Archive for 30 ديسمبر, 2008

التاثير النفسى للبكاء

ديسمبر 30, 2008

البكاء.. راحة وشفاء للنفس

معدل بكاء المرأة 5 مرات على أقل تقدير شهريا والرجل مرة واحدة. كلّنا، كأناس طبيعيين، مرت بنا حالات من البكاء «المُريح» و«الجيد»، سواء بعد انتهاء العلاقة مع إنسان عزيز أو في نهاية يوم عصيب بالتوتر والضغط، أو من حيرة التغلب على صعوبات الحياة أو غير ذلك. وكان ذرْفنا للدموع آنذاك وسيلة لجلب العزاء والسلوان، وتخفيف الهمّ عن أرواحنا، ورفع مستوى ثقتنا بأنفسنا وثقتنا بُحسن طالع الخير في أقدارنا، ورؤيتنا الهموم الكبيرة، التي تسببت بضيقنا، كأمور صغيرة لا تستحق كل ذلك الحزن والاهتمام. والسؤال التلقائي بُعيد مراجعة هذا الكلام الواقعي: لماذا هذا البكاء «مفيد» و«جيد» لنا؟ وإن كان كذلك، فهل ثمة نوع آخر من البكاء «غير مفيد» و«سيئ» ويزيدنا همّا وحزنا وقلقاً وخوفاً؟.

ولأن البكاء تفاعل نفسي، فإن الأطباء هم أحد أكثر من يرى ذلك التفاعل الإنساني على المرضى أو ذويهم.

ولأن البكاء تفاعل نفسي، فإن الأطباء أيضاً هم أقدر الناس في البحث عن ملابساته وجوانبه النفسية والدماغية، لذا لهم الحديث عن البكاء بشكل علمي دقيق، وفق ما توصلوا إليه من نتائج بحثية.

* دراسة حديثة

* وعلى الرغم من أن شهر ديسمبر (كانون الأول)، حمل الأعياد لكثير من البشر في هذا العام، إلا أن عدد هذا الشهر من مجلة الاتجاهات الحالية في العلوم النفسية Current Directions in Psychological Science، والصادرة عن رابطة العلوم النفسية بالولايات المتحدة APS، تضمن عرضا لدراسة فريق من الباحثين الأميركيين من جامعة جنوب فلوريدا والباحثين الهولنديين من جامعة تيلبيرغ، التي وصفت بعضاً من النتائج الحديثة لأبحاثهم حول «سيكولوجيا» علم نفسية البكاء crying. وقام الباحثون بتحليل كافة التفاصيل التي تجمعت لديهم حول أكثر من 3000 حالة بكاء حديثة حصلت لدى أشخاص في حياتهم اليومية العملية والواقعية، أي خارج نطاق إجراء التجارب على البكاء في المختبرات، عبر تحفيز حصوله لدى هؤلاء الأشخاص.

وبالجملة توصل الباحثون إلى أن الحصول على فوائد، نفسية أو بدنية أو اجتماعية، من عملية البكاء، يعتمد بشكل كبير على ما الذي بعث على البكاء، وأين حصل ذلك، ومتى انتابت الشخص تلك النوبة المعينة من البكاء. ووجد الباحثون أن غالبية الأشخاص المشمولين في الدراسة، حوالي 60%، وصفوا شعورهم بُعيد نوبة بكائهم، بأنه «تحسّن» و«ارتفاع» في مستوى المزاج النفسي والذهني. ومع ذلك، ذكر حوالي 30% أنهم لم يشعروا بذلك الإحساس النفسي الجيد والمُريح، بُعيد نوبة البكاء، إلا أن 10% ذكروا خلاف ذلك كله، حيث وصفوا إحساسهم بعد نوبة البكاء بأنه غدا أسوأ.

وبالمراجعة الأدق، وجد الباحثون أن الأشخاص المُصابين بحالات مزمنة من القلق والتوتر، هم أقل استفادة بالبكاء وأكثر شعوراً بعدم الارتياح بعده.

* هورمونات التوتر * والبكاء كلمة يُقصد بها التعبير عن فعل ذرف الدموع تفاعلاً مع حالة نفسية يمر بها الإنسان. وما يُميز ذرف الدموع في البكاء، عن الأسباب الطبيعية الأخرى لخروج الدموع من الغدد الدمعية للعين، هو خلو البكاء من مهيجات تُثير أياً من أجزاء العين. ومعلوم أن تعرض بعض أجزاء العين لعناصر مُهيجة، كالمواد الكيميائية أو الميكروبات أو الأجسام الغريبة، يُحفّز خروج الدموع من الغدد الدمعية للعين، وذلك كأحد وسائل حماية العين.

لكن في حالة البكاء، تُثار الغدد الدمعية عبر إشارات تصلها من مراكز في الدماغ معنية بالتفاعل العاطفي. ولا تزال الغالبية في الأوساط العلمية تعتقد بأن الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي يذرف الدموع تفاعلاً مع حالة عاطفية تعتريه، وأن الحيوانات بأنواعها لا تملك هذه السمة والميزة.

وتشير الدراسات الطبية الإحصائية إلى أن معدل بكاء الرجل هو مرة في كل شهر، ومعدل بكاء المرأة هو خمس مرات على أقل تقدير شهرياً. ويرتبط ارتفاع معدل بكاء المرأة بالتغيرات الهورمونية التي تعتريها بسبب الدورة الشهرية. أي دونما علاقة مباشرة بالحزن أو الاكتئاب أو الغضب.

وتشير المصادر الطبية إلى أن دموع البكاء، تختلف في النوعية عن الدمع الذي يخرج من العين في الأوقات الأخرى. وبالتحليل الكيميائي يُلاحظ ارتفاع نسبة هورمون «برولاكتين» وغيره من الهورمونات الأخرى ذات العلاقة بحالات التوتر، كذلك ارتفاع نسبة البوتاسيوم والمنغنيز.

وهناك من يرى أن احتواء دموع البكاء على كميات من عدة هورمونات مرتبطة بالتوتر وغيره، هو السبب وراء الراحة النفسية التي يشعر المرء بها بُعيد انتهاء نوبة البكاء. كما أن تفاعل الجسم مع تراكم وارتفاع نسبة هورمونات التوتر هو بالبكاء لتخليص الجسم منها. والأسباب الباعثة على بكاء الإنسان الكبير أو الصغير، والذكر أو الأنثى، تتفاوت ما بين التفاعل مع إصابات بالألم في إحدى مناطق الجسم، أياً كان مصدر الألم، لتصل الأسباب إلى معان عاطفية مرتبطة بالتسبب في الألم النفسي أو الحزن أو الغضب أو حتى الفرح.

* بكاء المختبرات

* ولاحظ الباحثون أمراً مهماً، وهو أن الأشخاص الذين ينالون دعماً اجتماعياً، من شريك الحياة أو أحد الأقارب أو الأصدقاء، خلال نوبة البكاء، هم أكثر احتمالاً للشعور بالراحة والطمأنينة بُعيد ذلك.

وذكر الباحثون، في حيثيات دراستهم، أن العلماء حتى اليوم لم يتوصلوا إلى معرفة تفاصيل واضحة حول حقيقة فوائد البكاء. وفي جانب كان السبب وراء عدم اتضاح الصورة هو كيفية إجرائهم للدراسة العلمية حول البكاء. وأضاف الباحثون، أن ثمة عدة تحديات معيقة للتوصل إلى دقّة في النتائج عند إجراء دراسات على البكاء في داخل المختبرات. ذلك أن هؤلاء المتطوعين للمشاركة في الدراسة بالمختبر، الذين يتم عليهم رصد البكاء وتأثيراته، لا يذكرون عادة أنهم أحسّوا بالتطهر والنقاء بُعيد نوبة البكاء التي تحصل نتيجة للتحفيز عليها في المختبر، كما لا يذكرون بأنهم شعروا بحال أفضل. وعلى العكس، فإن تحفيز الإنسان على البكاء في داخل المختبر يجعله يشعر بالسوء بعيد ذلك. وعلل الباحثون ذلك، الذي ظهر في دراسات البكاء السابقة التي تمت في المختبرات، بأن الشخص يُعايش في المختبر ظروفاً مُجهدة وتتسبب له بالتوتر، مثل تصوير بكائه وما يصدر عنه آنذاك بكاميرات الفيديو، ومعلوم أن المرء الطبيعي يخجل عادة من رؤية الغير له وهو يبكي، ناهيك عن تسجيل ذلك له بالصوت والصورة. ومثل إحساس المرء الباكي بأنه مُراقب من الباحثين ومن مساعديهم، ومعلوم أن هؤلاء قد لا يعنيهم ذلك الشخص وقد لا يتعاطفون مع مشاعره، وهو ما يعلمه الشخص الذي تُجرى عليه التجربة البكائية. وبالنتيجة فإن هذه المشاعر النفسية السلبية ستتغلب في أكثر الأحوال على المشاعر الإيجابية التي قد يُخلفها البكاء لدى الإنسان.

وهذا «الخلل» المنهجي لطريقة البحث حول تأثيرات البكاء، أي إجراء الدراسة عليه في المختبرات وعلى أشخاص تم تحفيز البكاء لديهم بطريقة اصطناعية، هو في الغالب ما أدى إلى عدم توصل الباحثين إلى نتائج تُقارب الواقع المُشاهد في استفادة الكثيرين من البكاء، خاصة عند توفر التعاطف الاجتماعي معهم حال ذلك.

ومع ذلك، فإن دراسات البكاء هذه التي تمت في المختبرات، قدّمت لنا نتائج لافتة للنظر ومهمة حول التأثيرات العضوية الفسيولوجية للبكاء في مختلف أجهزة وأعضاء الجسم. ومن ذلك أن البكاء له تأثير مُهدئ ومُسكن للتنفس، وله أيضاً تأثيرات غير مُريحة، كزيادة نبضات القلب وزيادة إفراز العرق والتوتر. لكن ما توصلت الدراسات السابقة إليه في الجانب العضوي أن التأثيرات المُسكّنة للبكاء تستمر فترة أطول من التأثيرات غير المُريحة. وهذا ما يُبرر لنا سبب تذكر الناس الجانب المُريح للبكاء ونسيانهم الجانب غير المُريح فيه.

* المجتمع وبكاء الكبار

* ومما هو ملاحظ أن المجتمعات لا تتقبل بكاء الشخص البالغ، أسوة بتقبلها بكاء الطفل الصغير. وتزداد الأمور تعقيداً في بعض المجتمعات عند تفشي اعتقاد أفرادها أن البكاء للنساء وللأطفال فقط، وتراه من «العيب» على الرجل بالذات. وكانت البروفيسورة ستيفاني شيلدس، المتخصصة في علم النفس ودراسات المرأة بجامعة ولاية بنسيلفينيا، قد أجرت دراسة حول توقعات البكاء لدى الجنسين. وأضافت نتائج دراستها ضمن الفصل الخاص بالبكاء لدى الجنسين في كتابها «الدوافع المحركة للمجموعات والتعبير عن المشاعر»، الذي صدر في سبتمبر (أيلول) من عام 2005. وقالت إن إثارة حصول البكاء بالمشاعر العاطفية، هو إحدى الصفات المميزة للبشر، ودموع الشخص البالغ يُمكنها أن تكون وسيلة قوية للحصول على اهتمام وعطف الغير. لكننا نجد أن الدموع مثيرة للريبة أو الازدراء بخصوص الدوافع والمحفزات لدى الشخص الباكي.

ووفق ما قالته، فإن الدموع حينما تُذرف، يكون لها تأثير قوي في الآخرين. وقوية لدرجة أن البكاء يُفهم على أنه ليس فقط تعبير عن مشاعر داخلية، بل أيضاً كنوع من الاتصال الاجتماعي. والطريقة التي يتم بها الحكم على الدموع، من قِبل الآخرين، تتأثر بعدة عوامل لدى الباكي ولدى الشخص الذي يراه. وذلك مثل ما إذا كان البكاء ناتجاً عن غضب أو عن حزن. وربما الأهم في تلك العوامل هو تحليل ما يقرأه الشخص المُشاهد لدموع البالغ حينما يبكي في كونها إما حقيقية وصادقة أو أنها تلاعب وزيف.

وترى البروفيسورة شيلدس بأن ثمة تحولاً حصل في السنين القليلة الماضية عن نظرة الحكم بالاستنكار لبكاء الرجل. وهي النظرة التي أكدت الدراسات النفسية شيوعها بين الناس في ثمانينات القرن الماضي. وأضافت بأن اليوم يُنظر إلى دموع النساء والرجال على أنها مقبولة في الحالات الشديدة، كوفاة الحبيب أو انتهاء علاقة عاطفية، التي لا قدرة للإنسان على ضبط تفاعله العاطفي إزاءها. بينما تظل غير مقبولة في الحالات الأقل شدة، كتحطم الكومبيوتر أو اصطدام السيارة. لذا لاحظت الباحثة في دراستها أن النظرة الاجتماعية اليوم نحو الدموع هي إيجابية بغض النظر عن نوع جنس ذارفها، أو العرق الذي ينحدر منه، أو الدافع العاطفي لذلك، سواء كان الغضب أو الحزن.

وقالت الباحثة إن هناك بالطبع عدة درجات للبكاء، وتتراوح بين بكاء محبوس ومكتوم تغرق العين فيه بالدمع moist-eye، من دون ذرف دموع كثيرة للخارج، وبين بكاء بصراخ ودموع غزيرة.

وكيفية بكاء الشخص هي ما تجعل هناك فرقاً في النظرة إليه. ويُعتبر البكاء المحبوس والقليل الدموع، دليلاً على أن ثمة ضبطاً قوياً للمشاعر. وأكدت الباحثة أن نتائج دراستها أشارت إلى نظرة الغير إلى الرجل أو المرأة تكون أكثر إيجابية في التقدير حينما تُذرف دموع قليلة، مقارنة بالبكاء الواضح. وتحديداً قالت بأن الرجل يقدر بشكل أكبر على هذا النوع من البكاء.

* دموع العين.. أنواع مختلفة ومهام متعددة

* تُعتبر الدموع التي تُنتجها الغدد الدمعية للعين، وسيلة حماية للعين، وربما للجسم كله. وهناك ثلاثة أنواع من الدموع التي يُمكن للغدد الدمعية إفرازها، في حالات مختلفة من حياة الإنسان اليومية، وهي:

1 ـ الدموع الأساسية. وفي الإنسان والحيوانات الثديية، تحتاج قرنية العين إلى أن تبقى رطبة دائما، وذلك لضمان سلامتها وحفظ تركيبها الشفاف المهم. والقرنية هي الجزء الشفاف من مقدم العين المُشاهدة، وتُغلف الحلقة القزحية الملونة لأعين الناس بألوان مختلفة. وعملية ترطيب القرنية تتم عبر الإفراز المتواصل لـ«الدموع الأساسية». كما أن تلك الإفرازات الدمعية تعمل على غسل القرنية والملتحمة من أية أجسام غريبة تعلق بها، كالغبار وغيره. والملتحمة هي طبقة من الأنسجة تُغطي الجزء الأبيض من العين المُشاهدة. وسائل «الدموع الأساسية» يحتوي على الماء، ومادة ليوسين اللزجة والدهون و«أجسام مضادة» ومادة «لايسوزوم» وسكر الغلوكوز وعناصر اليوريا والصوديوم والبوتاسيوم. وعلى سبيل المثال، تعمل مادة «لايسوزوم» على مقاومة البكتيريا عبر قدرتها على إذابة وتحليل الغطاء الخارجي لأنواع من البكتيريا. ويتطابق سائل «الدموع الأساسية» في مكوناته من الأملاح، كالصوديوم والبوتاسيوم وغيرهما، مع درجة ملوحة سائل بلازما الدم. والطبيعي، أن تُفرز الغدد الدمعية خلال الـ24 ساعة ما يُقارب ربع لتر. وتقل كمية هذه الدموع مع التقدم في العمر أو في حال وجود بعض الأمراض بالجسم.

2 ـ دموع ردة الفعل. وهذا النوع من الدموع يتم إفرازه كردة فعل لتهييج العين بأجسام غريبة أو بمواد كيميائية مُهيجة، مثل دخول شعرة في ما بين الجفون أو تعرض العين لغازات صادرة عن البصل أو غيره. كما يُمكن أن تتهيج العين بتعرضها لوهج ضوء شديد أو أكل الفلفل الحار أو الأطعمة الساخنة جداً أو أثناء عملية القيء أو السعال الشديد. والغاية من هذه الدموع غسل العين مما ألمّ بها.

3 ـ دموع البكاء. وهذا النوع من الدموع يتم إفرازه نتيجة للتعرض لألم جسدي أو عاطفي أو نفسي، أو حتى عند الشعور بالسعادة العارمة. وغالباً ما يُصاحب عملية إفراز دموع البكاء، احمرار الوجه والنشيج sobbing وانقباضات في النصف العلوي من الجسم. والنشيج هو فعل متكرر شبيه بالسعال ويشمل نوبات من التنفس المتشنج، خلال نوبة البكاء. وتصدر خلاله أصوات مختلفة الحدة والارتفاع. ومكونات الدمع الصادر خلال البكاء تختلف عن مكونات دمع الترطيب الأساسي أو دموع ردة الفعل. ذلك أن دموع البكاء تحتوي هورمونات بروتينية، مثل «برولاكتين» و«هورمون الغدة جار الكلوية» وعلى مادة طبيعية مخففة للألم تُدعى «ليوسين إنكفيلاين» .

* بين «دارون» ودموع البشر عند البكاء.. ملاحظات علمية مهمة

* ذرف الدموع مع حالة البكاء، شيء يتميز به الإنسان عن باقي المخلوقات الحية. وهذا لا يعني أن عيون الحيوانات لا تفرز الدموع حال تعرضها لمواد مُهيجة لإفراز الدمع.

وبالرغم من توثيق «تشارلز دارون» هذه المعلومة في كتابه الشهير «التعبير عن المشاعر لدى الإنسان والحيوانات»، وبالرغم من ذكره أن بكاء الطفل الرضيع مفيد في لفت الانتباه إليه للاهتمام به من قِبل الوالدين، إلا أنه استنتج، دونما أدلة علمية ساقها، أن ذرف البشر للدموع هو شيء عديم الجدوى!، وشبه ذرف الدموع حال البكاء بوجود الزائدة الدودية في أمعاء الإنسان.

ومعلوم أن ثمة رأيا علميا، من المشكوك في صحة التسليم به، يقول بأن الزائدة الدودية عديمة الجدوى لأنها لا تفعل شيئاً مفيداً لجسم الإنسان ولا لجهازه الهضمي.

والغريب في الأمر هو تناقض التفكير لدى «دارون»، لأن في رأيه بقيت الزائدة الدودية في جسم الإنسان بعد تطوره من «حيوان» إلى «إنسان»، بينما ذَرْف الدموع أمر إضافي زائد يتميز به البشر عن الحيوانات. ويُمكن أن يكون كلامه صحيحاً لو أن الحيوانات هي التي تذرف الدمع حال البكاء، بينما لا يفعل ذلك البشر، أو على أقل تقدير لو أن الحيوانات تذرف الدمع كما الإنسان. لذا كان خروج الدموع مع البكاء «مشكلة» حقيقية لـ«دارون» في تسويق نظريته البالية. وتبنى اللجوء إلى أسلوب «الحيدة» حينذاك، وأظهر القول بعدم فائدة ذرف الدموع حال بكاء الإنسان. وهذا الخطأ في الفهم والتعليل، يتناقض تماماً مع ما بدأت تُشير إليه نتائج الدراسات الطبية حول اختلاف مكونات دموع البكاء عن أي مُثيرات أخرى لإفراز الدموع من العين، خاصة في جانب احتواء دموع البكاء على هورمونات التوتر، وعمل الدموع على تخليص الجسم من هذه الهورمونات المتسببة في التوتر حال تجمعها في الجسم. وعليه فإن من إحدى آليات استفادة الإنسان من البكاء وذرف الدموع معه هي تلك الراحة النفسية التي يشعر الشخص الباكي بها بُعيد انتهاء نوبة البكاء.

وربما كان الأولى بـ«دارون» القول بأن هناك بكاء دون ذَرْف للدموع. وفي هذا تُشير عدة مصادر لعلم الحيوان إلى أن حيوانات عدة، مثل الجمل والشمبانزي والفيل والكلب والدبّ، لديها القدرة على ذَرْف الدموع. إلا أن هذه الدموع لا إثبات علمي على أن خروجها من أعين هذه الحيوانات ذو علاقة بأي حالة عاطفية تمر بها، أي ليست مُصاحبة للبكاء أو الشعور بالألم. ولأحدهم أن يُجادل في الأمر، مثلما فعل «توم ليوتز» في كتابه المشهور «البكاء: التاريخ الطبيعي والثقافي للدموع»، بقوله «من المستحيل الجزم بما إذا كان الحيوان الذي يذرف الدموع متألماً باكياً، أو أن عينيه تذْرفان الدموع بسبب تعرضهما لمواد مهيجة لهما. والواقع أن هذا «المستحيل» ليس مستحيلاً، بل هو ممكن لمن تأمل بدقة». وحينما «لا يُشترط» خروج الدموع كعلامة للبكاء، فإن كثيراً من الحيوانات ربما تبكي لمّا تُخرج أصواتا تدل على «حزنها». وذلك ما يُلاحظ عند إبعاد صغار العصافير أو الحيوانات الثديية عن أمهاتها. وبالذات يُلاحظ أن صوت الدبّ الصغير حال إبعاده عن أمه، هو أشبه بصوت الطفل الصغير حال بكائه. هذا بالرغم من عدم ذَرْف الدبّ الصغير ذاك أي دموع حال «نحيبه» و«بكائه» على فراق أمه.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

ضيّق قناة العمود الفقري.. الأسباب والعلاج(Spinal canal stenosis)

ديسمبر 30, 2008

مقدمه

التضيق الحاصل في العمود الفقري spinal stenosis يعتبر من اكثر الحالات الشائعة لآلام منطقة الفقرات القطنية في اسفل الظهر lumbar spine، لدى الاشخاص الأكبر سنا. وهذه الحالة عبارة عن تضيق في قناة العمود الفقري، يؤدي الى الضغط على الحبل الشوكي، وعلى جذور الاعصاب المتفرعة، او على الاثنين. ويمكن لهذا التأثير ان يمتد نحو الإليتين، الفخذين، وأسفل الرجلين كذلك، مسببا آلاماً اكثر، وتنميلا، او قرصا، وكذلك الى الضعف.
في الحالات الشديدة فانه قد يؤثر على عملية التحكم بالمثانة والأحشاء. وبمقدور اعراض التضيق في العمود الفقري ان تشل النشاطات العادية مثل المشي والوقوف. وعندما تضحى الاعراض مزمنة، فان بإمكانها ان تهيئ الحلبة لمشاكل صحية ترتبط بقلة النشاط، وهي امراض القلب والاوعية الدموية، السمنة، والكآبة.

* سبب رئيسي * السبب الرئيسي للتضيق الحاصل في العمود الفقري، هو التغيرات الناجمة عن تقدم العمر التي حدثت في عظام العمود الفقري والانسجة الاخرى له. وتظهر هذه الحالة عادة بعد سن الخمسين، الا انها قد تظهر مبكرا لدى الاشخاص الذين تعرضوا الى أذيات في العمود الفقري او ولدوا بقناة متضيقة في العمود الفقري. وربما تبلغ نسبة الاشخاص المصابين بهذه الحالة 35 في المائة من جميع الذين يبحثون عن علاج لآلام اسفل الظهر. كما انها تعتبر الحالة الرئيسية للأذيات في العمود الفقري لدى الاشخاص الذين تزيد اعمارهم عن 65 سنة.

التوصية المعتادة لعلاج آلام أسفل الظهر، هي الاعتماد على منطلقات محافظة، بمحاولة استخدام خيارات اخرى غير الجراحة: وهي الادوية، العلاج الطبيعي، تغيير نمط الحياة، وربما الحصول على حقنة في العمود الفقري. وهذه الاستراتيجيات لا تؤدي مفعولها دوما لبعض الناس المعانين من اعراض التضيق في العمود الفقري، الأكبر سنا والذين لديهم مشاكل صحية اخرى تزيد من حدة مشاكل الظهر. وبالمقابل فإن 20 في المائة فقط من الحالات تتحسن مع اجراء العمليات الجراحية.

وحتى إذا فشلت المنطلقات المحافظة هذه، فان اطباء المستشفيات يترددون في التوصية بإجراء الجراحة، الا في حالات الآلام الشديدة او الإعاقة. ويعود هذا جزئيا الى ان الدراسات حول العلاج الجراحي محدودة وغير متوافقة. الا ان سلسلة من دراسات المراقبة التي انتهت حديثا، لمقارنة الطرق الجراحية مع الطرق غير الجراحية، ربما تساعد في تغيير تلك الصورة.

* اعصاب العمود الفقري

* غالبية حالات تضيق العمود الفقري تحدث بسبب تدهور حالة الأقراص بين الفقرات disks، الأربطة ligaments، او المفاصل بين الفقرات (المفاصل السُطيْحية) facet joints.

ويساهم تدهور الأقراص في التأثير على الاعصاب بعدة طرق. فقد يضعف غطاء العصب ويتهتك – وهنا يظهر ما يعرف بانزلاق القرص المتهتك، الذي يسمح للمحتويات الجيلاتينية في التمدد والدخول نحو قناة العمود الفقري، والضغط على الحبل الشوكي او الجذور العصبية. وفي بعض الاحيان يضغط القرص المتهتك على جذر عصب عرق النسا (العصب الوركي) الكبير، الذي ينحدر في باطن الرجل، مسببا الآلام فيه التي تنطلق نحو الإلية والفخذ، وأحيانا نحو الركبة والقدم.

ومع تقدم العمر، يتقلص حجم الأقراص، الامر الذي يقلل من مساحة الفراغات بين عظام المفاصل السطيحية. ويؤدي الضغط على هذه السطوح الى تغيرات عظمية ومنها ظهور نتوءات عظمية تزيد في ضيق الحيز الذي تمر فيه جذور الاعصاب لدى خروجها من العمود الفقري. ويقود تقلص حجم القرص ايضا الى احتمال انثناء الاربطة المسماة ligamentum flavum، نحو الداخل. وهذه الاربطة تغطي عادة الجانب الخلفي لقناة العمود الفقري. ويؤدي هذا الانثناء الى زيادة الانحشار في الحبل الشوكي وجذور الاعصاب.

المصدر الآخر لآلام أسفل الظهر، مرض الانزلاق الفقري spondylolisthesis الذي يشيع لدى النساء اكثر من الرجال. وفي هذا المرض فان الفقرة القطنية تنزلق الى الامام فوق الفقرة التي تحتها، الأمر الذي يؤدي الى خرق حالة اصطفاف فقرات العمود الفقري. اما الاسباب الاخرى للتضيق في العمود الفقري فتشمل حدوث الاورام، الأذيات الجسدية، العدوى نتيجة جراحة ظهر سابقة، ومرض باجيت Paget’s disease (وهو مرض مزمن في العظام).

* تشخيص الحالة

* يمكن للطبيب عادة تشخيص حالة التضيق في العمود الفقري استنادا الى الأعراض، والى تاريخ المريض الصحي، والفحص المباشر. اما دراسة صور الاشعة- في العادة بالمرنان المغناطيسي او التصوير المقطعي الطبقي- فقد يحتاجها الطبيب للتأكد من التشخيص او لتقييم الحالة قبل اجراء الجراحة.

ان اهم عرض لحالة التضيق في العمود الفقري هو العرج العصبي المنشأ neurogenic claudication، اذ تظهر الآلام في اسفل الظهر، والإلية، والرجل، وتزداد سوءا اثناء المشي او الوقوف لكنها تتحسن مع الجلوس، او مع التحدب او مع إمالة الجسم الى الامام.

والشخص المصاب بتضيق في العمود الفقري، لا يشعر بالارتياح عند المشي منتصب القامة، ويجد نفسه اكثر ارتياحا عند ركوبه الدراجة الهوائية او المشي، او اثناء اعتماده على عربة مثل عربات التسوق مثلا، او على أية أداة اخرى مساعدة- وهذه هي النشاطات التي تزيد مرونة اسفل الظهر وتقلل الضغط على الاعصاب في منطقة الفقرات القطنية من العمود الفقري. ويشعر المريض عادة بالأعراض في جانبي أسفل الجسم، رغم ان عرق النسا قد يؤثر على جانب واحد.

وسيقوم الطبيب في المستشفى بفحص الافعال الانعكاسية للمريض، ويقيم محدودية الحركة، ويجري اختبارات لاستبعاد وجود اسباب محتملة اخرى. وقد يطلب من المريض الوقوف وقدماه مصفوفتان الى بعضهما وعيناه مغلقتان للتعرف على مدى التوازن لديه، وهي وسيلة تسمى «مناورة رومبرغ» Romberg maneuver. وقد وجد باحثو هارفارد ان المرضى المصابين بتضيق العمود الفقري، لا يحافظون على توازنهم اثناء انتصابهم على القدمين، ولديهم انحناءة عريضة في قاماتهم.

* العلاج

* ان هدف العلاج يكمن في تخفيف الآلام وإزالة شعور عدم الراحة، وفي نفس الوقت تحسين حركية المصابين وضمان أدائهم لوظائفهم. وفي ما عدا الحالات الشديدة للأعراض، فان الطبيب سيحاول في العادة وضع استراتيجيات متعددة غير العملية الجراحية، قبل ان يقترح اجراءها.

وحتى ان ظهر ان الاعراض لا تتحسن كثيرا اثناء اتباع الوسائل المحافظة، فانها، أي الاعراض، لن تزداد سوءا كما يظهر، ولن يعاني المريض من اضرار متزايدة في الاعصاب. الا ان اعراض الاعاقة المزمنة قد تقود المريض الى خطر حدوث مشاكل صحية اخرى. وإن كان الألم والشعور بعدم الراحة يتداخلان مع النشاطات اليومية المعتادة ونوعية الحياة، فان المريض قد يفضل اجراء الجراحة مبكرا. واليك خيارات العلاج:

* العلاج بالوسائل المحافظة

* العلاج الطبيعي هو الاساس للعلاجات غير الجراحية. وهدفه تقوية عضلات البطن والظهر، الحفاظ على الحركة في العمود الفقري، وتحسين اللياقة البدنية عموما. ويوصى بالقيام بنشاطات رياضية عامة وكذلك برياضة الآيروبيك (ركوب الدراجات، على سبيل المثال). اما الكورسيه او المشدات على البطن، فانها قد تساعد على تخفيف الألم، الا انها قد تضعف عضلات وقفة الجسم او وضعه، ولذلك لا ينبغي ارتداء الكورسيه او المشدات لأكثر من بضع ساعات في اليوم.

وتشمل الادوية المخففة للالم على «أسيتامينوفين»، الأسبرين، والادوية الاخرى غير الاسترويدية المضادة للالتهابات، اضافة الى المسكنات الافيونية opiates. ولم تظهر اية دراسة دلائل على تفوق دواء على آخر، ولذلك فان الاختيار يتم وفقا لتقبل المرضى للأدوية ومدى خطورتها على صحتهم العامة.

اما الحقن بالاسترويدات القشرية corticosteroids في الفراغات المحيطة بجذور الاعصاب او في المفاصل السٌطَيْحية، فان بمقدورها تقليل الالتهابات وتخفيف الألم لبضعة اسابيع او شهور. كما يمكن حقن إبر التخدير.

وتوجد بعض الدلائل السريرية على ان عمليات تقويم العمود الفقري يدويا chiropractic manipulation تساعد في تخفيف الآلام، الا انها لم تكن اكثر فاعلية من وسائل العناية التقليدية غير الجراحية. وقد اظهرت الدراسات السريرية المراقبة، بان الوخز بالإبر يقلل بشكل متواصل من آلام اسفل الظهر، الا انه، ومرة اخرى، لا توجد ادلة موثوقة بانه افضل من العلاجات الاخرى.

* الجراحة

* الهدف من الجراحة هو تخفيف الضغط على الحبل الشوكي وجذور الاعصاب، واعادة وضعية الاصطفاف الى العمود الفقري. ويتم هذا بازالة الاجزاء العظمية او الميتة التي تسبب هذا الضغط او تخرق وضعية اصطفاف الفقرات. وفي اكثر العمليات شيوعا المسماة بعملية ازالة الصفيحات من الفقرات laminectomy يقوم الجراح باحداث شق في الظهر ثم يزيل “صفيحة” (سقف) lamina واحدة او اكثر من الفقرات، بهدف خلق فراغات اكبر للاعصاب. وقد يتم ازالة اجزاء من المفاصل السطيحية المتزاوجة، اضافة الى أي نتوءات عظمية او اقراص متهتكة. والاشخاص الذين لديهم حالتا التضيق في العمود الفقري والانزلاق الفقري قد يخضعون لجراحة الدمج الفقري spinal fusion، وهي عملية لربط الفقرات وتثبيت مواقعها بشكل دائم، غالبا بوضع الصفائح والبراغي.

وحتى عهد قريب، ظلت البيانات التي تقارن بين الجراحة وبين وسائل العناية غير الجراحية، محدودة. الا ان دراسة للحالات على مدى نحو سنتين، افادت ان عملية ازالة الصفيحات من الفقرات هي اكثر فاعلية من العلاجات غير الجراحية للاشخاص المعانين من آلام شديدة لحالات التضيق في العمود الفقري التي لا ترتبط بحالة الانزلاق الفقري.

وهذه الدراسة هي جزء من دراسة «اختبارات ابحاث نتائج حالات المصابين بامراض العمود الفقري» Spine Patients Outcomes Research Trial (SPORT)، وهي دراسة لمدة 5 اعوام مولتها مراكز الصحة الوطنية. وقد نشرت النتائج في عدد 21 فبراير 2008 من مجلة «نيو إنغلاند جورنال اوف ميديسن». وفي الدراسة خفت الآلام بشكل اكبر لدى المرضى الذين خضعوا لعملية جراحية، وتحسن أداؤهم لوظائفهم، وعبروا عن رضى اكبر بالنتائج. ومع ذلك فان هذه النتائج لا تزال بحاجة الى تدقيق اكثر.

وتفترض نتائج اخرى من دراسات SPORT ان الجراحة هي اكثر فاعلية على مدى سنتين لحالات التضيق في العمود الفقري المرتبطة بالانزلاق الفقري (مجلة «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن» 31 مايو 2007). كما ذكرت ان الجراحة وكذلك العناية غير الجراحية هما فاعلان بنفس الدرجة لحالات عرق النسا او تهتك القرص (مجلة الجمعية الطبية الاميركية، 27/29 نوفمبر 2006). ومع ذلك فان تلك النتائج لم تكن حاسمة. ولم تجد أي من الدراسات ان استخدام الوسائل المحافظة ارتبط مع زيادة في الآلام او انه ادى الى تدهور في الأداء الوظيفي للمصابين. وهذا قد يكون مطمئنا لاولئك المرضى الذين يتصورون ان وضعهم سيكون اسوأ إن لم يتوجهوا لاجراء الجراحة. وتفترض البيانات طويلة المدى من دراسات اخرى ان 60 الى 90 في المائة من المعانين من تضيق العمود الفقري، تتحسن احوالهم في العام الاول بعد اجراء الجراحة، الا ان الفوائد تضمحل مع الزمن. ويحتاج بين 10 و25 في المائة منهم الى جراحة اخرى.

* تعرف على المشكلة ما الذي يعنيه كل ذلك لك؟ ان التضيق في منطقة الفقرات القطنية في العمود الفقري يتحول الى اكثر الحالات شيوعا مع تقدم السكان في العمر. وتوجد دلائل اكثر على ان علاجه واجب. وهناك عدة قواعد يمكنها المساعدة في ذلك. فان حدث لديك ألم مفاجئ او شديد، او تنميل، او ضعف، فتوجه الى الطبيب فورا. وان امكنك التحكم بالأعراض بواسطة الوسائل المحافظة، وأداء اكثر وظائفك، فواظب على استعمالها. اما إن لم تتحسن الاعراض وتصبح أسوأ، او تتداخل مع نوعية الحياة لديك فحاول ان تتناقش مع طبيبك حول خيارات الجراحة. وقد ظهرت اساليب جراحية أقل تدخلا، الا انها لم تختبر اثناء تجارب المراقبة. وان اضحت الجراحة محتملة، فحاول ان تجد طبيبا جراحا او جراح اعصاب لديه خبرة واسعة في مشاكل أسفل الظهر.

* جراحة اسعافية عاجلة

* إن حدث وشعرت بضعف في الرجلين، واختلال في وظائف الاحشاء او المثانة، او تنميل في منطقة الشرج والاعضاء التناسلية، فاطلب المساعدة الطبية فورا. فهذه الاعراض قد تكون ناجمة عن الضغط على المخروط النخاعي cauda equina، وهي الجذور العصبية عند نهاية الحبل الشوكي. وقد يقود الضغط هنا الى اضرار عصبية دائمة، ولذلك يتطلب تقييما طبيا سريعا وجراحة اسعافية مستعجلة.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

كيف تحمي قلبك و مخك؟

ديسمبر 23, 2008

مقدمه

إشكالية الكولسترول هي حينما توجد كمية عالية منه في الدم . تُؤكد نتائج الإحصائيات العالمية على أن أمراض القلب, المخ لا تزال السبب الأول للوفيات العالمية السنوية، لدى النساء ولدى الرجال، وفي شرقي العالم وغربه، وشماله وجنوبه. وتُشير الحقائق الطبية إلى أن خطورة احتمالات الإصابة بمرض شرايين القلب أو جلطة النوبة القلبية و السكتات المخيه ترتفع كلما ارتفعت نسبة كولسترول الدم. والواقع أن نسبة كمية الكولسترول في دم الإنسان تُؤثر بشكل بالغ في مدى احتمالات إصابته بأمراض شرايين القلب أو الدماغ أو الأطراف أو بقية الجسم.

الإصدار الثالث لتقرير لجنة الخبراء في “البرنامج القومي الأمريكي للتثقيف بالكولسترول” يقول: من الثابت اليوم أن الارتفاع في “كمية كولسترول الدم” يُصنف كأحد العوامل “الرئيسية” في رفع خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب و المخ.

ووصف أمر ما، في العبارات الطبية، بأنه “عامل خطورة” risk factor لمرض ما، يعني أن وجود ذلك الأمر لدى إنسان ما، وفي وقت ما، يرفع من احتمالات إصابة بذلك المرض المعني بالطرح.

الكولسترول والصحة

* ومنذ أن تم اكتشاف علاقة السبب بالنتيجة في ما بين ارتفاع الكولسترول وبين ظهور الإصابة بأمراض شرايين القلب والدماغ والأطراف، والجهود الطبية متجهة نحو أمرين مهمين. الأول تعميق فهم تلك العلاقة، وبالذات تأثيرات ارتفاع أو انخفاض الأنواع المختلفة من الكولسترول والدهون الثلاثية. والثاني، إيجاد الوسائل الأفضل لمعالجة تلك الاضطرابات في الكولسترول، بُغية حماية أرواح الناس وقلوبهم. والوسائل تلك منها ما هو دوائي، ومنها ما هو مرتبط بأسلوب نمط عيش الحياة اليومية، ومنها ما هو مرتبط بأنواع وأصناف الأطعمة التي يتناولها الإنسان.

ومعرفة أحدنا، مهما كان تخصصه التعليمي أو نوعية عمله أو عمره أو اهتماماته الحياتية، بجوانب أساسية في علاقة الكولسترول بصحة الجسم، يُعتبر من أساسيات البحث عن سلامة الحياة وأعضاء الجسم.

وقديماً كانت أولويات المعرفة الصحية تتعلق بالوقاية والمعالجة المبدئية من إصابات الحوادث والجروح والحروق وأذى الحيوانات وكيفية معالجتها المبدئية، واليوم تُضاف إلى تلك الأمور المهمة أمور مهمة أخرى، مثل الكولسترول ومرض السكري والسمنة والاكتئاب والقلق وغيرها من أمراض العصر البالغة الضرر.

أهمية الكولسترول

* الكولسترول مادة شمعية صفراء. وبالرغم من أنها شبيهة بالدهون في الهيئة، إلاّ أن من المهم معرفة أن الكولسترول يختلف في التركيب الكيميائي عن عموم الدهون والزيوت المعروفة.

ونظراً للـ “سمعة السيئة” للكولسترول، قد لا يُفاجأ البعض بمعرفة أن من الضروري وجود كمية طبيعية من مادة الكولسترول في جسم الإنسان. ذلك أن الجسم يحتاج إلى مادة الكولسترول في أربعة أمور أساسية، وهي:

* بناء جدران قوية ومتماسكة لخلايا الجسم، كي تحميها وتحفظ مكوناتها الداخلية.

* يستخدم الجسم مادة الكولسترول في إنتاج بعض الهرمونات الأساسية، كالهرمونات الجنسية لدى الذكور والإناث، وهرمون “فيتامين دي”.

* الكولسترول مادة أساسية في تكوين أجزاء من تراكيب خلايا الجهاز العصبي.

* يستخدم الكبد الكولسترول لإنتاج “أحماض المرارة”. وهي أحماض يُفرزها الكبد في عصارات المرارة. ومعلوم أن هذه الأحماض تُسهل على الأمعاء امتصاص الدهون وامتصاص الفيتامينات الدهنية، أي فيتامينات إيه A وإي E وكيه K ودي D .

وإشكالية الكولسترول ليست في مجرد وجود كميات طبيعية منه في الجسم، بل هي حينما تتواجد في الدم، والجسم، كمية عالية من الكولسترول. لأن هذه الكميات الفائضة من الكولسترول لا يستهلكها الجسم ولا يحتاجها. وككل شيء “لمّا يزيد عن حده فسينقلب ضده”، فإن ارتفاع كمية الكولسترول في الجسم ستدفع تلك الكميات الفائضة منه نحو الترسب ضمن طبقات جدران الشرايين.

ترسب الكولسترول

* ومع استمرار ارتفاع كمية الكولسترول في الدم، وبفعل عوامل متعددة، كالتدخين وارتفاع ضغط الدم ووجود مرض السكري وتدني النشاط البدني اليومي والوراثة، يزداد بشكل أكبر ترسب الكولسترول في جدران الشرايين. وهو ما يُؤدي إلى أمرين:

الأول: تتكون في جدار الشريان، أياً كان مكانه في الجسم، كُتل من الكولسترول. وكتلة الكولسترول هذه، تعمل على تضييق مجرى الدم عبر الشريان. وبالتالي يقل تدفق الدم إلى العضو الذي يعتمد على ذلك الشريان في تغذيته وإمداده بالأوكسجين.

الثاني: يفقد جدار الشريان خاصية المرونة الطبيعية له في التوسع والتمدد. ومعلوم أن أعضاء الجسم تحتاج في أوقات دون أخرى إلى مزيد من تدفق الدم إليها. وهذه الزيادة في تدفق الدم تعتمد على وجود خاصية مرونة جدار الشريان. وحينما تفقد جدران الشريان مرونتها، فإن الدم لا يزداد تدفقه عند الحاجة، وحينها يظهر نقص في قدرة العضو ذاك عن أداء وظيفته أو أنه العضو يبدأ بإعلان الشكوى للجسم من نقص تزويده بالدم.

وبحصول هذين العنصرين تتكون حالة مرضية تُدعى “تصلب الشرايين”. وهي حالة تختلف مظاهرها في شرايين أعضاء مختلفة من الجسم.

لماذا تحليل الدم للكولسترول؟

* ومن الضروري إجراء تحليل الدم للكولسترول للإنسان. وذلك لسببين مهمين:

الأول: أن وجود حالة مرضية لـ “ارتفاع كولسترول الدم”، لا يُؤدي بالمرء إلى شكوى من الألم في أي منطقة من الجسم، أو إلى الشكوى من أي أعراض أخرى، بل هي حالة مرضية خطرة، تتسبب بأذى الشرايين في صمت وهدوء ودون إثارة الانتباه، طوال الوقت. ولذا فإن الناس الذين لديهم “ارتفاع في كولسترول الدم”، لا يُمكنهم أن يعلموا وجود تلك المشكلة الصحية لديهم، إلا حينما يتم إجراء تحليل كولسترول الدم لهم. ولا سبيل البتة إلى اكتشاف وجود “ارتفاع كولسترول الدم” بغير تحليل كولسترول الدم.

الثاني: أن النجاح في العمل على خفض “ارتفاع كولسترول الدم”، يُؤدي إلى تقليل احتمالات خطورة الإصابة بجلطة النوبة القلبية والإصابة بالذبحة الصدرية، وتقليل احتمالات الوفاة بسببهما. وهذا ما يجب العمل عليه لدى الصغار والكبار، والذكور والإناث، ومرضى شرايين القلب والسليمين منه. وكذلك تقليل الإصابات بأمراض الشرايين الطرفية، التي تُغذي الأرجل والأيدي، والشرايين الدماغية، وشرايين الكلى والأمعاء وغيرهم من أجزاء الجسم.

والأصل الطبي، أن على كل إنسان قد تجاوز سن العشرين، أن يُجري تحليل الدم للكولسترول. وعليه أن يُكرر ذلك التحليل، على الأقل، مرة كل خمس سنوات، إذا كانت النتائج طبيعية لديه.

حالات تكرار التحليل

* ولكن هناك حالات تتطلب تكرار إجراء تحليل الكولسترول في أوقات أقل من خمس سنوات، ووفق توجيه الطبيب، وذلك مثل:

– ظهور نتائج مرتفعة عن الحد الطبيعي أو في أعلى درجات النطاق الطبيعي، في تحليل الكولسترول السابق.

– إذا كان الشخص يتناول أدوية لخفض الكولسترول.

– لدى الشخص إصابة بمرض شرايين القلب أو غيره، أو انه مُصاب بمرض السكري.

– لدى الشخص تاريخ عائلي بإصابة أحد أقاربه القريبين في النسب بارتفاع الكولسترول، أي مثل الأب أو الأم أو الإخوة أو الأخوات.

– إذا كانت ثمة سمنة أو خمول في نشاط ممارسة الرياضة البدنية، أو أن الشخص من الناس الذين يُكثرون من تناول الشحوم واللحوم الحيوانية.

وهنا، على الشخص إتباع إرشادات الطبيب في إجراء تحليل الكولسترول. وغالباً ما يطلب الطبيب إعادة التحليل حينما لا يكون الشخص قد صام عن الأكل لمدة كافية قبل التحليل، أو لفحص مدى الاستفادة من إتباع حمية غذائية لخفض الكولسترول، أو لفحص تأثير كمية دواء خفض الكولسترول التي يتناولها الشخص، أو لغيرها من الأسباب الطبية.

التحضير لتحليل الكولسترول

* وتُعطي نتيجة “تحليل الكولسترول” نبذة مكونة من أربعة أرقام لأربع عناصر، تُشكل بمجملها ما يُعرف بـ “نبذة البروتينات الدهنية” “lipoprotein profile”. وهي كمية:

· الكولسترول الكلي Total cholesterol.

· الكولسترول الخفيف LDL ، الضار.

· الكولسترول الثقيل HDL ، الحميد.

·الدهون الثلاثية Triglycerides.

وأحياناً لا يتم إجراء تقييم لهذه العناصر الأربعة، بل تكتفي بعض المختبرات بإجراء كمية “كل الكولسترول” و الكولسترول الثقيل. ولو وُجد اضطراب فيهما، تم إجراء بقية العناصر.

ولإجراء التحليل، لمعرفة هذه العناصر الأربعة، على المرء أن يصوم ما بين 9 إلى 12 ساعة، عن تناول الأطعمة وعن شرب السوائل. وتشترط بعض المصادر الطبية الصوم لمدة 14 ساعة، وهو الأفضل. وللمرء فقط أن يتناول، خلال فترة الصوم لتحليل الكولسترول، الماء الصافي. وعلى منْ يتناولون المشروبات الكحولية، أن يمتنعوا عن تناولها قبل التحليل لمدة 48 ساعة على أقل تقدير، وإلا فإن نتائج التحليل ستتأثر بصفة واضحة. ولكن حينما يهدف الطبيب في إجراء التحليل لمعرفة نسبة الكولسترول الكلي والكولسترول الثقيل، فإن الصوم لتلك المدة ليس ضروري.

ويتم أخذ عينة من دم الوريد لتحليل كولسترول الدم، وعادة بضعة مليلترات من دم أحد أوردة الساعد.

ومن المهم ملاحظة أن على الشخص إجراء تحليل الدم للكولسترول حينما يكون بصحة جيدة. أي حينما لا يكون مُصاباً بأحد الأمراض العارضة، كنزلات البرد أو الالتهابات، وبالأخص لا يُجرى التحليل لمن أُصيب للتو بجلطة في القلب أو يمر بحالات شديدة من التوتر النفسي أو البدني. كما تجب ملاحظة أن من الطبيعي ارتفاع نسبة الكولسترول خلال فترة الحمل، ولذا على الحامل إجراء التحليل بعد ستة أسابيع من وضع المولود. وهناك بعض الأدوية التي قد تُؤثر على نتيجة التحليل، مثل حبوب منع الحمل للنساء. ولذا يطلب الطبيب عادة من المرأة توقفها لفترة عن تناول الحبوب تلك، عند طلب إجراء تحليل الكولسترول.

أنواع الكولسترول

* تقدم أن «تحليل الكولسترول» يشمل معرفة كمية أربعة عناصر. و«الكولسترول الكلي»، هو كمية كل الكولسترول الموجود في الدم.

و«الكولسترول الخفيف» هو الكولسترول الضار، لأنه هو الكولسترول الذي يذهب إلى جدران الشرايين كي يترسب فيها ويتراكم، وبالتالي يتسبب بمرض الشرايين تلك. وارتفاع هذه النوعية من الكولسترول شيء ضار بصحة الشرايين.

و«الكولسترول الثقيل»، هو الكولسترول الحميد، لأنه الكولسترول الخارج من جدران الشرايين والذاهب إلى الكبد كي يتخلص منه ويُخرجه من الجسم. وارتفاع هذه النوعية من الدهون شيء مفيد لصحة الشرايين. ذلك أن ارتفاعها يعني أن عملية تنقية الجسم من الكولسترول، نشطة.

و«الدهون الثلاثية»، هي نوعية الشحوم الدهنية التي تتراكم في الشرايين مع الكولسترول، وارتفاعها أمر ضار بالصحة.

والهدف الأساسي من معرفة نسبة الكولسترول والدهون الثلاثية، هو تحديد مدى احتمالات خطورة الشخص مستقبلاً بأمراض الشرايين. وتزداد أهمية إجراء التحليل، ومعرفة نتائجه لدى المُصابين بأحد أمراض الشرايين أو لدى مرضى السكري. والسبب أن تلك المعرفة يتبعها العمل الطبي على ضبط نسبة الكولسترول والدهون الثلاثية ضمن المعدلات الآمنة في عدم التسبب بمزيد من التدهور في حالة الشرايين الصحية.

شرايين القلب التاجية واضطرابات الكولسترول

* تُوجد في القلب ثلاثة شرايين تاجية رئيسية. تعمل هذه الشرايين الثلاثة على ضمان تدفق كميات كافية من الدم إلى الجدران العضلية لحجرات القلب الأربعة، وتزويد كل أجزاء عضلة القلب بالأوكسجين وبالمواد الغذائية اللازمة لحياتها.

وحينما تحصل عملية ترسّب الكولسترول في أحد شرايين القلب التاجية، فإن النتيجة ستكون أحد أمرين:

الأول، تدني تدفق الدم إلى أحد أجزاء من عضلة القلب، ونقص تزويدها بالأوكسجين. ما يُؤدي إلى الشكوى من ألم الذبحة الصدرية عند بذل المجهود البدني وارتفاع الطلب من القلب للعمل بقوة أكبر. أي أن مجرد وجود “ضيق مستقر” في مجرى الشريان سيُؤدي إلى الشكوى من “ألم الذبحة الصدرية”.

الثاني، أن تحصل حالة من التوقف التام لتدفق إلى أجزاء من عضلة القلب، ما يُؤدي إلى حصول جلطة النوبة القلبية. و”الانسداد التام” لمجرى الشريان يحصل إما بفعل استمرار ترسب الكولسترول، إلى حد سد مجرى الشريان بالكامل. أو يحصل فجأة نتيجة لتهتك بنية كتلة الكولسترول المُضيقة للشريان، ما يُحفز تجلط الدم عليها، وسد مجرى الشريان بالكامل.

ولذا حينما يحصل “تصلّب” في أحد الشرايين المغذية للقلب، والتي تُدعى “الشرايين التاجية”، يقلّ بالتالي تدفق الدم إلى أجزاء عضلة القلب التي يُغذيها ذلك الشريان المريض. وتبدأ المشكلة بالظهور عندما يُطلب من القلب العمل بطاقة أعلى، عند بذل المجهود البدني مثلاً، لضخ كميات عالية من الدم للجسم. وهنا تبدأ عضلة القلب بـ “الأنين” والشكوى من هذا النقص في تزويدها بالأوكسجين.

ومظهر هذا الأنين يكون “ألم الذبحة الصدرية”. وهو ألم ضاغط يشعر المريض به في صدره أو في عضده الأيسر، غالباً، عند بذل المجهود البدني أو التفاعل العاطفي النفسي. وهناك درجات لألم الذبحة الصدرية، تبعاً لدرجة مستوى الضيق والتصلب في أحد تلك الشرايين التاجية المغذية للقلب.

وقد تصل الأمور في سوئها إلى حد “الم الذبحة الصدرية” عند يكون الانسان في راحة ولا يبذل أي مجهود بدني، أو تصل إلى حد السد التام لمجرى الدم من خلال أحد الشرايين التاجية، ما يُؤدي إلى “نوبة الجلطة القلبية”.

وحينما يعتري التصلب والضيق أحد شرايين الأطراف السفلى، فإن المريض يشعر بألم في عضلات خلفية الساق، أو “بطة الساق”، عند الجري السريع، أو عند أقل من ذلك.

أما حينما يُوجد الضيق في أحد شرايين الأمعاء، فإن المريض يشكو من ألم بُعيد تناول وجبة الطعام، نظراً لأنين الأمعاء من عدم استقبالها لكمية أكبر من الدم حال عمل الأمعاء على هضم الطعام الذي تم تناوله للتو.

ويُؤدي ضيق أحد الشرايين المُغذية للكلى إلى تدني مؤشرات تحليل وظائف الكلى، وإلى ارتفاع ضغط الدم أيضاً.

وهكذا دواليك في نوعية شكوى أعضاء الجسم المختلفة من وجود تضيقات في الشرايين المُغذية لها.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

الامراض و الأبحاث العلمية

ديسمبر 22, 2008

مقدمه
 
قائمة الاخبار العشرة الصحية الكبرى لعام 2008، ليست سوى تذكير بأن الكثير مما يحدث في ميدان الصحة والطب، يرجع بقوة الى الجزئيات.

وعلى سبيل المثال فإن التحكم بسكر الدم بوصفه التوصية السائدة لمرضى السكري، لا يعتبر مشكلة بحد ذاته. الا ان تحديد المستوى الأدنى له من جهة، ولأي مجموعة من المصابين، وبأي الوسائل، من جهة اخرى، يعتبر مشكلة. وقد أدت نتائج التجارب السريرية الى دفع المرضى والاطباء على حد سواء، بعيدا عن تطبيق المنطلقات التي ظلت تقدم حتى الآن الى جميع المصابين بالمرض، التي تؤكد على ضرورة الوصول الى مستويات منخفضة جدا، والتوجه بدلا عنها الى منطلقات للتوصل الى مستويات اخرى تأخذ بنظر الاعتبار عوامل خطر الاصابة بأمراض القلب والاوعية الدموية.

وعلى نفس المنوال، فاننا نعلم ان التحكم بضغط الدم المرتفع مهم ايضا، الا ان نتائج تجارب سريرية قد وأدت بعض النظريات القديمة، وأشارت الى ضرورة اعتماد هذا التحكم ايضا من قبل الاشخاص الذين تبلغ اعمارهم 80 سنة فأكثر. واخيرا فاننا نجد انفسنا متحمسين مثل كل الآخرين للتطويرات في مجالات ابحاث الخلايا الجذعية، وابحاث علوم الجينات المعقدة التي ظهرت نتائجها هذا العام.

مشكلة مستويات سكر الدم

* كم يجب خفض مستوى سكر الدم؟ ـ يتم تشجيع المصابين بالسكري من النوع الثاني، على خفض مستوى سكر الدم لديهم. والهدف الاعتيادي هو الوصول بمستوى «هيموغلوبين إيه 1 سي» glycated hemoglobin (HbA1c) ، الى نسبة 7% او اقل (النسبة المئوية للهيموغلوبين «السكّري» طريقة جيدة لتقييم مستويات السكر في الدم عبر الزمن، بدلا من الاعتماد على قراءات منفصلة سريعة للقياسات الفردية لسكر الدم). ولكن، هل أن 7% هي نسبة طموحة بما يكفي؟ لقد اشارت نتائج من ثلاث تجارب سريرية الى ان الركض الحثيث نحو تحقيق مستويات منخفضة من سكر الدم، ليس، على اكثر الاحتمال، افضل المنطلقات للمصابين بالسكري من النوع الثاني، وخصوصا للمصابين في سن الستين او اكثر.

وقد سلطت الاضواء على دراسة ACCORD الاميركية (انظر «صحتك» و«الشرق الاوسط» ليوم 22 يونيو 2008- المحرر)، لأنها توقفت مبكرا بعد ان اظهرت التحليلات الاولية لنتائجها ان عدد الوفيات بين الاشخاص الذين تعرضوا لعلاج مركز (للتوصل الى HbA1c بنسبة تقل عن 6%) كان اكثر، مقارنة بعدد الوفيات بين الاشخاص في مجموعة تقليدية، خضعوا لهدف خفض السكر لديهم الى نسبة بين 7% و7.9% .

وفي الدراسة الثانية كان الهدف هو التوصل الى نسبة 6.5%. وقد قل عدد الوفيات مقارنة بالمجموعة التقليدية، الا ان الفرق بين المجموعتين لم يكن ملموسا من الناحية الاحصائية.

والدراسة الثالثة هي دراسة Steno-2 الدنماركية، التي اتخذت منحى اكثر شمولا وتوجهت للحصول على نسبة 6.5% اضافة الى وضعها اهدافا لخفض مستوى الكولسترول، الشحوم الثلاثية، وضغط الدم المرتفع.

واظهر عام 2008 حصادا متفاوتا في الابحاث حول مرض السكري، تجلى في حقيقة ان من غير الحكمة ان يصبح الانسان شديد الايمان بضرورة خفض مستوى سكر الدم بأي ثمن، بل يجب عليه الاعتدال في هذا المنحى. كما ان عليه ايضا الاهتمام بخفض مستويات ضغط الدم المرتفع، والكولسترول.

التحكم بضغط الدم المرتفع في سن الثمانين

* لقد تم تعليم الاطباء بأن ارتفاع ضغط الدم في الاعمار المتقدمة، هو هبة، لأن الضغط العالي يتيح ضخ الدم عبر الشرايين المتضيّقة المصابة بالتصلب. الا ان حدود العمر المرتبطة بعدم التحكم بضغط الدم المرتفع- في العادة باستخدام الادوية- قد أزيحت الآن الى الاعلى، بعد ان اشارت نتائج الابحاث الى ان هذا التحكم يمنع حدوث السكتة الدماغية، النوبات القلبية، وعجز القلب لدى كبار السن، كما هو الحال لدى صغار السن.

وقد توجت نتائج دراسة «تجارب ضغط الدم المرتفع لدى كبار السن جدا» Hypertension in the Very Elderly Trial HYVET هذه التوجهات الجديدة، بعد ان اظهرت انه وحتى في الاعمار التي ينظر اليها وهي كبيرة جدا – مثل سن 80 فأكثر- فإن التحكم بضغط الدم المرتفع يؤتي ثماره. وبعد سنتين ظهر ان المجموعة التي خضعت للعلاج اثناء هذه الدراسة، لوحظت لديها معدلات اقل من عجز القلب، السكتة الدماغية (رغم ان هذه الفروق لم تصل الى مستوى احصائي ملموس، ربما لأن التجارب اوقفت مبكرا)، وفي العدد الكلي للوفيات، وهذا مهم جدا على وجه الخصوص، لان الابحاث السابقة افترضت ان انخفاض اعداد السكتة الدماغية ربما يقابله ازدياد عدد الوفيات الناجمة عن أسباب اخرى.

وكانت صحة المشاركين في دراسة HYVET افضل من المجموعة المتوسطة للافراد في سن الثمانين فأكثر. ورغم ان الدراسة كانت دولية، أي انها ربما قد لا تناسب الاميركيين. ومع ذلك فانها قدمت الادلة على ان حدود العمر للعلاج الفعال- سواء بالحبوب، الجراحة، او بالاجهزة- تزاح الى سن اكبر فأكبر.

«فيتورين»: اسم لطيف.. ولكن

* «فيتورين» Vytorin اسم لطيف، وهو عقار مرغوب. وهو يدمج بين ezetimibe (Zetia)، و simvastatin (Zocor) في جبهتين لمكافحة الكولسترول المنخفض الكثافة LDL (الضار)، اذ يقوم ezetimibe بمنع امتصاص الكولسترول في الامعاء، بينما يقوم simvastatin مثله مثل كل ادوية الستاتين ststins، بزيادة قدرة الكبد على التخلص من الكولسترول المنخفض الكثافة من مجرى الدم.

الا ان نتائج استخلصت من دراستين، خرقت سمعة «فيتورين»، اذ اظهرت احداهما انه في حالة الاشخاص الذين لديهم مرض وراثي نادر يؤدي الى زيادة كبيرة جدا في مستويات الكولسترول، فان «فيتورين» اظهر مقدرة جيدة على تقليل الكولسترول مقارنة بعقار simvastatin بجرعة 80 ملغم وحده، الا ان هذا الامر لم يترجم الى خفض في تصلب الشرايين، وهي الحالة التي تم قياسها بقياس سمك الشريان السباتي في الرقبة.

اما الدراسة التجريبية الثانية التي شارك فيها اشخاص مصابون بتضيّق في صمام الأورطي، وهو تضيق في الصمام بين القلب والاورطي، فقد كان «فيتورين» مرة اخرى عظيما في تقليل الكولسترول المنخفض الكثافة بشكل ملموس ( ادى الى خفض بنسبة 54%)، الا ان هذا لم يؤثر على استمرار مرض الصمام او على النتائج الرئيسية للبحث، وهي تقليل حدوث حالات القلب والاوعية الدموية .

اما الأمر الذي اثار الصدمة فهو ان «فيتورين» ادى الى حدوث السرطان في المجموعة التي تناولته اكثر من المجموعة التي تناولت حبوبا وهمية.

وتفترض الابحاث الاخرى اللاحقة ان حدوث السرطان ربما كان امرا عابرا. الا ان المسألة الجوهرية تظل ان فيتورين الذي يبدو عقارا مهما- ومفيدا كثيرا- الا انه عقار ينبغي ان يوصف بحصافة الى ان تظهر ادلة تشير الى ان بمقدوره تغيير النتائج السريرية (النوبات القلبية، السكتة الدماغية، وما شابه)، وليس مستويات الكولسترول وحدها.

الخلايا الجذعية البالغة.. آفاق ومشاكل

* في عام 2007، اكتشفت عدة فرق للابحاث طريقة للتلاعب الجيني بالخلايا الجذعية البالغة، بحيث صار بامكانها ان تبدو مثل الخلايا الجذعية الجنينية وتتصرف بمثل تصرفاتها. وهذه الخلايا التي اعيدت برمجتها- التي تسمى «الخلايا الجذعية ذات القدرات المتعددة المستحثة» induced pluripotent stem (iPS) cells- قدمت للباحثين مصدرا آخر للخلايا الجذعية الى جانب الأجنة.

الا ان هناك مشكلة واحدة: وهي ان الريتروفيروسات retroviruses، واثنان من الجينات التي استخدمت لانتاح خلايا iPS، بمقدورها تحويل تلك الخلايا الى خلايا سرطانية.

ولهذا السبب وغيره من الاسباب، فان العلماء لا يريدون التخلي عن ابحاث الخلايا الجذعية الجنينية. الا ان خلايا iPS تزيل الكثير من المسائل الاخلاقية التي تعيق تقدم ابحاث الخلايا الجذعية الجنينية، لعدم استخدام الاجنة. كما انها تزيل مشكلة رفض الجسم المناعي لان هذه الخلايا البالغة يمكن توظيفها من نفس خلايا الجسم المصاب.

وفي عام 2008 ظهر عدد من الابحاث على خلايا iPS. اذ تم تحويل خلايا جلد من شخصين مسنين مصابين بمرض amyotrophic lateral sclerosis (مرض لو غيريغ) الى خلايا iPS ثم جرى تحويرها لاحقا الى خلايا عصبية وخلايا اخرى للاستفادة منها في علاج المرض.

كما تم انتاج خلايا بنكرياسية تفرز الانسولين من خلايا iPS تم انتاجها من خلايا جلدية. وانتج باحثو هارفارد عدة صفوف من خلايا iPS من اشخاص مصابين بامراض ذات منشأ جيني مثل مرض باركنسون (الشلل الرعاش) ومرض هانتغتون. ومع اقتراب العام من نهايته، اعلن فريقان علميان انهما انتجا iPS من دون الريتروفيروسات ومن دون الجينين، التي تسببت في حدوث السرطان، وهذه خطوة الى الامام في نقل العلاج بالخلايا الجذعية من المختبرات نحو المستشفيات.

الاختبارات الجينية: التقدم والمخاوف

* قد تزيل الاختبارات الجينية الكثير من الحدس في المجال الطبي. ويوما ما، فان نتائجها قد توظف للتنبؤ بالامراض التي يزداد خطرها لديك، وذلك بتمكينك من وضع افضل السلوكيات لمنع حدوثها. كما ستستخدم اختبارات اخرى لاغراض وصف العلاجات. وتستخدم الاختبارات الجينية حاليا في وصف بعض انواع العقاقير الغالية الثمن لعلاج السرطان، مثل عقار trastuzumab (Herceptin لسرطان الثدي.

في عام 2008، تقدم الطب الشخصي (او «الصيدلة الجينية» pharmacogenomics، كما يطلق عليها عندما تكون هناك اختيارات لوصف الدواء)، تدريجيا لكي يتحول الى مجال طبي شائع.

واخذ الاطباء في اقتناء أطقم للاختبارات الجينية بهدف تقييم مدى حساسية الناس لـ «وارفرين» warfarin (Coumadin)، العقار المضاد لتخثر الدم- على الرغم من التساؤلات حول مدى فوائد مثل هذه الاختبارات.

وافاد باحثون ان المصابين بعجز القلب الذين لديهم نوع محدد من الجينات، استجابوا بشكل جيد لعقار bucindolol، وهو من حاصرات بيتا، كان قد تم التخلي عنه لقلة فاعليته في علاج المريض المتوسط. كما ان نتائج دراسة متفرعة من دراسة تجريبية موسعة حول ارتفاع ضغط الدم، سجلت فوارق ملموسة في الاستجابات للعقاقير المدرة للبول، نتيجة وجود نوع معين من الجينات.

وفي هذه الاثناء طرح الى السوق الكثير من أطقم الاختبارات الجينية الموجهة للمستهلكين. وشرعت شركة ايسلندية ببيع طقم اختبار جيني بثمن 1625 دولارا لتقييم اخطار الاصابات الشائعة بسرطان الثدي لدى النساء. ويوظف العديد من الشركات نفس رقائق الحمض النووي «دي أن ايه» التي يستخدمها الباحثون، لتسويق الأطقم التي تفحص الجينات، وتقرأ مئات الآلاف من الاختلافات الجينية (التي يطلق عليها single nucleotide polymorphisms او SNPs)، التي ترتبط بوجود الامراض والخصائص الجينية الاخرى. وقد انخفضت الاسعار، فقد خفضت شركة من كاليفورنيا ثمن طقمها بفحص الجينات من 1000 الى 400 دولار.

أطقم الفحوصات التجارية اثارت بعض المخاوف. والتساؤل هو: هل انها موثوقة النتائج؟ وحتى ان كانت كذلك، حاليا، فان قدراتها تبدو مضخمة، وهي تخيف البعض، فيما تمنح الثقة لآخرين.وبالاضافة الى ذلك، وللكثير من الناس فإن أمرا بسيطا مثل مقاس الخصر ربما يقدم لهم معلومات كافية اكثر من فحوص الجينات. والرسالة الموجهة هنا هي نفسها: افقد الوزن، واظب على التمارين الرياضية، تناول فواكه وخضروات اكثر.

تقنيات التصوير «الاختراقي»

* هناك عدد من تقنيات التصوير تسمح للاطباء برؤية ما يحدث داخل جسم الانسان. الا ان التقنية القائدة تظل مع ذلك، تقنية التصوير المقطعي الطبقي بالكومبيوتر computed tomography (CT، التي توظف الكومبيوتر لجمع عدد من صور اشعة اكس المقطعية في صورة شديدة التفاصيل.

وليس هناك شيء جديد في هذه التقنية الاساسية – فقد ظلت تؤدي مهمتها منذ السبعينات من القرن الماضي. الا ان جيلا جديدا من الآلات التي يطلق عليها «آلات المسح الطبقي المقطعي المتعدد الرصد multidetector CT scanners تقدم صورا اسرع، شديدة الوضوح وعالية التباين في تفاصيلها. ولهذا فانها مهمة جدا في اقسام الطوارئ، حيث يعتبر الوقت ثمينا.

جروح الحرب الخفية

* احد جوانب الحربين الدائرتين في العراق وافغانستان، هي استخدام القنابل الصغيرة – التي تسمى في اللغة العسكرية، العبوات الناسفة المرتجلة – في التفجيرات الانتحارية او في الأفخاخ على قارعة الطريق. وينجو الكثير من الجنود من هذه القنابل بلباسهم الواقي، الا انهم يتعرضون لجروح في اليد او الرجل والذراع. اما اصابات الرأس والدماغ فهي اصابات لها تأثير اطول.

وافادت دراسة لاطباء الامراض العصبية في مركز والتر ريد للابحاث التابع للجيش الاميركي بوجود عدد من الاصابات الارتجاجية في الدماغ بين صفوف الجنود العائدين.

واستندت الدراسة الى استطلاع لنحو 2500 من الجنود المحاربين القدماء في العراق الذين عادوا بعد تأدية الخدمة لمدة عام واحد. وافترضت اجابات 15 في المائة منهم، بأنهم يعانون من اصابة خفيفة لصدمة دماغية ما. وهذه النسبة مقاربة لنسبة وردت في دراسة اخرى نشرت هذا العام 2008.

الا ان باحثي المعهد درسوا المسألة بعمق اكبر، ووجدوا ان نحو نصف الجنود الذين ادت صدماتهم الى فقدانهم الوعي، يقعون في نطاق المعايير التي تحدد المصابين بحالات «اضطراب اجهاد ما بعد الصدمة» post-traumatic stress disorder PTSD، فيما يقع نحو ربعهم في نطاق المصابين بالكآبة الشديدة.

أدوية أصيلة

* الادوية ذات الاسماء الاصلية، التي كانت حالة استثنائية في ما مضى من الزمان، اصبحت اليوم معتادة. وفي عام 2008، وصف الاطباء نحو ثلثي كل الوصفات لادوية باسماء اصيلة generic drugs (لا تخضع لبراءات الاختراع). وقد قلل هذا من النفقات الصحية الحكومية.

وفي عام 2007 ازدادت المبالغ التي انفقها الاميركيون على الادوية الموصوفة طبيا بنسبة 3.8 في المائة، وهي اقل نسبة للزيادة خلال عشرات من السنين. وكان وصف الادوية بالاسماء الاصيلة السبب الكبير في هذه الزيادة الطفيفة. وقد انطلقت الادوية باسماء اصلية نتيجة اسباب عديدة، منها ان العقاقير العملاقة (مثل Fosamax, Pravachol, Zocor, Zoloft) قد فقدت حماية براءات اختراعها في السنوات الاخيرة. الا ان السبب الرئيسي لانتشار هذه الادوية، وهو سبب لا يعير الآخرين اهتماما له، هو دور الشركات المجهزة لهذه الادوية بأسعار رخيصة. وغالبية هذه الشركات توجد في الهند.

اليقظة أثناء التخدير العام

* اليقظة اثناء التخدير العام، واحدة من الاحلام السيئة التي تحدث للمرء بشكل نادر. وقد وجد عدد من الدراسات حدوث مثل هذه الحالة في 1 من كل 1000 عملية، الا ان دراسة واحدة حددتها بـ 1 من كل 15 الف عملية.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

متلازمة النفق الرسغي(Carpal tunnel syndrome)

ديسمبر 22, 2008

 مقدمه

متلازمة النفق الرسغي  يصيب مرضى السكر بنسبة كبيرة. والنفق الرسغي عبارة عن نفق ضيق يقع في منطقة معصم اليد، ويتكون من عظام معصم اليد والرباط الرسغي المستعرض حيث يمثلان جدار هذا النفق. يحتوى هذا النفق على العصب الوسطي وأربطة وأوتار عضلات اليد والساعد التي تكون مغطاة بأغشية رقيقة، ويعمل النفق الرسغي على حماية العصب الوسطي الذي يمر من خلاله، الذي يتحكم في إحساس راحة أصابع اليد جميعا ماعدا الخنصر، كما ويعمل على تغذية بعض عضلات الكف الصغيرة بقوة الدفع لتساعدها على الحركة.

 وفى حال حدوث التهاب أو انتفاخ أو تورم في أي من الأنسجة المتواجدة بالنفق الرسغي لأي من الأسباب التي سنذكرها لاحقاً، يقوم هذا الورم بالضغط على العصب الوسطي مما يؤدى إلى الإحساس بألم وتنميل ووخز في الأصابع وجزء من اليد.

ولا تدعو الإصابة بهذه المشكلة إلى القلق، فمع العلاج يختفي الألم وتعود الأمور إلى طبيعتها. لكن في نفس الوقت يجب عدم التهاون في العلاج لمدة طويلة حتى لا تصبح الأعراض دائمة ويصعب الشفاء منها. ومن أهم أسباب الإصابة به هو كثرة استخدام اليد والقيام بنفس الحركات المتكررة لليد والرسغ بصورة مستمرة. لذلك تنتشر متلازمة النفق الرسغي في الذين يتطلب عملهم ذلك مثل استخدام الكمبيوتر لفترات طويلة،الخياطة والتطريز، لاعبي كرة اليد،الموسيقيين،أو الإصابة بكسور في المعصم أو حدوث إصابات فيه،أو بسبب التورم والانتفاخ الناتج عن تمزق الأربطة. كما تؤدى بعض الأمراض للإصابة بمتلازمة النفق الرسغي عبر تسببها بضيق المجرى الذى من خلاله يجب أن يمر العصب بحرية ومن دون أي ضغط عليه.

وما يحصل هنا هو عمليات التهابات في أنسجة الأوتار وغيرها من التراكيب المحيطة بمجرى العصب ما يؤدى إلى انتفاخها وتورمها وبالتالي ضغط ذلك كله على العصب مثل التهاب الروماتويدى المفصلي، ومرض السكر ونقص هرمون الغدة الدرقية وغيرها من أمراض التمثيل الغذائي، حيث تقوم العمليات الكيميائية لهذه الأمراض بنفس الفكرة في تضييق مجرى العصب فيتم الضغط عليه.

من أهم الأمور العلاجية السيطرة على الألم وتخفيف الالتهاب الضاغط على العصب بعد التشخيص، لذا ينصح الأطباء باستخدام أدوية مضادات الالتهابات الغير ستيروديه كالبروفين، والأسبرين، كما قد يفيد تناول فيتامين(بى 6)، وتستخدم حقن الكورتيزون(الستيرويد) عند رسغ اليد في منطقة النفق الرسغي. ويعطى ذلك نتيجة سريعة في اختفاء الأعراض، لكن قد تعود الأعراض مرة ثانية بعد فترة، ولا يجب أن تعطى حقن الكورتيزون لمرضى السكر إلا بإشراف الطبيب المعالج للحالة، وقد يصف الطبيب مدرات البول لتخفيف الاحتباس وإزالة الضغط عن العصب، و قد يلجأ للعلاج بالليزر أو بالجراحة إذا لم يتحسن الأمر.

وأحب أن أذكرك بأن إراحة اليد وعدم إجهادها وعدم استخدامها بصورة خاطئة من الأمور المفيدة جداً للتخلص من الألم، فممارسة رياضة المرونة والقوة مع التدليك لمنطقة الرسغ واستخدام كمادات الماء الباردة من الأمور التي تساعد كثيرا على التخفيف من حدة الألم، كما أنصحك باستخدام جبيرة مخصصة ومتوفرة في الصيدليات لتثبيت وإراحة الرسغ واليد لعدة أسابيع، والتي تستخدم أثناء الليل ابتداء فإن لم تحدث النتيجة المرجوة لتخفيف الألم يتم ارتداؤها طوال اليوم.

دياسر متولى

http://yassermetwally.com

الفيتامينات

ديسمبر 15, 2008

حبوب الفيتامينات.. هل كلها مفيدة؟….الإكثار من تناولها يؤدي إلى نتائج عكسية….يعتقد الكثير من الناس أن تناول الحبة السحرية المليئة بالمقويات ستزيح عنهم وتخلصهم من الشعور بالتعب والإرهاق. وبسبب هذا الاعتقاد السائد يكثر الطلب عليها، فنصف المرضى أو أكثر دون مبالغة يسألون السؤال الشهير: «دكتور أشعر بالتعب في أنحاء جسمي، وفقدت نشاطي اليومي تماماً، فهل من الممكن وصف فيتامينات تنشطني؟» الكل هنا يسقط المشاكل البدنية التي قد تنجم عن كثرة الأعباء أو بذل الجهد المضاعف أو حتى عن الإصابة بأمراض أخرى مخفية أو لم يتم تشخيصها بعد،على نقص الفيتامينات. «كلا» فليس كل «تعب» تئن به أجسامنا نرجعه إلى نقص الفيتامينات، ولا تناول «الحبة السحرية» سيعيد لاجسامنا النشاط المفقود.

ما هي الفيتامينات؟

* وللإجابة على هذا السؤال بشكل علمي ومنطقي، يجب فهم ماهية الفيتامينات وما آلية عملها وفائدتها. فبشكل عام فان الفيتامينات عبارة عن مركبات كيميائية يحتاجها الجسم بمقادير معينة وموزونة، ولا تمد الجسم بالطاقة كما يعتقد البعض، كما أنها لا تدخل في بناء طاقة الجسم. الا انها ضرورية لتسهيل قيام التفاعلات الكيميائية داخل خلايا الجسم والمساعدة على معالجة الغذاء المتناول والاستفادة منه وتحويله إلى طاقة وأنسجة حية. ومع إن الاعتقاد السائد بأن الفيتامينات غير ضارة بالجسم أو غير سامة، وبالرغم من صحة ذلك في معظم الفيتامينات، إلا أن الجرعات الكبيرة من بعض أنواعها واضحة السمّية.

ولقد ظهرت أدلة كثيرة على مدى السنوات الماضية على أهمية تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات، والسؤال هو هل من المفيد أيضاً تتناول نفس هذه الفيتامينات والمعادن على شكل حبوب أو شراب؟ وكان الجواب في اعتقاد العلماء بأن غالبية الناس يحصلون على كفايتهم من الفيتامينات والمعادن من الطعام المتناول يومياُ، لذا ليس لتناول المكملات الغذائية الإضافية سوى قيمة محدودة. ولكن هناك شرائح من الناس قد تحتاج دون غيرها إلى تناول المكملات الغذائية كالأطفال الرضع والحوامل والمرضعات، وكبار السن، والنباتيون، وهنا يمكن وصف الفيتامينات كمكملات غذائية حسب حاجة كل شخص على حدة.

أصل الفيتامينات

* هناك 13 فيتاميناً أساسيا يحتاجها جسم الإنسان، خمسه منها يقوم الجسم بتصنيعها بما يكفى لحاجته، والباقي يحصل عليه من الغذاء. وتنقسم الفيتامينات إلى مجموعتين:

1. الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون وتشمل فيتامين ( أيه A) و(ديD) و(إي E ) و(كيه K) والتي عادة ما توجد في الأجزاء الدهنية من المصادر الحيوانية.

2. الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء وتشمل فيتامين (سي C) ومجموعة فيتامين (بي B).

أما الفيتامينات التي يقوم بتصنيعها الجسم فهي، البيوتين (Biotin) والمعروف بفيتامين (H)، والنياسين (Niacin) والمعروف بفيتامين (B3)، وحمض البانتوثين (pantothenic Acid) والمعروف بفيتامين (B5) وفيتامين كوليكاليسفيرول (cholecalciferol) والمعروف بفيتامين (D) وفيتوناديون (phutonadion) والمعروف بفيتامين (K).

ومن هذه الفيتامينات الخمسة تنتج البكتيريا الصديقة في الأمعاء ثلاثة منها هي فيتامين H)، B5، (K بكميات كافية لحاجة الجسم.

الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون

* فيتامين أيه (A): وهو الفيتامين المعروف باسم ريتينول (Retinol)، يوجد طبيعياً في الحيوانات فقط. وأهم مصادره الغذائية المشتقات الحيوانية كالزبدة والقشدة والحليب والجبن وزيت كبد السمك وصفار البيض والنخاع واللحوم الحمراء، والمشتقات النباتية كالجزر النيئ والسبانخ والخس والكرنب وورق العنب والرجلة والفجل والعنب والجوافة والحمضيات والتين والبلح. ويحتاج الجسم منه يوميا إلى 2500 وحدة دولية. وهذا الفيتامين لا يذوب في الماء ولكن يذوب في الدهون ومذيباتها ويستطيع الجسم أن يصنع فيتامين (أيه) من مركب البيتاكاروتين (Beta carotene) وهذا المركب يوجد في جميع الخضروات والفواكه الطازجة ذات اللون الأخضر والأصفر، وعندما يصل مركب البيتاكاروتين مع الغذاء إلى الأمعاء الدقيقة يتم تحويله في جدران الأمعاء إلى فيتامين (أيه).

ويعتبر فيتامين(أيه) مهما جداً لتطور نمو الجنين، وللأطفال بعد الولادة، وهو ضروري لتطور نمو العظام والأسنان وسلامة الجلد ويؤخر عملية الشيخوخة، كما أنه مهم جداً للرؤية أثناء الليل أو الظلام ولنمو الأغشية المخاطية. ويؤدي نقصه إلى العمى الليلي كما تضعف الأغشية المخاطية فتضعف مقاومتها للإصابة بالعدوى، الأمر الذي قد يؤدي إلى الإصابة بالرمد الجاف، وهو تقرن نسيج العين الذي قد يفضي إلى العمى. كما يؤدي إلى التهاب المجاري التنفسية والبولية والتناسلية والتهاب اللثة والجلد الذي يصبح خشنا وجافاً.

زيادة الجرعة

* أن تناول جرعات كبيرة ولمدة طويلة في غياب النقص، ودون الحاجة إليها من فيتامين (أيه) يؤدي إلى ارتفاع نسبة الفيتامين في الجسم إلى درجة سامة، فتؤثر على العظام والجلد والشعر والأغشية المخاطية والكبد والجهاز العصبي. وتشمل أعراض ارتفاع النسبة، الضعف والوهن وفقد الشهية والقيء والصداع والاضطراب النفسي وتأخر النمو وتشقق الشفتين وجفاف الجلد وتساقط الشعر إلى حد الصلع وتضخم الكبد واليرقان.

* فيتامين دي (D): ويعرف علمياً بـ«كوليكاليسفيرول» (cholecalciferol). وقد اكتشف هذا الفيتامين في أوائل القرن العشرين وبعد ذلك تم الربط بينه وبين مرض ترقق العظام (الكساح) الذي يصيب الأطفال، ويعرف بمرض لين العظام عند إصابة البالغين به. وتتلخص أعراض مرض الكساح بتأخر ظهور الأسنان وتشوهها حال ظهورها وإصابتها بالتسوس، كبر الرأس وبروز الجبهة والفكين، تقوس الضلوع وصغر حجم القفص الصدري، تضخم مفاصل الركبة والقدم وتقوس عظام الأرجل.

أما مرض لين العظام فينتشر بدرجة أكبر بين السيدات الحوامل والمرضعات، وذلك لاعتماد الجنين على الأم كمصدر للكالسيوم لبناء الهيكل العظمى، فيقوم باستهلاك مخزون جسمها، مما يسبب نقص الكالسيوم لديها فتصاب بلين العظام التي تصبح رخوة أو هشة وسهلة الكسر.

يعمل فيتامين «دي» على تنظيم مستوى الكالسيوم والفوسفات في الدم، بتنشيط عملية امتصاصها في الأمعاء وضبط إعادة امتصاصها في الكليتين وإفرازها خارج الجسم عن طريق البول، مما يسمح بتوفير النسبة الطبيعية التي يحتاجها الجسم لتكوين عظام صحيحة ومنع حدوث انخفاض نسبة الكالسيوم في الدم. كما يعمل فيتامين «دي» على تنشيط جهاز المناعة في الجسم، وينظم إفراز هرمونات الغدة جار درقية.

يوجد فيتامين «دي» في المشتقات الحيوانية مثل الكبد والزبد والبيض واللبن ويحتوي كبد بعض الأسماك على كميات كبيرة جداً من هذا الفيتامين ويشتهر زيت كبد الحوت باحتوائه على كميات كبيرة منه. ومن أهم مصادره الطبيعية أشعة الشمس، فتعمل الأشعة فوق البنفسجية الطبيعية من الشمس على تحويل مركب الارجسترول الموجود في الطبقة الدهنية تحت الجلد إلى فيتامين «دي» عند تعريض الجسم لها، لذلك يعتبر تعريض الأطفال لأشعة الشمس لفترة ما يومياً من الوسائل الهامة في وقايتهم من مرض ترقق العظام أو الكساح. ويلزم للشخص البالغ يومياً نحو 400 وحدة دولية من فيتامين «دي» والحامل والمرضع من 400 – 800 وحدة دولية، والطفل قبل البلوغ 300 إلى 400 وحدة. ويلزم لعلاج الكساح 500 – 1500 وحدة يومياً.

مشاكل الجرعة الزائدة

* يؤدي الإفراط في تناول فيتامين «دي» بجرعات كبيرة ولمدة طويلة إلى الاضطرابات المعدية المعوية كفقدان الشهية والغثيان والقيء والإسهال والتعرق الزائد والعطش الشديد والجفاف والصداع والدوار، كما ترتفع نسبة الكالسيوم الأمر الذي يؤدى إلى ترسب الكالسيوم في شرايين القلب وفي الكلى فتتكون حصوات الكلى وقد يتطور الأمر إلى حدوث قصور في الكلى مع ارتفاع ضغط الدم. كما تزداد نسبة الكالسيوم في العظام والأنسجة المحيطة مما يضعفها ويجعلها أكثر عرضة للكسور المتعددة.

* فيتامين «إي» (E): ويعرف باسم «توكوفيرول» (tocopherol) والشهير بفيتامين (E) مضاد الأكسدة، لكونه يعمل على منع أكسدة العديد من الأحماض الدهنية غير المشبعة ولذلك فإن فيتامين «إي» يؤدي دوراً هاماً في المحافظة على أغشية الخلايا التي تحتوي على كميات وفيرة من الأحماض الدهنية غير المشبعة، وله تأثير كبير في تنشيط عمليات الأيض المختلفة التي تتم داخل جسم الإنسان.

أما الأمر الهام الذي لم تثبته الأبحاث الطبية حتى الآن هو دور فيتامين «أي» في علاج الإجهاض المتكرر وحالات العقم والام الولادة واضطرابات الدورة الشهرية، حيث أثبتت التجارب على الحيوانات أن نقص فيتامين «إي» يسبب تلك المشاكل ولكنها لم تثبت على الإنسان. كما يعمل هذا الفيتامين على تحسين جهاز المناعة. ويقلل من احتمال تكوين جلطات دموية.

أما عن دور فيتامين «إي» في الوقاية من سرطان البروستاتا، فقد تم إيقاف الدراسة الطبية الشهيرة “Selenium and Vitamin E Cancer Prevention Trial (SELECT) التي بدأت من عام 2004 حتى 2008، التي أثبتت أن تناول فيتامين «إي» فقط أو مع السلينيوم، وهو عنصر كيميائي ومادة ضرورية للجسم يتسبب نقصه في زيادة نسبة التعرض للسرطانات، لم يحقق الوقاية من سرطان البروستاتا.

يوجد فيتامين «إي» في المشتقات الحيوانية والنباتية مثل لحوم الحيوانات واللبن والبيض والبذور الزيتية والتي تعتبر من أغنى مصادر هذا الفيتامين وبالأخص جنين القمح وبذرة القطن والنخيل والفول السوداني والسمسم وبذور البرسيم والخس وفي زيت الأرز والشعير والشوفان والذرة وفول الصويا والأوراق الخضراء مثل البرسيم والخس والجوز والسبانخ وبذور دوار الشمس والقرنبيط واللوز وثمرة الأفوكادو.

نتائج سلبية

* قد يؤدي تناول الجرعات الكبيرة من فيتامين”إي” إلى الاضطراب الهضمي والإحساس بالضعف والوهن.

* فيتامين «كيه» (K) : وهو من الفيتامينات القابلة الذوبان في الدهون ويعد عنصرا ضروريا ظاهريا، لان البكتيريا الموجودة في الأمعاء قادرة على إنتاجه بكميات معينة وكافية. وتتركز أهمية هذا الفيتامين في عملية تجلط الدم، حيث يشارك في تكوين البروتينات المساعدة على تجلط الدم والتي تساعد على التئام الجروح وشفائها تماماً، كما ينشط بروتينات بناء العظام، فيلعب دورا مهما في تنشيط بروتين (الكالسين) الذي يسمح بتثبيت الكالسيوم في عظام الجسم، ولذلك يربط مرض ترقق العظام أحيانا بنقص هذا الفيتامين. ويعتبر فيتامين «كيه» أحد المساهمين في تكوين الأغشية الخلوية وخاصة في الدماغ ، ولكن حتى الآن لم يعرف بعد حجم الكمية التي ينتجها الجسم والتي تعد كافية لحاجته، لذا فمن الصعوبة تحديد القيمة اليومية لهذا الفيتامين. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يسبب نقص فيتامين «كيه» النزف الغزير بمجرد جرح الجسم حتى لو كان الجرح بسيطاً.

ونادرا ما يعاني البالغون من نقص هذا الفيتامين، فالتغذية اليومية كفيلة بتغطية الحاجة اليومية منه. وتظهر علامات نقصه على شكل عدم اندمال الجروح ونزف اللثة وكثافة الحيض وظهور كدمات زرقاء بلا سبب ودون رضوض، وفي حالات نادرة ظهور النزف الدموي في البراز أو تغير لونه إلى اللون الأسود الحالك. ويتزايد خطر النزف مع استعمال بعض الأدوية كحالات العلاج المطول بالمضادات الحيوية والأسبرين، وبعض الملينات، والعقاقير المسيلة للدم، وفي بعض الأمراض المزمنة في الكبد.

وفي الواقع أن 70% من حصيلة الجسم من فيتامين «كيه» يتم تصنيعها في القناة الهضمية بواسطة البكتيريا المفيدة في الأمعاء، أما 30% فتستمد من الأطعمة وبالأخص الخضروات الخضراء والورقية كالملفوف والسبانخ والقرنبيط، ويوجد أيضا في الحبوب وفول الصويا.

الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء

* فيتامين «سي» (C): فيتامين «سي» هو حمض الاسكوربيك المشتق من الجلوكوز في النباتات ومعظم الثدييات، ماعدا الرئيسيات ومنها الإنسان نتيجة لعدم وجود إنزيم L جلونولاكتون( L-gulonolactone) المطلوب لتصنيع الفيتامين في جسم الإنسان. حمض الاسكوربيك عامل مختزل ولهذا فهو مطلوب لحفظ المعادن في الحالة المختزلة مثل (الحديد +2 ) و(النحاس +2 )، وبذلك فهو يعزز امتصاص الحديد عن طريق إبقائه في الحالة المختزلة اللازمة لامتصاص الحديد. والحمض مطلوب أيضاً لإضافة مجموعة الهيدروكسيل إلى إنزيمي (البرولين والليسين) أثناء عملية تصنيع الكولاجين. وهو مطلوب أيضا ً لهدم الحمض الأميني التيروسين أثناء تصنيع هرمون الأدرينالين، وهو أيضاً مهم لتصنيع أحماض المرارة (العصارة الصفراء). وتحتوي قشرة الغدة فوق الكلوية على كميات كبيرة من الحمض لاستخدامه في تصنيع الهرمون الستيرويد (مثل الكورتيزون والالدوستيرون). كما ويعمل حمض الاسكوربيك كمضاد للأكسدة مع فيتامين «إي» وفيتامين «أيه»، وبذلك يساعد على تقليل الأضرار التي تصيب الجسم بسبب التعرض للمواد الكيميائية السامة والملوثات البيئية كدخان السجائر.

وبما أنه يساهم في تصنيع الكولاجين، فهو يساعد على نمو وتشكل الغضاريف والعظام والأسنان والتئام الجروح وتكوين الأربطة والأوتار والأوعية الدموية وتكون الهيموجلوبين ونضج كريات الدم الحمراء.

ان الجسم لا يقوم بتصنيع فيتامين «سي» ولا تخزينه، لذا فمن المهم جداً تناول الكثير من الأغذية المحتوية على هذا الفيتامين في الوجبات اليومية.

تحتوي جميع أنواع الخضروات والفواكه على فيتامين «سي»، ولكن هناك بعض الأنواع التي تحتوي على كميات كبيرة منه، كالفلفل الأخضر والكيوي والفراولة والبرتقال والليمون والبروكلي واللفت الأخضر والبطاطس والبطاطا الحلوة والشمام. وتعد البابايا والمانجو والبطيخ والعنب البري والتوت البري والأناناس والقرنبيط والملفوف والفلفل الأحمر، الأعلى نسباً في احتوائها على فيتامين «سي».

يسبب نقص فيتامين «سي» داء الإسقربوط الذي يؤدي الى تورم اللثة ونزيفها والرعاف، والتهاب المفاصل وفقر الدم والشعور بالإعياء والإرهاق وعدم النشاط، جفاف الشعر وتكسره، جفاف البشرة وتقشرها، انخفاض المناعة، وبطء التئام الجروح، زيادة الوزن وتباطؤ عمليات الأيض. ويعتبر الآن من الأمراض النادرة وتعود سبب الإصابة به إلى عدم تناول الخضروات والفاكهة الطازجة لفترات طويلة.

من النادر جداً أن يصل ارتفاع فيتامين «سي» إلى درجة السمية وذلك لعدم قدرة الجسم على تخزينه، كما وأنه من النادر أيضاً أن يسبب الإفراط في تناول هذا الفيتامين آثارا جانبية لكونه قابلاً للذوبان في الماء، وإن حصلت فهي لا تتعدى الغثيان والإسهال أو احمرار وتهيج في الجلد أو حرقان في البول.

* مجموعة فيتامينات «بي»

* هي مجموعة من الفيتامينات تتألف من ثمانية أعضاء تعمل مع بعضها البعض وقد توجد في بعض الأغذية معاً كخميرة البيرة والكبدة. ولكل فرد من هذه المجموعة وظيفة يختص بها داخل الجسم.

* فيتامين «بي1»: أو الثيامين، وهو أحد فيتامينات «بي» المركبة القابلة للذوبان في الماء، وهو مهم جداً للقيام بالعديد من الأعمال الحيوية في الجسم، ومنها في:

– الجهاز العصبي وأداء العضلات.

– عمل الخلايا العصبية والعضلية.

– عمل الإنزيمات المختلفة في الجسم.

– إنتاج حمض الهيدروكلوريك الضروري لإتمام عملية الهضم.

– يساهم في عمليات الأيض للمواد الكربوهيدراتية.

ويسبب نقص فيتامين «بي1» مرض البري بري، وهو مرض يصيب الجهاز العصبي ويسبب الشعور بالإرهاق والضعف العام والتعب والإمساك وزيادة ضربات القلب، ثم يبدأ تورم الجسم وتضخم الطحال وفقدان الشهية والاضطرابات المعدية والمعوية، والنسيان والتنميل في اليدين والقدمين،وضمور وآلام في العضلات والأعصاب.

اما مصادر فيتامين «بي1» فهي المشتقات الحيوانية مثل لحم البقر والكبد والسمك والبيض واللبن. وفي المشتقات النباتية يوجد في الخضراوات وبعض الفواكه مثل الحبوب بمختلف أنواعها والبقول والخميرة وفول الصويا والبندق.

*فيتامين «بي2»: ويعرف علمياً باسم الريبوفلافين، ويلعب دوراً مهماً في جسم الإنسان فهو ضروري لإتمام عمليات الأكسدة والتنفس، ويساهم في عمليات بناء أنسجة الجسم، كما يقوم بدور هام في بناء هيموجلوبين الدم.

والأمراض التي تنشأ من نقص هذا الفيتامين هي اضطراب النمو وإصابة الإنسان بالأنيميا وسقوط الشعر وجفاف الجلد وقد يؤدي النقص الشديد إلى أمراض العين والقرنية،وفقدان التوازن أثناء السير.

ويوجد فيتامين «بي 2» في المشتقات الحيوانية مثل لحوم الحيوانات والطيور والأسماك والألبان والبيض والجبن. كما يوجد في المشتقات النباتية من الخضراوات والفواكه مثل الفول السوداني والحبوب والخميرة.

* فيتامين «بي3»: والمعروف علمياً باسم النياسين (Niacin) أو حمص النيكوتين (Nicotinic acid). وأهم استخدامات هذا الفيتامين هو المساعدة على منع مرض البلاغرا (كلمة لاتينية تعني الجلد الخشن)، وهو من الأمراض الخطيرة النادرة، وله ثلاثة أعراض أساسية:

– أعراض جلدية : تظهر الأعراض الجلدية على شكل جفاف وخشونة، مع بقع حمراء شبيهة بحروق الشمس في اليدين والقدمين وحول الرقبة والوجه، تتحول فيما بعد إلى قشور بنية اللون. – أعراض معوية: وتتمثل في تكرار الإسهال والقيء، مما يؤدي إلى فقدان الشهية، وآلام البطن، يليها التهاب وتقرحات في الفم واللسان.

– أعراض عصبية: وتظهر مع تقدم المرض، فيعاني المريض من التهاب الأعصاب مع الهذيان والاكتئاب وكثرة النسيان وعدم المبالاة.

وللعلاج يحقن المريض بفيتامين «بي3» يومياً بمعدل (10- 100) ملغم كما يوصي الأطباء بالإكثار من تناول الأغذية المحتوية على هذا الفيتامين.

يوجد فيتامين «بي3» في المشتقات الحيوانية مثل اللحوم خصوصاً الكبد والأسماك والبيض واللبن والدواجن. كما يوجد في المشتقات النباتية مثل الحبوب الكاملة والخبز والخضراوات والبقول وبالأخص الفول السوداني.

* فيتامين «بي6»: ويعرف بالبيريدوكسين، وتكمن أهميته في عمليات الأيض للأحماض الأمينية، كما يساعد على تحويل التربتوفان الحمض الأميني إلى النياسين، والسيروتينين (مادة كيميائية في المخ). كما يساعد فيتامين «بي6» أيضا الجسم على إنتاج بعض البروتينات مثل الأنسولين، الهيموجلوبين، والأجسام المضادة لمقاومة العدوى.

ويسبب نقص هذا الفيتامين تلف الجلد والجهاز العصبي كاختلال في الأعصاب الطرفية ونوبات الصرع، وفقدان الوزن والنحافة، ونقص هذا الفيتامين فقط نادر ويحدث غالباً نتيجة نقص عام في فيتامينات «بي» المركبة. وقد يحدث هذا النقص لدى مدمني الكحول، كما قد يحدث النقص أيضاً لدى المرضعات ولدى العلاج باستخدام عقار (isoniazid) المضاد للسل.

ويؤدي تناول جرعات كبيرة من فيتامين «بي6» إلى خلل في الأعصاب الحسية كالشعور بآلام حارقة وتنميل وعدم القدرة على تنسيق الحركات العضلية الإرادية، أو حتى الشلل.

ويوجد هذا الفيتامين في المشتقات الحيوانية والمعدنية مثل خميرة البيرة وجنين القمح والكلى واللحوم. ويتناول الإنسان من هذا الفيتامين يومياً كمية كافية من الغذاء لذلك نادراً ما يصاب الشخص بنقص فيه.

* فيتامينا «بي9» و: «بي 12»: يعمل هذان الفيتامينان من مجموعة فيتامين «بي» معاً. ويعرف فيتامين «بي9» بحمض الفوليك، وفيتامين «بي12» بالكوبالامين. وبمساندة فيتامين «بي12»، يساعد حامض الفوليك على السيطرة على إنتاج خلايا الدمّ الحمراء ويساعد على توزيع الحديد بشكل صحيح في الجسم. ويؤدى نقص هذا الفيتامين إلى فقر الدم. ويحتاج الجسم إلى فيتامين «بي12» وفيتامين «بي9» لتكوين الحمض النووي (DNA). وينصح الأطباء المرأة الحامل بتزويد غذائها، حيث يستهلك الجنين مخزون الأمّ من حمض الفوليك. ووجود كمية كافية من حمض الفوليك في جسم المرأة قبل الحمل، يمكن أن يساعد على منع حدوث التشوهات الخلقية للجنين التي قد تصيب دماغ الجنين وعموده الفقري بسبب نقص حمض الفوليك، لذا تحتاج النساء لأخذ حامض الفوليك كلّ يوم، وحتى في الفترة التي تسبق الحمل، للمساعدة على منع حدوث هذه التشوهات.

أما الفيتامين «بي12» فيبلغ احتياج الجسم منه يومياً حوالي 5 ميكروغرامات ويخزن بكميات كبيرة في الكبد، وبالتالي فان نقص هذا الفيتامين ينتج عادةً عن الفشل في امتصاصه وليس لنقصه في الغذاء. ويؤدي نقصه إلى فقر الدم الخبيث الذي يتميز بإنتاج كريات الدم الحمراء العملاقة لفشل نضوج الكريات الحمراء، يصحبها التهابات الفم وتلف الجهاز العصبي.

ويوجد هذان الفيتامينان في المشتقات الحيوانية والنباتية مثل البيض والكبد والحليب والبروتينات الحيوانية الأخرى بالإضافة إلى البقوليات كالعدس وبذور القمح، والخضراوات كالملفوف والموز والبرتقال والليمون.
 
د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

التفاؤل.. يقوى الصحة و الحيويه

ديسمبر 12, 2008

النظرة المتفائلة في الحياة تنبئ بصحة أفضل وعمر أطول

وجه أنظارك نحو الوشاح الفضي الذي يحيط بالغيوم المتلبدة الداكنة بدل التحديق فيها.. هذه العبارة تنادينا للنظر الى الحياة بإيجابية، برغم الصعاب. وبالفعل فان التحلي بروح البهجة يساعدنا على اجتياز مواقع صعبة تعترض طريق حياتنا. ولكن السؤال هو: هل ان الاشخاص الذين ينظرون الى القدح وهو نصف مملوء، يتمتعون بحياة صحية افضل من الاشخاص الآخرين المتشائمين، الذين يرون القدح وهو نصف فارغ؟

وفقا لسلسلة من الدراسات من الولايات المتحدة واوروبا، فان الجواب هو نعم. فالتفاؤل يساعد الناس على التكيف مع المرض والشفاء من العملية الجراحية. ولعل الامر الذي يعزز الانطباع الاقوى هنا، هو تأثير النظرة المستقبلية الايجابية على الصحة بمجملها وعلى طول العمر. وتقول لنا الابحاث ان النظرة المستقبلية المتفائلة مبكرا في الحياة، يمكنها ان تتنبأ لصاحبها بصحة افضل وبمعدلات اقل في الوفيات، خلال فترات متابعة تراوحت بين 15 و 40 سنة.

* قياس التفاؤل

* ولدراسة التفاؤل، فقد احتاج العلماء اولا لتطوير طرق موثوقة لقياس هذه الخاصية. ويستخدم نظامان على نطاق واسع: الاول يقيس التفاؤل الطَبْعِي )الخاص بطباع الانسان) dispositional optimism، والنظام الآخر هو لقياس الاسلوب التعليلي explanatory style.

ان التفاؤل الطبعي يعتمد على التوقعات الايجابية لمستقبل شخص معين. وهذه التوقعات ليست محصورة في جانب واحد او جانبين من الحياة، بل انها توقعات معمّمة لنتائج مقبلة جيدة في شتى المناحي. ويوظف الكثير من الباحثين «اختبار التوجهات الحياتية» Life Orientation Test المكون من 12 بندا، لقياس التفاؤل الطبعي. اما الاسلوب التعليلي فهو يستند الى مسألة كيفية تفسير الشخص للأنباء الجيدة او السيئة. فالمتشائم يأخذ الملامة على نفسه عند ورود الأنباء السيئة (هذا بسببي)، ويفترض ان الوضع سيظل مستقرا (انه سيستمر الى الأبد)، وتكون له تأثيرات شاملة (انه سيؤثر في كل ما اعمله). اما المتفائل، من جهة اخرى، فانه لن يأخذ الملامة على نفسه بسبب الاحداث السلبية. وبالعكس، فانه ينزع لأن يمنح لنفسه التقدير لدى ورود الانباء الجيدة، وهو يفترض ان الامور الجيدة سوف تستمر، ولديه الثقة بأن التطورات الايجابية ستحدث في مختلف مناحي حياته. ويوظف الباحثون في الغالب استبيانات خصائص الاسلوب Attributional Style Questionnaire او طريقة تحليل محتوى التعليلات الشفوية Content Analysis of Verbatim Explanations، لتقييم التفاؤل المستند الى الاسلوب التعليلي.

* التفاؤل ومرضى القلب

* وفي بعض الدراسات ركز الباحثون على الصلة بين التفاؤل وبين بعض الحالات الصحية المعينة، ويقول الشعراء والفنانون ان القلب المفعم بالسرور والبهجة بمقدوره ازاحة المشاكل والصعوبات – والآن يقول العلماء ان التفاؤل ربما يساعد القلب نفسه.

وفي إحدى الدراسات قيم الاطباء 309 مرضى في اواسط اعمارهم كانوا ينتظرون خضوعهم لعملية جراحية لفتح مجاز لمرور الدم موازٍ للشرايين التاجية (المتضيقة او المسدودة). وبالإضافة الى الفحص الجسدي قبل العملية، خضع كل مريض الى تقييم نفسي موجه لقياس التفاؤل والكآبة والاضطراب العصبي إضافة الى تقييم التقدير الذاتي. وتابع الباحثون كل المرضى لفترة ستة اشهر بعد الجراحة. وعندما قاموا بتحليل البيانات وجدوا ان عدد المتفائلين الذين تطلب الأمر اعادة ادخالهم الى المستشفى، كان اقل بمقدار النصف من عدد المتشائمين. وفي دراسة مماثلة على 298 مريضا من الذين عولجوا من تضيق الشرايين، ظهر ان للتفاؤل دورا وقائيا، اذ وجد ان المتشائمين كانوا يتعرضون ثلاث مرات اكثر للاصابة بالنوبات القلبية، او يحتاجون لعملية اخرى لإزالة تضيق الشرايين او لفتح مجاز للدم في قلوبهم، مقارنة بالمتفائلين.

* التفاؤل وضغط الدم

* النظرة المفرحة قد تساعد الناس على الشفاء من عمليات القلب، فهل بمقدورها ايضا خفض خطر ظهور احد عوامل الخطر الكبرى لأمراض القلب، ألا وهو ارتفاع ضغط الدم؟ يفترض بحث اجري في فنلندا، أن الجواب هو نعم. وقد قيّم العلماء حالات 616 رجلا في اواسط اعمارهم كان لديهم ضغط عادي للدم في بداية الدراسة. وتم ربط كل نظرة ذهنية مستقبلية لكل رجل مع اسئلة حول توقعاته في المستقبل، كما تم تقييم عوامل الخطر للاصابة بأمراض القلب والاوعية الدموية لدى كل واحد منهم، مثل التدخين، السمنة، النشاط البدني، الافراط في تناول الكحول، ووجود تاريخ عائلي لارتفاع ضغط الدم. وعلى مدى اربع سنوات، ظهر ان الرجال الأكثر تشاؤما كانوا سيتعرضون اكثر بثلاث مرات لارتفاع ضغط الدم من أقرانهم المتفائلين، حتى مع أخذ عوامل الخطر الاخرى بنظر الاعتبار. وقد وجدت دراسة اميركية على 2564 رجلا وامرأة في عمر 65 سنة فأكثر، ايضا، ان التفاؤل جيد لضغط الدم. واستخدم الباحثون سلما من اربعة بنود للمشاعر الايجابية في تقييم كل مشارك لدى زيارته في منزله. كما قاموا ايضا بقياس ضغط الدم، الطول، والوزن وجمعوا بيانات عن العمر والحالة الزوجية وتناول الكحول، ومرض السكري، وتناول الادوية. وحتى، ومع اخذ كل العوامل الاخرى بنظر الاعتبار فإن الاشخاص من ذوي المشاعر الايجابية كان لديهم ضغط دم منخفض، مقارنة بالذين كانت نظرتهم سلبية. وفي المتوسط فإن الناس الذين كانت لديهم اعلى المشاعر الايجابية رصد لديهم اقل ضغط للدم.

* التفاؤل وأمراض القلب

* ضغط الدم المرتفع سبب مهم لمرض الشرايين التاجية. وان كان التفاؤل يخفض من خطر ارتفاع ضغط الدم، فهل بمقدوره ايضا الحماية من ظهور مرض الشرايين التاجية نفسه؟

ولأجل الاجابة على هذا، فقد قام باحثون من جامعتي هارفارد وبوسطن بتقييم حالات 1306 رجال، بلغ معدل اعمارهم 61 سنة. وتم تقييم الاسلوب التعليلي للتفاؤل او التشاؤم لدى كل متطوع، إضافة الى قياس وتقييم ضغط الدم، الكوليسترول، السمنة، التدخين، تناول الكحول، والتاريخ العائلي للاصابة بأمراض القلب. ولم يكن أي من الرجال مصابا بمرض في الشرايين التاجية عند بدء الدراسة. وفي غضون السنوات العشر اللاحقة، كان احتمال ظهور امراض القلب اكثر بمرتين لدى المشاركين من الرجال الأكثر تشاؤما، مقارنة بالرجال الأكثر تفاؤلا، حتى مع أخذ عوامل الخطر الاخرى بنظر الاعتبار.

* التفاؤل والصحة العامة

* التفاؤل يبدو وكأنه يحمي القلب والدورة الدموية- كما ان بمقدوره ربما، تقديم نفس الفوائد للصحة العامة.

وقد أقيمت دراسة موسعة قصيرة المدى، الصلة بين التفاؤل وبين الصحة العامة لـ 2300 من البالغين الكبار. وخلال سنتين، كان الاشخاص من ذوي النظرة المستقبلية الايجابية يظلون على الأغلب في وضعهم الصحي ويتمتعون بحياتهم الخاصة، اكثر من أقرانهم الأقل تفاؤلا.

البقاء بصحة جيدة على مدى عامين، شيء ـ والبقاء لفترة طويلة، شيء آخر. الا انه ولـ 447 من المرضى الذين تم تقييم التفاؤل لديهم كجزء من التقييم الطبي العام بين عامي 1962 و 1965، كانت فوائد النظرة الايجابية مرغوبة فعلا. وعلى مدى 30 سنة فان التفاؤل كان على صلة بنتائج نهائية افضل في ثمانية مقاييس للوظائف الجسدية والعقلية وللصحة.

* التفاؤل والنجاة

* من الواضح ان الناس الأصحاء يعيشون عمرا أطول. وان كان التفاؤل يحسن الصحة فعلا، فان عليه ان يزيد طول العمر ايضا- ووفقا لدراستين من الولايات المتحدة ودراستين أخريين من هولندا، فانه يقوم بذلك! الدراسة الاميركية الاولى قيمت 839 شخصا في بداية الستينات من القرن الماضي، ونفذت اختبارا نفسيا حول التفاؤل – التشاؤم، إضافة الى فحوص طبية. وعندما فحص الاشخاص بعد 30 سنة من ذلك، ارتبط التفاؤل بطول العمر: فكل 10 نقاط زيادة في التشاؤم في اختبار التفاؤل – التشاؤم النفسي، قابلتها معدلات زيادة في الوفيات بلغت 19 في المائة. ودققت دراسة اخرى أحدث في حالات 6959 طالبا أدوا امتحانا شاملا حول الشخصية لدى دخولهم جامعة نورث كارولاينا في منتصف الستينات من القرن الماضي. وخلال السنوات الـ 40 التالية، توفي 476 من اولئك الطلاب لأسباب عديدة، كان السرطان اكثرها شيوعا. وعلى كل حال فقد ادى التشاؤم الى نسبة عالية منها: فقد كانت نسبة الوفيات لدى الطلاب الاكثر تشاؤما اعلى بنسبة 42 في المائة من الطلاب الاكثر تفاؤلا.

اما الدراستان الهولنديتان فقد جاءتا بنتائج مماثلة. ففي الاولى درس العلماء 545 رجلا اصحاء لم يكن لديهم مرض في القلب او مرض السرطان لدى تقييم التفاؤل الطَبْعي لديهم سنة 1985. وخلال السنوات الـ 15 التالية، قل لدى المتفائلين خطر الوفاة بامراض القلب والاوعية الدموية بنسبة 55 في المائة، مقارنة بالمتشائمين، حتى مع اخذ عوامل خطر امراض القلب والاوعية الدموية والكآبة بنظر الاعتبار.

اما الدراسة الاخرى من هولندا فقد قيمت 941 رجلا وامرأة تراوحت اعمارهم بين 65 و 85 سنة. وظهر ان الاشخاص الذين اتسموا بالتفاؤل الطَبْعي قل لديهم خطر الوفاة في غضون تسع سنوات من المتابعة، بنسبة 45 في المائة.

* آليات محتملة

* وان اخذت هذه الدراسات معاً، فانها تشير باستمرار الى ان التفاؤل جيد للصحة. ولكن لماذا؟ وما الذي يضع الفضة في الوشاح الفضي (للغيمة المتلبدة)؟

ان المتشائمبن قد يفترضون ان هذا التأثير ربما يكون ظاهريا أكثر من كونه تأثيرا حقيقيا. فالناس الاصحاء غالبا ما تكون لديهم نظرة باهرة للمستقبل مقارنة بالآخرين، ولذلك وربما يكون التفاؤل في الواقع ناتجا عن الصحة الجيدة، وليس العكس. وللرد على هذه الفكرة يمكن للباحثين اعادة ضبط نتائجهم، بدراسة المشاكل الصحية الموجودة قبل اجراء البحث، ومنها السكري، امراض القلب، ارتفاع ضغط الدم، والمشاكل العقلية مثل الكآبة. وقد اشارت الدراسات التي تم فيها أخذ هذه العوامل بالاعتبار، الى ان وجود المشاكل الصحية لن يقلل من فوائد النظرة المستقبلية الايجابية على الحياة. وإضافة الى ذلك، فان متابعة الاشخاص لـ 15، 30 و 40 سنة قادت الى تمكين العلماء من تقليل أي تأثيرات غير دقيقة على نتائج الابحاث.

التفسير الآخر هو تفسير سلوكي. فمن المحتمل ان يتمتع المتفائلون بصحة افضل وحياة اطول مقارنة بالمتشائمين، لانهم يتبعون اسلوبا صحيا في حياتهم، وينشئون شبكة اجتماعية داعمة لهم، ويحصلون على رعاية صحية افضل. وتبشر بعض الدراسات بأن المتفائلين هم على الاغلب من ممارسي التمارين الرياضية واقل تدخينا، ويعيشون مع شركاء حياتهم، ويطبقون النصائح الطبية مقارنة بالمتشائمين. الا ان التفاؤل لا يرتبط عموما بالنظام الغذائي الافضل او برشاقة الجسم، بل وحتى ومع ضبط النتائج لأخذ عوامل خطر امراض القلب والاوعية الدموية، فان التأثيرات المفيدة للتفاؤل تظل موجودة.

وإضافة الى المزايا السلوكية للتفاؤل فانه قد يقدم فوائد بيولوجية تحسّن الصحة. وقد وجدت دراسة اجريت عام 2008 على 2873 رجلا وامرأة من الاصحاء، ان النظرة الايجابية للحياة ارتبطت مع مستويات منخفضة من هرمون التوتر «الكورتيزول»، حتى مع اخذ عوامل العمر، العمل، الدخل المادي، العِرق، السمنة، التدخين، والكآبة في الاعتبار. ولدى النساء، لا الرجال، فان النظرة البهيجة الطَبْعية ارتبطت كذلك مع انخفاض علامتين للالتهابات (سي-ريأكتيف بروتين وانترلوكين-6) C-reactive protein and interleukin-6 اللتين تنبئان بمخاطر النوبة القلبية والسكتة الدماغية. والفوائد الأخرى المحتملة تشمل انخفاض مستويات الأدرينالين، وتحسن وظيفة المناعة، وتدني نشاط نظام تخثر الدم. واخيرا فان الوراثة يمكنها ان تفسر بعضا من هذه الارتباطات، فمن المحتمل ان تحدد الجينات المتوارثة لدى بعض الناس سمة التفاؤل، وهذه هي نفس الجينات التي تؤثر مباشرة على الصحة وطول العمر.

* سماء صافية

* هناك حاجة لإجراء دراسات اكثر لتوضيح الصلة بين التفاؤل وبين الصحة الجيدة. وعلى الاكثر فان هناك عدد كثير من الآليات التي تلعب دورها في ذلك.

الشخصية البشرية معقدة، ولا يعرف الاطباء إن كان التفاؤل جزءا من التركيبة العصبية للانسان، او ان التفاؤل الطَبْعي ينمو مع تنشئة الطباع البشرية. وهم اليوم يواصلون مراكمة أدلتهم حول صلة التفاؤل بالصحة الجيدة.

دز ياسر متولى

http://yassermetwally.com

تساؤلات حول فترة النوم الصحية

ديسمبر 12, 2008

مقدمه 
 
س: سمعت بنتائج دراسة وجدت ان الناس الذين ينامون بين ست ساعات ونصف وسبع ساعات كل ليلة، يعيشون حياة اطول من الذين ينامون ثماني الى تسع ساعات. ما هي الفترة الصحيحة للنوم؟

ج: انك تطرح سؤالا مهما، الا ان من الصعب الاجابة عنه. وذلك لما يلي:

تصور انك تشرع في تنفيذ دراسة مثلى، أي من افضل الدراسات، للاجابة على هذا السؤال. اولا: ينبغي عليك ادخال عدد كبير من الناس فيها – ربما نحو 100 الف شخص. ثم، عليك ان تطلب عشوائيا، أي كيفما اتفق، من عدد منهم ان يناموا خمس ساعات كل ليلة، وتطلب من آخرين النوم ست ساعات، ثم من آخرين ثماني ساعات، وهكذا دواليك. كما ينبغي عليك ايضا ان تفكر بوسيلة ما للتأكد من ان المشاركين قد نفذوا فعلا الطلبات بالنوم لفترتهم المحددة. وبعد ذلك عليك مراقبة صحة المشاركين – لعقود من السنين.

* نتائج إحصائية

* وكما ترى فان مثل هذه الدراسة المثلى ليست عملية.. لذلك، فإن الذي يحصل بدلا عنها، هو اجراء دراسات الملاحظة، التي تضع بعد مراقبة حالات الناس لسنوات كثيرة، علاقة احصائية بين عاداتهم والنتائج الصحية التي ظهرت بممارسة تلك العادات.

وقد توجهت دراسات عديدة من هذا الصنف، الى المشاركين بالسؤال عن عادات النوم لديهم. ولم تظهر نتائجها تطابقا كاملا. الا ان غالبيتها تفترض ان ابتعاد الانسان عن «الفترة الجميلة» التي يرقد فيها لفترة تتراوح بين ست وثماني ساعات، يقود الى تعرضه اكثر لاخطار الوفاة.

الا ان دراسات الملاحظة لا يمكنها ان تبرهن على الاسباب (التي تؤدي الى تلك الاخطار)، ولهذا فإنها لا تستطيع ان تشير مثلا الى ان تغيير فترة النوم من فترة ست الى سبع ساعات خلال العشرين سنة المقبلة، سوف يساعد على اطالة العمر.

وقد وجدت دراسة ممتازة من جامعة بنسلفانيا، ان الناس الذين ينامون لفترة تقل عن ثماني ساعات في الليلة، رصدت لديهم مستويات أدنى من الأداء الادراكي مقارنة بالأشخاص الذين ينامون ثماني ساعات او اكثر. وإن كان ذلك صحيحا، فان عليك ان تنام لفترة ثماني ساعات ونصف الساعة كل ليلة، إن كان هدفك هو النهوض بفكر صاف، لكن عليك النوم بين ست وسبع ساعات ان كنت تريد العيش لعمر اطول! ما الذي ينبغي عليّ عمله؟ كقاعدة، فاني انام سبع ساعات كل ليلة في ايام العمل، وثماني ساعات في يومي عطلة نهاية الاسبوع، لأن هذه هي الفترات التي احتاجها لكي اشعر بوضع افضل. ان كل الدراسات التي تحدثت عنها تقدم لنا اجابات «في المتوسط». ومع ذلك فاننا اشخاص مختلفون، وبعض الناس يحتاجون الى فترة نوم اكثر من الآخرين. واعتقد ان بمقدورك ان تحدد فترة النوم لنفسك شخصيا وفقا لمتطلباتك، وذلك بالإنصات الى حكمة بدنك

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

8 خطوات.. لتعزيز مناعة الجسم

ديسمبر 11, 2008

مقدمه

جهاز حيوي للدفاع ضد الميكروبات وضغوطات الحياة اليومية

 لجهاز مناعة الجسم أهمية خاصة وعالية في تعزيز قدرات الإنسان على مقاومة عدوى الأمراض الناجمة عن الفيروسات والبكتيريا والفطريات والديدان والطفيليات. وكذلك له أهميته العالية في مقاومة الجسم لتأثيرات العوامل البيئية الضارة، بأنواعها الفيزيائية والكيميائية والاجتماعية، كالإشعاعات والتلوث البيئي وضغوطات توتر الحياة اليومية وغيرها.معلوم أن غالبية الأمراض، بخلاف الإصابات وأذى النفس، إنما هي ناتجة عن تأثيرات الميكروبات والعوامل البيئية. ولذا فإن حرص الإنسان على رفع كفاءة عمل هذا الجهاز الحساس أساس في حفاظه على قدرات بدنية عالية للقيام بمتطلبات الحياة وأعبائها. كما أنها الأساس في حماية جسمه من الأمراض. وإلا فإن الأمراض الميكروبية ستتكالب على الجسم لتنهش في قواه وسلامة أعضائه. وسيغلب على الإنسان ذاك الخمول وتدني القدرات على أداء الأنشطة اليومية.

* تعزيز جهاز المناعة

* ولأحدنا أن يسأل: هل هناك من طرق، يُمكن اتباعها، لرفع قدرات جهاز مناعة الجسم، وللحفاظ على مستوى عالٍ من تلك القدرات؟ والإجابة هي: نعم، ثمة عدة أمور يُمكن بالاهتمام بها رفع تلك القدرات التي تُمكن جهاز مناعة الجسم من خدمة الجسم والحفاظ عليه. والشأن هنا لا يبدأ بالذهاب إلى الأطباء ولا بشراء أصناف الأدوية من الصيدليات، بل من نوعيات ممارسة الحياة اليومية ما يتم خلالها من طريقة للعيش.

وبالمراجعة لمجموعة من الإصدارات الطبية، يُمكن تلخيص ثمانية عناصر مساعدة على تعزيز قدرات جهاز المناعة.

* النوم الكافي ليلا

* ان نوم الشخص البالغ ما بين سبع إلى ثماني ساعات ليلا، أمر مفيد للغاية في ضبط عمل أجهزة الجسم. والدراسات التي تناولت شأن أهمية النوم الليلي، ولمدة كافية منه، أثبتت جدوى ذلك في رفع مناعة الجسم وتقليل الإصابة بالأمراض المزمنة، كأمراض شرايين القلب والسكري والسمنة والربو وغيرها. وتشير المصادر الطبية إلى أن الدراسات المقارنة أثبتت أن النوم الليلي يُسهم في تقليل الإصابات بنزلات البرد وغيرها من الأمراض الفيروسية والبكتيرية، وفي تسريع معالجتها، وفي رفع قوة استجابة الجسم لأنواع لقاحات الأمراض المُعدية.

ولذا فإن أول العناصر التي من المهم العناية بها، أسوة بممارسة الرياضة وتناول الأغذية الصحية، إعطاء الجسم قسطاً كافياً من النوم الليلي.

* شرب الماء

* تناول الكمية اللازمة للجسم من الماء وسيلة لإمداد الجسم بحاجته من هذا العنصر الغذائي الحيوي. وضرورة الماء للجسم تنبع من دوره في تسهيل نقل العناصر الغذائية لأجزاء الجسم المختلفة، وإلى خلايا المناعة المنتشرة في كافة أنسجة الجسم، القريبة والبعيدة، عبر الدم، وتسهيل تنقل خلايا مناعة الجسم عبر الأوعية الليمفاوية. والماء له دور في تسهيل حصول التفاعلات الكيميائية الحيوية اللازمة لإنتاج الطاقة وإنتاج الكثير جداً من المواد الكيميائية الفاعلة في الجسم وأنسجته، ومن أهمها المواد الكيميائية المعنية بشأن تفاعلات جهاز مناعة الجسم. كما أن توفر الماء يُسهل إخراج السموم من الجسم ويحرم الميكروبات من فرص دخولها إلى الجسم وتكاثرها فيه. ومن أبسط الأمثلة ما يُؤدي إليه جفاف أغشية الجهاز التنفسي العلوي في تسهيل حصول الالتهابات الميكروبية فيه.

وعلامة حصول الجسم على الكميات الكافية من الماء، إخراج الإنسان لبول فاتح اللون.

* تناول الأطعمة الصحية

* تناول تشكيلة من وجبات الطعام المحتوية على الخضار والفواكه والبقول والحبوب الكاملة ومشتقات الألبان واللحوم والمكسرات، أساس في تغذية الجسم بالعناصر الغذائية اللازمة لإنتاج الطاقة وبناء أنسجة الجسم. وأساس أيضاً في تزويد الجسم بالمعادن والفيتامينات، اللازمة لإنتاج وإجراء التفاعلات الكيميائية الحيوية بالجسم. وأحد أهم المظاهر المشتركة لنقص العديد من الأملاح أو الفيتامينات، تدني مناعة الجسم وسهولة الإصابة بالأمراض الميكروبية.

ولذا فإن تتبع مدى وجود نقص للمعادن أو الفيتامينات بالجسم، ومعالجة ذلك بتعويض الجسم بها، خطوة مهمة نحو رفع كفاءة عمل جهاز المناعة.

ويجب الحرص على حفظ وزن الجسم ضمن المعدلات الطبيعية، بتناول كمية متوازنة ولازمة من الأطعمة، حفاظاً على عمل جهاز المناعة بشكل طبيعي.

وكذا الحرص على تناول الأطعمة الطازجة، ما أمكن. وتقليل تناول الأطعمة الجاهزة.

* تخفيف الإجهاد والتوتر

* ومن أولى خطوات معالجة الإصابات بالأمراض الميكروبية، اللجوء إلى الراحة وتجنب الإجهاد النفسي والبدني. ويُؤدي التوتر النفسي والقلق والاكتئاب إلى خفض مستوى نشاط مناعة الجسم، وإلى سهولة الإصابة بالأمراض المُعدية والتأثر بالملوثات البيئية. وهناك تأثيرات مباشرة لهذه الاضطرابات النفسية وتأثيرات غير مباشرة على مناعة الجسم. عبر تأثيرها على النوم والغذاء والنشاط البدني وعمل أجهزة وأعضاء الجسم والتعرض للمؤثرات البيئية وغيرها.

* الامتناع عن التدخين

* وحينما يُدخن الشخص، فإنه يُعرض جسمه لأكثر من 4000 مركب كيميائي، 60 منها معلوم أنها قد تتسبب بأحد الأمراض السرطانية. وغني عن الذكر أن التدخين يرفع من احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، بشقيها المُعدي وغير المُعدي. وتتأثر خلايا مناعة الجسم المنتشرة بشكل خاص على أغشية الجهاز التنفسي، من الأنف وحتى الرئة. ومعلوم أن من مهام هذه الخلايا ملاحظة ومقاومة الميكروبات التي قد تدخل عبر هذا المنفذ إلى الجسم. وتشير المصادر الطبية إلى أن التحسن في نشاط وكفاءة جهاز مناعة الجسم يبدأ بعد شهر من التوقف عن التدخين.

* ضبط المضادات الحيوية

* تُستخدم المضادات الحيوية كأحد وسائل معالجة الأمراض البكتيرية. ويؤدي سوء استخدام هذه المضادات الحيوية، بأشكال عدة، إلى عدم قدرة جهاز مناعة الجسم على مقاومة البكتيريا. كما أن كثرة تناولها، وبلا داع طبي، يُربك تفاعلات جهاز المناعة مع أنواع البكتيريا الموجودة في الجسم أو التي قد تُصيبه.

ولذا فإن مقاومة الإصابات البكتيرية تتطلب اللجوء إلى الأطباء للتأكد من مدى الحاجة إلى تناول المضاد الحيوي. كما تتطلب اتباع الوسائل العلاجية الطبيعية المفيدة في القضاء على الميكروبات.

* ممارسة الرياضة البدنية

* وهناك عدة آليات، يتم من خلالها عمل ممارسة الرياضة البدنية على تنشيط عمل جهاز مناعة الجسم. منها ما يتعلق بتنشيط القلب والرئة والدورة الدموية والأوعية اللمفاوية، وبالتالي تغلغل خلايا المناعة في الجسم بشكل واسع وكاف. ومنها ما يتعلق بالتغيرات الهورمونية والكيميائية في الجسم نتيجة ممارسة الرياضة البدنية. ومنها ما يتعلق بتنشيط كفاءة عمل أعضاء الجسم، كالعضلات والمفاصل والجهاز الهضمي والكبد والدماغ والغدد الصماء وغيرها. والمطلوب، والذي ثبتت فاعليته في رفع مناعة الجسم، ممارسة رياضة إيروبيك الهوائية، يومياً لمدة نصف ساعة من الهرولة.

* الضحك والمرح

* العواطف والمشاعر المليئة بالإيجابية، مضمونة في رفعها من مستوى عمل جهاز مناعة الجسم. وهناك العديد من الدراسات الطبية التي أثبتت دور الفرح والضحك والفكاهة في تقليل الإصابات بالأمراض الفيروسية أو البكتيرية الشائعة. وكذلك أثبتت دور نقيض ذلك على مناعة الجسم.

 د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com

التهاب السحايا

ديسمبر 5, 2008

مقدمه

يصيب التهاب السحايا ويعرف أيضا بالحمى الشوكية، الأغشية الثلاثة المحيطة بالدماغ. وعادة ما يحدث بسبب الإصابة بعدوى فيروسية أو بكتيرية أو فطرية تنتقل بصورة مباشرة من الأذن أو تجاويف الجيوب الأنفية إلى المخ أو تنتقل من أى جزء من أجزاء الجسم إلى المخ عبر تيار الدم.

ويعتبر التهاب السحايا الفيروسي الأكثر انتشارا والأقل خطورة وغالبا ما يصيب الأطفال والشباب، أما التهاب السحايا البكتيري فهو أشد خطورة ويؤثر في الأطفال بوجه خاص. وغالبا ما يبدأ هذا المرض المهدد للحياة بأعراض شبيهة بأعراض الأنفلونزا أو الزكام التي تتفاقم بشكل سريع لدى الأطفال لتظهر الأعراض الكلاسيكية للمرض، التي تشمل الحمى والصداع الشديد مع تيبس الرقبة وعدم الرغبة أو النفور من الضوء والقيء، وفى بعض الحالات قد يظهر طفح جلدي، ويصاب الأطفال بحالة من الخمول والنعاس الشديد و الارتخاء.

ولتشخيص المرض بعد المعاينة، يجب أخذ عينة من السائل النخاعي أسفل الظهر وتفحص تحت المجهر لتحديد السبب ونوع العدوى. ولا يتطلب التهاب السحايا الفيروسي ذو الأعراض الخفيفة في العادة علاجا معينا سوى المسكنات لتخفيف الألم ومخفضات الحرارة، حيث أنه يشفى تلقائيا ويتم التعافي بشكل كامل منه خلال أسبوع إلى أسبوعين. أما في حالة الإصابة بالتهاب السحايا البكتيري، فيتطلب الأمر علاجا فوريا بإعطاء المريض المضادات الحيوية عبر الوريد من دون أدنى تأخير. وللوقت هنا أهمية بالغة في الأمر، فالدقائق القليلة يمكنها إنقاذ حياة المصاب. ويتعافى المريض بصورة أبطيء كثيرا من الالتهاب الفيروسي ويتفاوت الوقت اللازم للشفاء من مريض إلى آخر وحتى مع توفر أفضل العلاجات، تحدث الوفاة لقرابة15% من المصابين بهذه الحالة. وقد يسبب المرض الشديد بعض المضاعفات كفقدان السمع أو ضعف الذاكرة.

والجيد هنا أنه من الصعب التقاط عدوى التهاب السحايا الجرثومي من شخص لآخر، ولحدوث ذلك ينبغي على الطفل استنشاق رذاذ شخص مصاب بالمرض لعدة ساعات حتى تنتقل العدوى له. ويمكن منع انتشار العدوى بين الأشخاص القريبين من المصاب بفاعلية عن طريق إعطائهم مضادات حيوية لمدة يومين.

ويوجد لقاح ضد التهاب السحايا وهو متوفر في جميع المراكز الطبية ويعطى للأطفال والكبار للوقاية من المرض.

د. ياسر متولى

http://yassermetwally.com