ الفريق بنظر الاعتبار عوامل العمر والجنس وأجزاء الجسم، والتعرض للإشعاع، فقد توصل إلى تقديرات بأن نحو 2300 شخص (7 في المائة) استلموا جرعات من الإشعاع من الأشعة المقطعية تكفي لزيادة خطر السرطان لديهم بنسبة 1 في المائة أكثر من مستوى الخطر الأساسي في الولايات المتحدة، وهو 42 في المائة. ومستوى الخطر الأساسي هو النسبة المئوية من السكان الذين سيظهر لديهم السرطان في أي فترة من حياتهم.

* تغيرات وتطورات

* إن بمقدور التقدم التقني تخفيض التعرض للإشعاع الناتج عن المسح بالأشعة المقطعية. وتتطور تقنيات المسح وأجهزته، فعلى سبيل المثال فإن التطويرات حول الكيفية التي سينفذ فيها تصوير الصدر بالأشعة المقطعية ستؤدي إلى خفض الإشعاعات الأمامية التي تهدد الأنسجة المريضة للصدر، عبر توجيه قسم من الإشعاعات نحو الظهر.

كما يمكن لعمليات المسح نفسها أن تتحسن، وقد قام الدكتور سوديكسون مع أطباء قسم الطوارئ بتغيير البروتوكول الخاص بتصوير تشقق الأورطي. والآن تستخدم جرعات أقل من الإشعاع للكشف عن الأورطي لدى الذين شخصوا بمرضه، وهكذا فقد تم خفض الإشعاع هنا بنسبة 75 في المائة. إلا أن توجهات استخدام المسح بالأشعة المقطعية تحتاج إلى مراجعة أيضا، فقد شجع الكثير من الأطباء المرضى على استخدام أجهزتها. وهذه الأجهزة هي أدوات طبية عظيمة، إلا أن كلفتها وخطر تأثيرات الإشعاع الناجم عنها يعنيان أن من الضروري التأني في استخدامها.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

فقدان الشهية العصبي (Anorexia nervosa)..يلحق أضرارا فادحة ويقود إلى تغيرات في التفكير والمشاعر والسلوك

سبتمبر 24, 2009

مقدمه

أعلنت «وكالة أبحاث الرعاية الطبية وجودتها»Agency for Healthcare Research and Quality (AHRQ) أن عدد حالات التنويم في المستشفيات بسبب اضطرابات الأكل قد ازداد في القرن الجديد. وكانت حالات فقدان الشهية العصبي anorexia nervosa من أكثر الحالات تشخيصا بنسبة 37 في المائة لعامي 2005 و2006، أي بزيادة 17 في المائة عن عددها لعامي 1999 و2000. أما التشخيص الثاني الأكثر شيوعا الذي تلاه، فهو مرض الإفراط في الأكل (البوليمبا) العصبي bulimia nervosa الذي يتسم بتناول الطعام بكثرة ثم الاستفراغ، إذ وصلت نسبة الحالات إلى 24 في المائة في السنة المنتهية.

وتؤثر حالة فقدان الشهية العصبي على نحو واحد من كل 200 أميركي خلال حياتهم (ثلاثة أرباعهم من النساء). ويترجم الاسم anorexia من اليونانية في العادة إلى تعبير «فقدان الشهية»، إلا أن الأمر ليس كذلك، فالمصابون بهذا الاضطراب لا يفقدون شهيتهم، بل يجاهدون عمدا لكبحها، وهم متخوفون في آن واحد من زيادة وزنهم ومقتنعون بأنهم بدينون، حتى وإن كانوا نحيفين. وبالنتيجة فإنهم يجوعون أنفسهم حتى النقطة التي تتعرض فيها حياتهم إلى الخطر.

وفي أكثر الحالات شدة، تظهر لدى المصابين مضاعفات تهدد حياتهم، مثل خفقان القلب، فشل الكلى، وفشل الكبد. وهذا هو أحد الأسباب التي تشير إلى أن فقدان الشهية العصبي هو واحد من الاضطرابات العقلية القاتلة، التي تؤدي إلى هلاك 5.6 في المائة من المصابين بها خلال 10 سنوات من إصابتهم.

وعلاج هذه الحالة مليء بالتحديات لأن التجويع لا يؤدي إلى حدوث أضرار حادة في الجسم فحسب، بل وفي العقل أيضا، إذ إنه يحدث تغييرات في التفكير، والمشاعر، والسلوك، يكون من الصعب إعادتها إلى أصلها.

* عوامل الخطر والتشخيص

* إن فقدان الشهية العصبي اضطراب معقد، متعدد الأوجه، يمكن أن يظهر منذ عمر 8 سنوات، إلا أنه غالبا ما يبدأ بين عمري 15 و18 سنة. ولم تجد دراسة وطنية شاملة في الولايات المتحدة حالات جديدة بعد وصول الذين استطلعت آراؤهم إلى منتصف العشرين من عمرهم. وهذا يفترض أن لجوء المرضى البالغين إلى العلاج يعني أنهم كانوا يعانون بشدة من فقدان الشهية العصبي من قبل.

كما تفترض دراسات أجريت على التوائم أن فقدان الشهية العصبي حالة متوارثة بنحو 71 في المائة (نفس نسبة اضطراب الوسواس القهري تقريبا)، مما يشير إلى أن الجينات تساهم في تقبل هذا المرض، أكثر من مساهمة العوامل البيئية المحيطة. وإضافة إلى ذلك فإن بعض خصائص الشخصية، مثل اتجاه الشخص نحو الكمال في تنفيذ مهماته، وعدم الرضا عن الجسد، والهواجس المتسلطة والسلوكيات المرتبطة بها، قد تهيئ مسبقا الأشخاص لحالات فقدان الشهية العصبي. وتشمل عوامل الخطر الأخرى التاريخ السابق للقلق، الكآبة، أو الإدمان، أو التعرض للضرب أو الانتهاك الجنسي.

أما العوامل البيئية مثل المجلات أو المواقع الإلكترونية التي تروج لعارضات الأزياء النحيفات فقد تحض على بداية الإصابة باضطراب فقدان الشهية العصبي. وقد تدفع هذه الإشارات الخارجية الأشخاص الحساسين لإنقاص أوزانهم، الأمر الذي يقود إلى تصعيد حالة الشعور بتوجهات متسلطة للحد من تناول الطعام للوصول إلى حجم صغير للجسم.

ويورد دليل التشخيص والإحصاءات الخاصة بالاضطرابات العقلية في طبعته الرابعة IV)ـ (DSM، قائمة بالمعايير الخاصة بالتشخيص (انظر الإطار)، وهو يصف نوعين فرعيين من حالة فقدان الشهية العصبي. وفي النوع الأول (الصارم) يقوم المصابون، بشكل قاس، بتقليل تناول الطعام. أما في النوع الثاني (الأكل بلذة ثم الاستفراغ) فإن المصابين يفقدون وزنهم بإجبار أنفسهم على التقيؤ أو يستخدمون الملينات والمسهلات أو الحقن الشرجية. كما يمكن أن يزاول مرضى فقدان الشهية العصبي الرياضة بشكل زائد عن الحد بهدف إنقاص الوزن.

وما أن ينقص الوزن إلى الحد المطلوب لتشخيص حالة فقدان الشهية العصبي، حتى يأخذ المصابون ربما بالتعرض إلى تغيرات في التفكير، مثل صعوبة التركيز، كما قد تظهر لديهم عادات غذائية غريبة، مثل تقسيم الطعام إلى أجزاء صغيرة، وتناول الطعام في أوقات معينة، وكذلك القيام بوزن كميات الطعام. وقد تساعد زيادة الوزن لاحقا في التحسن للتخلص من هذه المشكلات النفسية، إلا أنها نادرا ما تؤدي إلى زوالها نهائيا، ولذلك بالضبط يصبح «علاج الإدامة» مهما.

* قرارات العلاج الأولية

* المصابون بفقدان الشهية العصبي لهم علاج متعدد الجوانب يشمل الدعم الموجه للعناية بتغذيتهم، تقديم المشورات النفسية، وتعديل السلوك. ووفقا لظروف المصاب، فإن العلاج يمكن أن يجري خارج المستشفى أو بشكل كلي أو جزئي في عيادة محلية. ومهما كانت ظروف العلاج فإن دعم الأسرة حيوي أثناء علاج الأطفال والمراهقين المصابين بفقدان الشهية العصبي (انظر طريقة مودزلي).

ويحدد وزن المصاب في العادة نطاق العلاج وقوته. وعموما فإنه إذا فقدت فتاة بالغة 15 في المائة أو أكثر من وزن جسمها المثالي، فإن من الواجب إدخالها للعلاج في المستشفى أو توفير برنامج محكم للعلاج خارج المستشفى. ولأن الأطفال والمراهقين يعانون من أضرار في النمو لا يمكن إيقافها عندما يتعرضون إلى سوء التغذية، فإن العلاج داخل المستشفى يكون ضروريا، حتى وإن لم يصل النقص في وزن أجسامهم إلى نسبة 15 في المائة.

وتوصي جمعية أطباء الأمراض العقلية الأميركية في إرشاداتها العلاجية أيضا أخذ عوامل أخرى عند اتخاذ القرارات. وهي تشمل سرعة فقدان المريض للوزن، وحصول مضاعفات طبية لديه.

* طريقة مودزلي

* للأطفال والمراهقين الذين عانوا من فقدان الشهية العصبي لفترة تقل عن ثلاث سنوات (الأمر الذي يشير إلى أن الاضطراب لم يصبح مزمنا)، فإن العلاج الأكثر فاعلية هو «طريقة مودزلي» Maudsley method، وهو العلاج الذي يعتمد على الطريقة التي تم تطويرها في مستشفى مودزلي في لندن. وتؤكد هذه الطريقة التي تتكون من ثلاث مراحل على دور الأسرة في العلاج.

في المرحلة الأولى، يعمل الأطباء معا مع الوالدين والإخوة بحيث يتعلمون كيف يضعون الاستراتيجية اللازمة لتدريب وتشجيع المرضى على تناول كميات أكثر من الطعام، رغم أن عناصر التغذية تتحدد من قبل الأسرة. وفي المرحلة الثانية، وبعد أن يأخذ المرضى الأطفال بالأكل بشكل طبيعي أكثر ويزداد وزنهم، يتحول الاهتمام نحو التعرف على جوانب حياة الأسرة التي يمكنها أن تعيق الشفاء. ثم وفي المرحلة الثالثة، وبعد وصول الطفل إلى وزنه الطبيعي، يعمل الأطباء مع المرضى والأسرة لتحسين العلاقات بين أفرادها، وجعل الطفل مستقلا أكثر.

* العلاج الغذائي

* إن المرضى الذين يدخلون إلى عيادات العلاج غالبا ما يكونون من المعانين من سوء التغذية الشديد. ولأن التجويع يؤثر على تفكيرهم فإنهم يكونون على الأكثر سلبيين، ويعانون من دوافع متسلطة، ومتلاعبين. وفي هذه المرحلة فإن أي علاج نفسي يتطلب من المصاب التأمل، ولو قليلا، في وضعه، سيكون فعالا. وبدلا من ذلك فإن الافتراض بأن المصاب مستقر من الناحية الطبية، قد يقود إلى تشجيعه على زيادة وزنه.

ويزاوج الأطباء في الغالب بين عملية الدفع الإيجابي ـ مثل الثناء عند الحصول على زيادة في الوزن ـ مع المراقبة الدقيقة، مثل الجلوس قرب المريض للتأكد من أنه يتناول الطعام، وقياس وزنه بانتظام. والتحدي الكبير هو إجراء هذه المرحلة من العلاج بطريقة يتعاطف فيها الطبيب مع المريض، بدلا من طريقة فرض العقوبات.

وعلى الرغم من اختلاف فقرات تنفيذ البرامج فإنها كلها توجه لزيادة تدريجية في كميات السعرات الحرارية التي يتناولها المريض، والحد من ممارسته للتمارين الرياضية، بهدف زيادة وزنه. وفي المستشفى تكون الزيادة بمقدار 2 إلى 3 أرطال (900 غرام إلى 1.25 كيلوغرام تقريبا) أسبوعيا هدفا معقولا. أما في العيادة الخارجية فإن الزيادة بين نصف رطل إلى رطل واحد (225 إلى 450 غراما تقريبا) تكون هي المطلوبة.

أما المرضى الذين يرفضون تناول الطعام، أو الذين يتعرضون فعلا لخطر الموت نتيجة سوء التغذية، فقد يتطلب علاجهم التغذية الصناعية، إلا أن هذه الطريقة تعتبر آخر الحلول، لأن أنابيب التغذية تحد من هدف العلاج نفسه، أي هدف ابتعاد المريض بنفسه عن مخاطر المشكلات الطبية ووضعه لأهدافه بنفسه، لحياة مرضية وممتعة.

* خيارات الأدوية

* على الرغم من أن الأدوية غالبا ما توصف للمصابين بفقدان الشهية العصبي، فإن هناك قليلا من الأدلة التي تدعم ضرورة استخدامها، إما بهدف زيادة الوزن أو لإزالة الألم النفسي، على الأقل أثناء المراحل الأولى من العلاج.

* مضادات الاكتئاب: استنتجت دراسة مراجعة لمؤسسة «كوشران» أنه لا توجد أدلة كافية للتوصية بإعطاء مضادات الاكتئاب، إما بهدف زيادة الوزن أو لعلاج الأعراض النفسية لدى المصابين بفقدان الشهية العصبي، إلا أن جمعية أطباء الأمراض العقلية تختلف حول النقطة الثانية، إذ إنها تنصح بأن توليفة من مثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية (SSRI) selective serotonin reuptake inhibitors والعلاج النفسي قد تساعد في تخفيف الكآبة والقلق أو أفكار الهواجس المتسلطة لدى بعض المصابين من الذين زادوا من وزنهم.

وعلى المصابين بفقدان الشهية العصبي تجنب تناول مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات tricyclic antidepressants، وكذلك مثبطات إنزيم الـ«مونوأمين أوكسيديز» monoamine oxidase inhibitors، لأنهم سيعانون من مضاعفات خطيرة. كما نشرت «وكالة الغذاء والدواء الأميركية» (FDA) تحذيرا داخل «صندوق أسود» (وهو أقصى تحذير) من استعمال «بوبروبيون» bupropion («ويلبترين» Wellbutrin) من قبل الأشخاص المصابين باضطرابات الأكل، وذلك بسبب المخاوف من ازدياد مخاطر حدوث نوبات التشنج لديهم.

* مضادات الهوس: على الرغم من أن تقارير عن بعض الحالات ونتائج لبعض الدراسات الصغيرة غير المراقبة، تفترض أن أدوية الجيل الثاني من مضادات الهوس (الذهان) antipsychotics تساعد بعض المصابين بفقدان الشهية العصبي، فإنه لا توجد أبحاث معمقة حول هذا الموضوع. وأحد الأمثلة على تلك التقارير أن شركة منتجة لدواء «أولانزابين» olanzapine («زيبريكسا» (Zyprexa مولت دراسة مراقبة عشوائية استنتجت أن الدواء أفضل من الحبوب الوهمية في تخفيفه للهواجس المتسلطة وللقلق أثناء وجبات الطعام لدى المصابين بفقدان الشهية العصبي. إلا أن هذه الدراسة شملت 34 شخصا وأحدثت فوائد قليلة فقط. ففي بداية الدراسة كان متوسط مؤشر كتلة الجسم لدى مجموعتي الرجال والنساء نحو 16، أي أن المشاركين كانوا في نطاق النحيفين جدا. وبنهاية الدراسة ازداد هذا المؤشر إلى 19.7 للنساء اللاتي تناولن الحبوب الوهمية و20.3 للواتي تناولن دواء «أولانزابين»، وكل من المؤشرين يقعان في الحد الأدنى من نطاق الوزن القليل.

* العلاج النفسي

* وعندما يتمكن المصاب من زيادة وزنه، يمكن له الاستفادة من العلاج النفسي والسلوكي، ويصبح هدف العلاج هنا هو مساعدته للتعرف على الأفكار المشوهة حول الطعام، والعثور على سبل أفضل للتعامل مع مشاعره وتوتراته، وتجنب العودة إلى حالته السابقة، وهذا قد يتطلب من المصاب والطبيب بعض الوقت والعمل الدؤوب. ويكمن التحدي عند تجنب المصاب العودة إلى الحالة السابقة، في أن 50 في المائة من المصابين الذين نجحوا في زيادة أوزانهم بعد علاجهم داخل المستشفى، يرجعون إلى حالتهم السابقة خلال عام من خروجهم من المستشفى. كما تشير الدراسات البعيدة المدى إلى أن 50 إلى 73 في المائة من الذين عولجوا في مراكز المستشفيات التعليمية سيظلون يقعون ضمن معايير تشخيص اضطراب فقدان الشهية العصبي، حتى بعد مرور 10 سنوات من خروجهم منها.

إلا أن الأدلة تكون أقوى عند توظيف العلاج النفسي لتحسين فرص الشفاء لدى البالغين. فالعلاج الإدراكي السلوكي يساعد المرضى على التعرف على الأفكار المشوهة حول الطعام وتغييرها، في حين يؤدي العلاج النفسي المتعدد الجوانب للشخصية وعلاقاتها إلى تحسين علاقات المرضى مع الناس.

ولم ينفذ إلا عدد قليل من الدراسات حول استعمال الأدوية لتجنب العودة إلى الحالة السابقة. وقد افترضت إحداها أن «فلوكسيتين» fluoxetine («بروزاك» Prozac) ربما يوفر بعض الفوائد، إلا أنه لم يقدم فوائد أكبر من العلاج الإدراكي السلوكي. كما أن دراسة ثانية حول الدواء لم تتمكن من التوصل إلى النتائج نفسها. وعلى الرغم من أن علاج فقدان الشهية العصبي قد يبدو مثبطا للهمة في بعض الأحيان، فإنه يمكن للمصابين التعلم على كيفية السيطرة على أكثر أعراضه المدمرة، بمنحهم الوقت الكافي وعلاج علاقاتهم. ومن الناحية الواقعية فإن نزعاتهم وتصوراتهم حول الطعام لن تعود إلى حالتها الطبيعية إطلاقا، ولذلك فإن عليهم أن يظلوا يقظين لتجنب عودتهم إلى حالتهم السابقة، طيلة حياتهم.

* نقاط جوهرية

* فقدان الشهية العصبي واحد من أكثر الاضطرابات العقلية القاتلة.

* المنطلقات العلاجية المتعددة الجوانب هي الأفضل، إلا أن العلاج مليء بالتحديات لأن التجويع يمكنه إلحاق تغيرات مستديمة في التفكير والسلوك.

* رغم أن الأدوية توصف في الغالب، فإن هناك دلائل قليلة على قدرتها في علاج فقدان الشهية العصبي.

معايير تشخيص حالات فقدان الشهية العصبي

* وزن الجسم أقل من 85 في المائة من الوزن الاعتيادي المناسب للطول والعمر.

* خوف ملموس من زيادة الوزن، والبدانة، رغم النحول.

* التفسير الخاطئ لوزن الجسم أو شكله، والهواجس المتسلطة حول الوزن.

* فقدان ثلاث دورات شهرية لدى النساء اللاتي سبق لهن أن مررن بدورة شهرية

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com