مقدمه
زرع أجهزة خاصة واستخدام المنظار والحث الكهربائي وحقن مادة الأوزون
مشكلة الألم من المشكلات الصحية التي تواجه الملايين من البشر، ولا يعرف الألمَ وشدته إلا من يكابده. والألم معاناة بغض النظر عن الوقت الذي يستغرقه ومن حق مرضى الآلام أن يعيشوا في أمان وسلام، فبدون ألم.. الحياة أفضل. كان الألم، خاصة المزمنه يمثل كابوسا مفزعا للمرضى، أما الآن فمع التطور العلمي في مجال الطب عامة وعلاج الآلام خاصة أصبح بالإمكان تسكين وتخفيف معظم هذه الآلام.
* ألم حاد ومزمن
* وهناك فرق بين الألم الحاد والمزمن، فالألم الحاد هو عرض مرضي ينجم عن التهاب أو إصابة أنسجة الجسم «كآلام الحروق» . والألم الحاد في كل الأحوال هو لحماية الجسم وتنبيهه وتقليل الخطر الذي قد يحدث، فعند لسعة النحلة أو النار فان جسم الإنسان يبتعد لاإراديا عن مصدر الألم في اقل من لحظة.
وقد يتحول الألم من المسار الحاد إلى المزمن إذا لم يعالج بصورة سريعة وفعالة وقد يكون ذلك نتيجة للتغيرات التي قد تحدث من جراء استمرار إشارات الآلام للجهاز العصبي المركزي وعندها يصبح الألم المزمن مرضاً وليس عرضاً ولا يستجيب للعلاجات المعتادة علما بأن الألم المزمن قد يحدث بدون سبب معروف. وعندما تستمر فترة الألم لمدة تزيد عن ستة أشهر بالرغم من العلاج الدوائي أو بالرغم من عدم وجود سبب معروف أو بعبارة أخرى استمرار الألم لفترة أطول من المتوقع مع اشتداد حدته فهذا هو الألم المزمن.
* الألم وعلاجه
*ان الجمعية العالمية لدراسة وعلاج الألم، قد عرفت الألم «بأنه تجربة عاطفية وحسية مزعجة مترافقة بأذية نسيجية حقيقية أو محتملة أو توصف بألفاظ تعبر عن هذه الأذية». وللتوضيح حدد العالم «لوزر» أربعة أبعاد لمشكلة الألم وهي:
1 ـ الاستقبال الحسي المؤلم، ويكون نتيجة أذية نسيجية من نهايات عصبية كتلك التي في الجلد.
2 ـ الألم، وهو تنبيه حسي مؤلم للجملة العصبية.
3 ـ المعاناة «ثورة العواطف» ، وهي تجاوب عاطفي سلبي يتولد في المراكز العصبية العليا في العقل بواسطة الألم.
4 ـ سلوك الألم، وهو شكل انعكاسي للألم كطريقة الكلام وتعبير الوجه ووضعية الجسد والبحث عن اهتمام الرعاية الصحية وتناول الأدوية ورفض العمل وعدم التغذية. يبقى أن لا نستسلم لليأس أبدا فعدم القدرة على القضاء الكامل على الألم لا يعني عدم القدرة للسيطرة عليه وذلك بتقليل حدته والتعايش معه. علما بأن تقليل الألم بمقدار 50% يعتبر انجازا عظيما واغلب الأحيان يعتبر نجاحا كاملا في علاج الآلام.
لقد أصبح علم معالجة وتدبير الآلام اختصاصا قائما بذاته ويتطلب دراسة واسعة وعميقة وغالبا يتم التخصص لفئة خاصة من أطباء التخدير لأن لهم قدرات ومهارات واسعة كالتدخل الآمن على الأعصاب أو تحت أو فوق الجافية ومعرفتهم التامة بعلم المواد المخدرة والمسكنة. لكن هذا لا يمنع أن يكون هذا التخصص لأطباء يعملون بتخصصات أخرى.
ويمكن تقسيم أطباء علاج الألم إلى:
ـ أطباء طب علاج الآلام: وهم يعتمدون في علاجاتهم على وصف الأدوية العلاجية ولا يستطيعون التدخل بأكثر من ذلك كأطباء الأعصاب.
ـ أطباء علاج الألم الجراحي: وهم يعتمدون على التدخل الجراحي بإجراء العمليات الجراحية في حالة فشل العلاج الدوائي كأطباء جراحة العظام والمخ والأعصاب.
ـ أطباء علاج الآلام بالتدخل اللاجراحي: وهم أطباء يستطيعون علاج الآلام، وأغلبيتهم أطباء تخدير من حاملي شهادة تخصص في علاج الآلام ولهم خبرة واسعة في هذا المجال بطرق التدخل عن طريق الجلد بدون فتح جراحي والذي يتم عادة باستعمال مخدر موضعي مع الأدوات والعلاجات المساعدة وباستخدام تقنيات متطورة حتى يتجنب المريض آثار التدخل الجراحي.
* العلاج اللاجراحي
* مع هذه النوعية العلاجية يستطيع الطبيب الوصول إلى مراكز انطلاق ومسارات إشارات الألم بمساعدة الأشعة القوسية أو المقطعية وتتم معالجتها بحقن الأدوية المسكنة والمعالجة في نفس الوقت في أماكن مراكز الألم أو إحداث حل أو موت للأعصاب بحقن مواد مذيبة للأعصاب الناقلة للألم كما في حالات الآلام السرطانية، أو عن طريق علاج الأعصاب أو جذورها المنبثقة من الحبل الشوكي المسببة للآلام المبرحة بالتردد الحراري أو المغناطيسي أو التبريد.
ويمكن التوصل إلى الأعصاب المسببة للآلام كما هو الحال في آلام ما بعد عمليات العمود الفقري «أو كما يعرف بعمليات الانزلاق الغضروفي» بواسطة التنظير من خلال فوق الأم الجافية في العمود الفقري بدون جراحة، حيث تتم إزالة وإذابة الالتصاق بواسطة سريان المحلول وحقن أدوية وعقاقير خاصة وكذلك بتحريك مقدمة المنظار أو بأداة خاصة.
ويمكن عن طريق المنظار حقن الأدوية المسكنة والعلاجية لإزالة التورم والالتهاب لجذور الأعصاب المسؤولة عن الآلام، كذلك زرع قساطر لضخ المسكنات في مراكز الألم أو زرع قساطر لإحداث مجال تردد كهربائي لتعطيل إشارات الألم إلى المخ.
* طفرة طبية
* ان زرع أجهزة أحدثت طفرة طبية في علاج الآلام، مثل إدخال وتثبيت قسطرة خاصة فوق الأم الجافية على مناطق معينة على الحبل الشوكي في العمود الفقري، التي لها القدرة على إحداث مجال ترددي كهربائي خفيف على الحبل الشوكي «الحث الكهربائي». ويتم ذلك عن طريق جهاز المحفز الكهربائي، الذي يعد طفرة طبية هائلة لغلق وتعطيل مسارات إشارات الألم إلى المخ وبالتالي لا يشعر المريض بالألم. أما الطفرة الطبية الأخرى فهي الضخ الأوتوماتيكي لعقار المورفين وغيره من المسكنات حول النخاع العصبي الذي يحتوي على الغالبية العظمى لمستقبلات المورفين عن طريق مضخة تزرع تحت الجلد بمخدر موضعي، وميزة هذه الطريقة هي صغر الجرعة الموصوفة للمورفين وطول فترة التأثير وارتفاع فعالية التأثير وتقليل الآثار الجانبية للمورفين على جسم الإنسان وتستخدم هذه المضخة لعلاج الآلام السرطانية وغير السرطانية.
* آلام الظهر
* في مجال التطور في علاج آلام الظهر والرقبة و«الانزلاق الغضروفي»، تم التوصل إلى إمكانية شفط الجزء الجيلاتيني من فتق القرص البيني الفقري الضاغط على العصب «كما يعرف للعامة بالانزلاق الغضروفي» وذلك بواسطة إبرة تمر خلال الجلد تحت مخدر موضعي لإزالة الجزء الضاغط على الأعصاب دون جراحة، وباستخدام جهاز الأشعة القوسية وبالتالي تحرير الأعصاب من الضغط المسبب للآلام. ويمكن علاج فتق القرص البيني بحقنه بمادة الأوزون والتي أثبتت الأبحاث الطبية فعاليتها.
وبالإضافة لاضطرابات الفتق للأقراص البينية فيما بين الفقرات، هناك أيضا الآلام الناتجة عن تشققات تحدث في القرص البيني نفسه خاصة في كبار السن ويتم علاجها بالتردد الحراري وبدون جراحة وبدون الاستبدال الجراحي للقرص البيني بآخر اصطناعي. أما في حالات هشاشة العظام والتي قد ينتج عنها تآكل في جسم الفقرة العظمية والتي ينجم عنها آلام مبرحة فيمكن علاجها بحقن مادة تثبيتية في جسم الفقرة المصابة بالهشاشة والتي تنجم عنها إزالة الآلام بالحرارة المتولدة من المادة التثبيتية. وفي نفس الوقت إعطاء دعامة لهذه الفقرات لمنع حدوث مضاعفات خطيرة للمريض.
د. ياسر متولى
اترك تعليقًا